يمكن اعتبار قوانين الموازنة العامة لما بعد عاما ٢٠٠٤ أحد أبرز تطبيقات مفاسد المحاصصة تنفيذا لاتفاق لندن بين احزاب المعارضة المتصدية اليوم لسلطان الحكم، لان قانون الادارة المالية صمم على اساس تقليص السلطة المركزية للحكومة الاتحادية ومنح الاقليم الكردي والمحافظات غير المرتبطة باقليم صلاحيات أوسع...
يمكن اعتبار قوانين الموازنة العامة لما بعد عاما ٢٠٠٤ احد ابرز تطبيقات مفاسد المحاصصة تنفيذا لاتفاق لندن بين احزاب المعارضة المتصدية اليوم لسلطان الحكم، لان قانون الادارة المالية صمم على اساس تقليص السلطة المركزية للحكومة الاتحادية ومنح الاقليم الكردي والمحافظات غير المرتبطة باقليم صلاحيات اوسع في ادارة الموارد البشرية والمشاريع والأراضي حتى بات الحديث عن تنمية الأقاليم في كل عام لقانون الموازنة الاتحادية ما يثير الجدل عن المتحقق فعلا ناهيك عن عدم التزام جميع الحكومات بملايين شفافية الموازنة الوارد في قانون الادارة المالية.
كل ذلك يطرح السؤال عن موازنة ٢٠٢١ وما فيها من تحديات ديمومة مفاسد المحاصصة والحلول المرجوة ان تكون لتقليص مخاطر ادارة ازمة النقص المتزايد في الأموال والموارد مقابل زيادة في أثقال المصروفات المالية التي دخلت فيها حمى الترويج الانتخابي مبكرا بما جعل هذا النائب او ذاك يطالب بكذا وكذا كل منهم يغازل جمهوره الانتخابي!
مثل هذه التحديات تقلص فرص إقرار سريع لموازنة حلول يمكن تعديل ابوابها حسب واقع المتغيرات السعرية لسوق النفط وسعر صرف الدولار من خلال حزمة اصلاحات تطبيقية تلغي الفوارق الكبيرة في الرواتب من خلال تقليص مخصصات الرئاسات الثلاث والعدد الكبير من الموظفين فيها ..والحد من مصروفات المحروقات وعدد العجلات ..وتطبيق نظام بايومتري لدفع الرواتب للقضاء على الفضائيين ومنع مطلق لتفريغ اي موظف من الاجهزة الأمنية او الدوائر الحكومية للعمل في المقرات الحزبية او وسائل اعلامها ..وهذا وحده يمكن ان يلغي مصروفات تزيد على ٣٠% من مجموع تخصيص رواتب في الموازنة العامة تصرف من الحكومة لموظفي الاحزاب!
هذا التقليص متعدد الخطوط المتوازية يتطلب قرارات صريحة واضحة ومفهومة من قبل الحكومة بصفتها الجهة التي تعد الموازنة ومجلس النواب الذي يشرعها، وبدلا من اطلاق موازنة تشغيلية سنوية يمكن اعتماد موازنة ابواب دوارة شهريا ما بين تقليص مفترض ومطلوب للاجور والرواتب وحتى ما يوصف بالنفقات الحاكمة يمكن اعادة النظر بها، هكذا تكون السياسات المالية قادرة شهريا على تقييم نتائج الاصلاح الاقتصادي المنشود في سياسات تقشفية مفترضة تدار حسب النتائج وليس كما طرحت في الورقة البيضاء بلا تخطيط زمني لإنجاز الاهداف.
هذا التخطيط المرن للمناقلة بين ابواب الموازنة يمكن اعتماده كسياسة حلول لموازنة ٢٠٢١، كما يفترض بمن وضع الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي ان يحول تلك الافكار الى خطط مالية خمسية تربط بين التطبيق الاستراتيجي للإصلاح الاقتصادي وبين الخطط السنوية وتشكيل مجلسا ورايا مكلفا بتطبيق هذه الاستراتيجية حتى مع التغيير الوزاري، على ان تكون هناك لجنة برلمانية مقابلة للمراقبة والتعاون في التشريع، عندها فقط سيكون امام الشعب لاسيما النخب والكفاءات والمثقفين مشروع عمل يمكن دعمه ونقده وتقويمه بدلا من هذا التخبط الممنهج، فقط لتمرير صفقات مفاسد المحاصصة، لكي يرضى هذا او ذاك اجنداته الولائية لهذه الجهة او تلك التي يتبعها اقليميا ودوليا بلا هوية عراقية حاكمة، تقدم مصالح العراقيين على تلك الاجندات الحزبية، فهل نحتاج الى اقامة دعوى امام القضاء لمحاكمة تفضيل اجندات الولاء الإقليمي والدولي على الولاء للمواطنة العراقية، ما يحصل في تكوين وإدارة قوانين الموازنة السنوية يفضحها، ومشروع قانون موازنة ٢٠٢١ الأكثر فضائحية ..ولله في خلقه شؤون!
اضف تعليق