الاولى؛ هي الحكومة الميدانيّة، بدلاً عن حكومة المكاتب والمنطقة الخضراء، والتي من مميّزاتها؛
الف؛ الحضور الميداني على الارض، وفي مواقع العمل، كلٌّ وطبيعة مسؤوليّاته.
باء؛ المتابعة، بدءاً من القرار وحتى تنفيذه مروراً بأدواته.
نحن عندنا الان في العراق حكومة مكاتب لإصدار القرارات والأوامر فقط، والتي تسقط عادة بالضربة القاضية حتى قبل ان يجفَّ حبر توقيع المسؤول الذي يُصدر القرار.
فالقرار لا يتجاوز باب غرفة المسؤول، الذي لا يهتم كثيراً بما اذا تم تنفيذه ام لا؟ المهم عنده هو القرار ذاته، اما التنفيذ، فعلى الله!.
والمسؤول عندنا لا يراه المواطن الا في احد حالتين؛
١/ أوقات الدعايات الانتخابية، اذ ترى المسؤول في كلّ مكان، صوره، اسمه، شعاراته، وعوده، يتوّسل المواطن، يَعِدُهُ بجنّة عرضَها السماوات والأرض، ويُقسم له بالايمان المغلّظة، يصرف عليه من المال العام لتبليط شارع مثلاً او إرساله الى احدى دول الجوار للزيارة او للتطبيب او ما أشبه، حتى اذا خدعَ المرشحُ المواطنَ بمدفئةٍ نفطيّةٍ او ملحفة يتلفّع بها واطفاله اتّقلءاً لبرد الشتاء القارس، وحاز على ثقته، غاب عنه نهائياً، حتى جهاز الهاتف لم يردَّ عليه لان الرقم (غير موجود في الخدمة)!.
لقد أنفق احد أصهار (مختار العصر) ملايين الدولارات على حملته الانتخابية في محافظة كربلاء المقدسة، ووقتها ملأَ السماء والأرض بالوعود الخلّابة والعملاقة.
كان ذلك في العام الماضي ابّان الانتخابات النيابية الاخيرة.
هذه المرّة سألتُ المواطنين عنه في كربلاء وفيما اذا كان قد أنجز لهم شيئاً من وعوده الانتخابية؟!.
كلّ من سألته عنه أجابني بالقول؛ أهوَ حيٌّ ام ميّت؟ هل تعرف عنه شيئاً؟!.
فهمت ان الناخبين لم يسمعوا باسمه ولم يلتقوه حتى عن طريق الصّدفة طوال العام الماضي ابداً، وكأنّه (فص ملح وذاب)!.
هذه الحالة تنطبق على جّل المسؤولين، الا من خرج بدليل.
٢/ عند وضع حجر الأساس او افتتاح المشاريع، وجلّها وهميّة، ففي هذه الحالة، كذلك، يرى المواطن المسؤول بكامل هندامه وقيافته، تحوطه عدسات الكاميرا، وهو لا يدري طبعاً لانه يخشى الرياء كما نعرف جميعاً!.
٣/ في حالة الجولات الميدانية الاستعراضية التي يقوم بها بعض المسؤولين، والتي لم تُنتج لحد الان اي شيء، لانها استعراضية وليست واقعية، هدفها (صوّرني وآني ما ادري)!.
وزير او اكثر (يستنكف) الدّوام في وزارته لأنه اكبر منها بكثير! ولذلك حوّل محل إقامته، الذي استولى عليه من املاك الدولة، حوّله الى مكتب يدير به شؤون وزارته!.
المسؤول عندنا يسكن في المنطقة الخضراء لا يعرف ما الذي يدور خلف اسوارها، فهو لا يشعر بمعاناة الناس، وعلى مختلف الاصعدة، ولذلك لم يبادر لحل، لان الحل بالنسبة له (سالبة بانتفاء الموضوع) على غرار جواب الملكة التي شاهدت يوماً تظاهرة امام قصرها، سألت عن السبب؛ قالوا لها ان الشعب لم يعد يجد خبزاً ليأكله! فقالت لهم؛ ليأكل الكيك، اذن، عوضاً عن الخبز؟!.
العراق بحاجة الى حكومة ميدانية، تتابع القرار ولا تكتفي بإصداره، فلقد اطّلعُت خلال زيارتي الاخيرة للعراق على حالات غريبة، يصدر فيها المسؤول قراراً لا يتم تنفيذه ابداً، وأحياناً لم يتم التبليغ به حتى!.
هذه الحالات تشمل اعلى سلطة، القائد العام للقوات المسلحة، وأدناها!.
ان ذلك سببه ثلاثة أشياء؛
الاول؛ غياب القانون، ولذلك لا أحد يشعر بأهمية القرار فضلاً عن الاحساس بمسؤوليته ازاء القرار وتنفيذه من عدمه.
الثاني؛ غياب الرقابة والمحاسبة والعقوبة، فما الذي يجبر احدٌ على تنفيذ القرار؟.
الثالث؛ اجزم ان هناك عناصر في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها، شغلها الشاغل والوحيد هو العرقلة ووضع العصي في الدواليب لإفشال الدولة.
هذه العناصر تنتمي الى عهدين بائدين، عهد الطاغية وعهد المختار! فضلاً عن النوع الثالث من العناصر والتي تعمل لصالح الارهابيين.
اذا لم يشهد العراق انبثاق حكومة ميدانية بكلِّ معنى الكلمة فلتتأكد حكومتنا الحالية ان قراراتها لا تتجاوز باب الغرف التي تصدر منها وعنها.
الثانية؛ الحكومة الاليكترونية، لنصون كرامة المواطن ونقضي بها على جهود العرقلة التي تبذلها العناصر الفاسدة، وكذلك نقضي بها على الفساد المالي والاداري، وعلى كل انواع الهدر سواء بالوقت او الطاقات او بالمال العام.
ان العراق اليوم يتعرّض الى عملية (شفط) عظيمة جداً لكل مكونات الدولة، بدءاً من الميزانية التي تقف اليوم على حافة الافلاس، ولذلك فمن الصعب جداً مواجهة المخاطر الجمّة التي يتعرض لها العراق وعلى رأسها الارهاب، في ظل شعب يفقد كرامته عند اعتاب الدوائر الحكومية، خاصة المحاكم والتقاعد والتعليم، وفي ظل دولة تتعرّض للشفط بصورة مضطردة.
اضف تعليق