ما بين كل من كيندي وفوكوياما وقع المحظور الامريكي في التعامل مع نتائج تراكمات اعوام من رسائل متتالية من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري عن ادارة مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية في واقعة عدم التسليم من قبل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب حينما وظف مجموعات ولائية خارج السباق الدستوري لرفض خسارته الانتخابات...

في كتابه "الاستعداد للقرن الحادي والعشرين" حذر البروفيسور روبرت كيندي من فجوة النظام الرئاسي في البيت الأبيض الذي ليس بعده اي مكتب اخر واليات انتخاب الرئيس الامريكي وتأثير المال الانتخابي على قرار الرئيس المنتخب في مؤسسة مطلوب منها ادارة مصالح متعددة الجنسيات وتواجه السؤال الكبير الدائم من الأصدقاء والاعداء على حد سواء، ما يمكن ان يكون عليه الموقف في البيت الأبيض من هذه او تلك من المواضيع الساخنة.

وما بين كتابه عن نهاية التاريخ وكتابه عن اعادة بناء الدولة، تتوقف طروحات البروفيسور فرانسيس فوكوياما عند معالم التحول في التفكير الاستراتيجي من عالم مزدوج الاقطاب الى عالم تتسيد فيه الافكار الليبرالية بمختلف انماط الحكم ملكية كانت ام جمهورية، لكن هذه النهاية سرعان ما بدات عند فوكوياما في سياق جديد ينطلق من تلك الحثييات التي انتهى عندها كيندي عن ازمة نظام الحكم، فأخذ يضع قواعد متجددة لاعادة بناء الدولة الليبرالية على وفق التطورات التي وقعت خلال عقد ونيف من عمر القرن الحادي والعشرين الذي وضع كيندي لبنات الاستعداد الاستراتيجي الامريكي له في كتابه الذي حاولت ان اجد في حينه اي كتاب عربي يحمل مثل هذا العمق في النظرة الاستراتيجية.

ما بين كل من كيندي وفوكوياما وقع المحظور الامريكي في التعامل مع نتائج تراكمات اعوام من رسائل متتالية من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري عن ادارة مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية في واقعة عدم التسليم من قبل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب حينما وظف مجموعات ولائية خارج السباق الدستوري لرفض خسارته الانتخابات.

عندما اقتحمت هذه الجماعات التي اسست عامي 2017 و 2018 بعناوين شعبوية تتعارض مع العقد الاجتماعي الدستوري الذي وضعه الآباء المؤسسين فاحدث ذلك الشرخ الذي حذر منه كيندي في استعداده للقرن الحادي والعشرين ويحاول فوكوياما ترميمه باعادة صياغة بناء الدولة .

السؤال الاهم اليوم ما الخطوة المقبلة في هذا الشرخ؟

لا اعتقد ان فتنة ترامب يمكن ان تظهر خلال عهد الرئيس المنتخب جو بايدن الا في خطوات ربما ترقيعية لإخفاء آثام هذه الفتنة، وقد تستغرق من ادارته السنوات الأربع لادارته مما يجعل أولوية الضيف الجديد في البيت الأبيض فيما تمنح الامور الخارجية خطوطا متواضعة لديمومة الحالة الأمريكية في قيادة العالم.

الامر الثاني ان الكثير من الأنظمة الليبرالية الشوهاء في الدول المنتقلة من الحكم الدكتاتوري الى الحكم الليبرالي، وهي تشهد هذا الشرخ ستحاول تصدير خطابات شعبوية ان واقعهم افضل حتى من الفتنة الترامبية، وهذا ما ظهر في منصات التواصل الاجتماعي العراقية على سبيل المثال خلال الساعات القليلة الماضية وربما المقبلة.

ثالث هذه الأموران الكثير من منظمات دولية تروج للنظام الليبرالي ومنها المعهد الديمقراطي الأمريكي، ستواجه تساؤلات مثيرة عن هذه الفتنة الترامبية وكيفية المقارنة بينها وبين مشروعية دستورية للنظام الليبرالية التي تبشر بها!

الامر الاخير في هذه المقاربة، ان لا يفرح الكثير من الشامتين بالفتنة الترامبية واعتبرها بداية للانهيار في دولة الولايات المتحدة الأمريكية، لسبب بسيط ان دولة المؤسسات تستمع لاصوات مثل كيندي ا فوكوياما، فيما الكثير من هؤلاء الشامتين ليس باستطاعتهم الاستماع إلى اصوات النخب والكفاءات الاكاديمية والمثقفة، الا حينما تردد ذات نغمات اجنداتهم الحزبية ولله في خلقه شؤون!

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق