رغم أخذ إيران التهديد الترامبي على محمل الجد خاصة بعد حادثة اغتيال أهم علماءها النوويين محسن زاده وتحرك إحدى أكبر حاملات الطائرات الأمريكية إلى قرابة سواحلها، مع توعد إيران برد ساحق حال شن أي هجمات عسكرية ضد منشئاتها، إلا أن طهران ما زالت تمني النفس...
اتخذ دونالد ترامب الذي يحاول التمسك بمكتبه البيضاوي ويرفض الاعتراف بفوز منافسه جو بايدن بحجة تزوير الانتخابات، اتخذ خطوات مؤخرا تنذر بإشعال الولايات المتحدة والعالم بدء من إقالة وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر بالإضافة إلى مسؤولين كبار في وزارة الدفاع الأمريكية مرورا بإعادة التموضع الستراتيجي الأمريكي في المحيط الهندي وصولا إلى التحليق الإسرائيلي المكثف على علو منخفض جدا في الأجواء اللبنانية بعد الإعلان عن إسقاط طائرة مسيرة تابعة لحزب الله.
قبل أن يتطور الحال باغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده وتوجيه أصابع الاتهام إلى أمريكا وإسرائيل على الفور، فيما تربع على عرش مؤشرات نذير الحرب تحرك حاملة الطائرات (يو إس إس نيمتز) إلى الخليج مع سفن أخرى، مما يشير إلى عزم ترامب الذي يعد أول رئيس أمريكي منذ تولي جيمي كارتر لم يشن حربا خارجية منذ وصوله إلى البيت الأبيض، لكنه قد يفعلها في الساعات الأخيرة من حكمه ويتوجه بضربة عسكرية لإيران أو حلفاءها.
الإشارات لم تقتصر على قرارات ترامب المثيرة للجدل بل تعدتها إلى تسريبات صحف أمريكية مرموقة أهمها نيويورك تايمز إضافة إلى تصريحات رسمية إيرانية تعهدت برد ساحق مع عدم استبعاد أمين حزب الله حسن نصر الله أي هجمات أمريكية، فهل ينهي ترامب عهده عسكريا ليشعل أمريكا والمنطقة بعدما أنهك خصومه بالعقوبات؟، قد يفعلها بحسب مراقبين حتى في الساعات الأخيرة قبل انتهاء ولايته بهدف حرمان بايدن من أي تسوية مقبلة مع إيران والعودة إلى الاتفاق النووي الذي خرج منه ترامب عام 2018.
سيناريوهات الحرب
لم يكد ترامب يقيل وزير دفاعه مارك اسبر حتى خرج حسن نصر الله في خطاب له بتاريخ 14/آب الماضي للحديث عن خيارات مفتوحة بنهاية عهد ترامب التي قد تشعل الحرب، كما تحدثت وسائل إعلام أمريكية عن إمكانية ترامب لشن هجمات ضد خصومه قبل مغادرته للبيت الأبيض، بعد أن استدعى كبار مستشاريه للبحث حول إمكانية توجيه ضربة عسكرية خاطفة لطهران، ليبدو أن محاولة كبار المستشارين ثني ترامب عن المضي قدما خوفا من تصعيد يودي بحرب شاملة بالمنطقة لم تفلح بشكل نهائي، بعد أن صرح باستمرار بحثه عن سبل لهجمة محتملة التي ستستهدف غالبا منشأة نطنز الإيرانية سواء بصواريخ عسكرية أو هجوم الكتروني، مما حدا بمسؤولين في البنتاغون التعبير عن مخاوفهم في صحيفة نيويورك تايمز بأن تقوم إدارة ترامب بعمليات علنية أو سرية ضد إيران خلال الأسابيع الأخيرة المتبقية لها في البيت الأبيض، في ظل أنباء عن إعطاء ترامب الكونغرس إخطارا رسميا يتعلق بنقل كميات ضخمة من الأسلحة إلى الشرق الأوسط تتضمن 50 طائرة من طراز F35 و MQ-9 Reapers 18 وذخائر بقيمة 10 مليارات دولار بينها آلاف القنابلMk 82 والقنابل الموجهة.
وسائل إعلام عربية سربت أيضا أنباء عن اتصالات أمريكية مع جهات عسكرية في المنطقة تمهيدا لعمل عسكري مفاجئ ضد إيران، حتى الصحف الإسرائيلية بدأت الترويج لهذا العمل العسكري ابتداء بفرض عقوبات مشددة على إيران لمنع بايدن من العودة إلى الاتفاق النووي وصولا لتوجيه ضربة عسكرية على عدة أهداف في إيران قبل 20/يناير موعد تسلم بايدن للسلطة، وفق سيناريو يتضمن ضربات محددة وليست حربا شاملة، بحيث تشن إسرائيل ضربة مركزة ضد المنشئات النووية في إيران والتي سترد بقصف منشئات لإسرائيل وحينها تتدخل الولايات المتحدة لتسحق المنشئات النووية الإيرانية قبل وقف العمليات وسحب قواتها، مما سيحمل بايدن إرثا ثقيلا لا يمكن بعده عقد أي اتفاق مع طهران.
اطمئنان طهران
رغم أخذ إيران التهديد الترامبي على محمل الجد خاصة بعد حادثة اغتيال أهم علماءها النوويين محسن زاده وتحرك إحدى أكبر حاملات الطائرات الأمريكية إلى قرابة سواحلها، مع توعد إيران برد ساحق حال شن أي هجمات عسكرية ضد منشئاتها، إلا أن طهران ما زالت تمني النفس بحقائق قد ترد حرب الدقائق الأخيرة عنها، بينها انتماء ترامب إلى شريحة سياسيين ترفض الحروب الخارجية، فانسحبت أمريكا بعهده من زعامة العالم في الحروب والنزاعات، ووصل الأمر به إلى اعتبار غزو العراق أكبر أخطاء واشنطن.
ومن ناحية دستورية تنحصر سلطة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته عسكريا بحماية البلاد من أي اعتداء خارجي وليس شن الحروب، مما يستوجب الحصول على تقارير من 13 جهازا إستخباراتيا أمريكيا تؤكد وجود تهديد إيراني لأمن الولايات المتحدة، وهو ما لا يمكن لترامب الحصول عليه خلال الأيام المقبلة المعدودة في البيت الأبيض، إضافة إلى علاقة ترامب المتوترة مع القادة العسكريين بعد إقالة وزير الدفاع، الأمر الذي يحد من تأثيره عليهم حال قرر شن هجمات على إيران، كما أن تورطه في حرب بنهاية عهده قد يحد من حظوظه حال إعلانه للترشح على الانتخابات الرئاسية مرة أخرى عام 2024.
من ذاكرة البيت الأبيض
في تاريخ الولايات المتحدة أمثلة كثيرة عن رغبة أمريكية بتوجيه ضربة اللحظات الأخيرة لإيران، بينها الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس جورج بوش الابن عام 2008 عندما ساعدت إسرائيل القلقة من إدارة باراك أوباما حينها للحصول على قنابل خارقة للتحصينات وقاذفات القنابل، إضافة إلى مساعدات استخباراتية من الولايات المتحدة بهدف تنفيذ هجوم إسرائيلي على إيران في الأيام الأخيرة بولاية بوش الابن، إلا أن العملية اقتصرت حينها على شن هجوم الكتروني ضد منشأة نطنز النووية قضى على حوالي 1000 جهاز طرد مركزي نووي إيراني، مما يشير إلى أن الخيارات الأمريكية حاليا ما زالت تتضمن هجمات عسكرية تقليدية أو الكترونية كما أنها قد تجمع الاثنين معا، فهل ستعيد الأيام القادمة ذاكرة الولايات المتحدة عام 2008؟.
اضف تعليق