يشير مصطلح السياسة السياسية، الى كل سياسي يوظف نشاطاته السياسية لصالحه الخاص او لصالح جماعته، بعيدا عن الصالح العام وما اكثرهم بيننا!، كان جورج مارشيه محاورا ماهراً وصادقاً في طرح قناعاته السياسية حتى لو ازعجت الاخرين وكان سريعاً، في صياغة العبارات المثيرة التي دخلت التاريخ السياسي الفرنسي...
يعد جورج مارشيه سكرتير الحزب الشيوعي الفرنسي الاسبق (توفى عام ١٩٩٧)، اول من وضع على طاولة الجدل السياسي الفرنسية، مصطلح السياسة السياسية la politique politicienne، (حسب بعض المتابعين)، وكاد ان يكون ضحيته بعد رحيله عن الدنيا بعقدين من الزمن.
يشير مصطلح "السياسة السياسية"، الى كل سياسي يوظف نشاطاته السياسية لصالحه الخاص او لصالح جماعته، بعيدا عن الصالح العام (وما اكثرهم بيننا!)، كان جورج مارشيه محاورا ماهراً وصادقاً في طرح قناعاته السياسية حتى لو ازعجت الاخرين وكان سريعاً، في صياغة العبارات المثيرة التي دخلت التاريخ السياسي الفرنسي واصبحت مادة للبرامج السياسية الجادة والساخرة في آن واحد.
تابع الجمهور الفرنسي جورج مارشيه من خلال مناظراته مع الاعلامي جان بيير الكبش، وهي مناظرات غالبا ما ترتفع سخونتها لدرجة جعلت مارشيه يصرخ بوجه محاوره في احد اللقاءات (اخرس الكبش)!.
استفز ذات مرة الاعلامي الكبش، جورج مارشيه حول مشروع ضرائب على الرواتب العالية، كان الاخير مدافعا عنه بحماس، قائلا له، ( انك تحارب اصحاب الرواتب)، فرفع جورج مارشيه ورقة بيده، واجابه (بانك تجمع عدة رواتب في آن واحد على خلاف كثير من المواطنين الذين يعيشون على راتب واحد)، صمت حينها محاوره الاعلامي مبهوتاً، من ردة فعل مارشيه، ومن طبيعة الورقة التي لوح بها في يده، وبعد نهاية المناظرة وقطع البث التلفزيوني، سأله الاعلامي عن محتوى الورقة التي لوح بها، فاجابه مارشيه (انها ورقة بيضاء فارغة، لوحت بها لأنني اعلم انك سوف تخاف اذا كنت تخفي اشياء على المواطنين).
ورغم نقاء علاقة مارشيه بالشيوعية التي كانت تبدو دالة على تعاطف فطري لصاحبها مع الاتحاد السوفياتي خلال القرن الماضي فانه، كان صريحا وصارماً في الولاء لوطنه "فرنسا"،
سأله صحفي ذات مرة: ماذا يكون عليه موقفك اذا غزت القوات السوفيتية فرنسا!؟ فاجاب دون تردد: (سأكون اول من يحمل السلاح للدفاع عن الوطن ضد الغزاة الشيوعيين السوفيت) وبعد وفاته، وضعت مدينة فيلوجويف، قلعة الشيوعيين، نصبا تذكاريا له في احدى ساحاتها اعترافا بخدماته لها.
وما ان خسر الحزب الشيوعي انتخابات بلدية فيلجويف لصالح الجمهوريين بعد عقدين من الزمن، حتى حاول الفريق الفائز تطبيق "السياسة السياسية"، على نصب جورج مارشيه، فصوتوا على ازالة نصبه من وسط المدينة ووضع نصب العالم في طب السرطان جورج ماثيه بدلا عنه، وبما ان ذاكرة الوطن ليست ملكا لحزب او فرد، فقد، هب سكان المدينة، مدافعين عن تاريخهم، وبرز في مقدمتهم خصم جورج مارشيه السابق، جان بيير الكاباش، محاججاً الجمهوريين بعبارة (لا يمكنكم محو ذاكرة فرنسا السياسية بسهولة).
ربح الجميع المنازلة وربح وطنهم صيانة ذاكرته، وبَقى نصب مارشيه في مكانه، تخيم ذاكرته على الاجيال تباعاً، وعاد خصمه الاسبق، جان بيير الكبش الى سبيله وهو يتأمل بحنين صرخة جورج مارشيه " الصادقة " بوجهه (اخرس الكبش)!.
اضف تعليق