ما إن وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بمعالجة ازدواج الرواتب والرواتب التقاعدية لمحتجزي رفحاء وفئة أخرى غيرهم؛ كإجراء إصلاحي يحقق العدالة الاجتماعية، حتى انطلقت بيانات المنتفعين منددة ومستنكرة هذا الإجراء، فيما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بجدال ونقاش بين مؤيد ومعارض، ولنقف عند تلك الفئات...
ما إن وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بمعالجة ازدواج الرواتب والرواتب التقاعدية لمحتجزي رفحاء وفئة أخرى غيرهم؛ كإجراء إصلاحي يحقق العدالة الاجتماعية، حتى انطلقت بيانات المنتفعين منددة ومستنكرة هذا الإجراء، فيما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بجدال ونقاش بين مؤيد ومعارض.
ولنقف عند تلك الفئات، ونفصل فيها القول لمعرفة حقيقة مظلوميتهم من عدمها: بالنسبة إلى مزدوجي الرواتب من عوائل الشهداء، فنحن لا ننكر تضحياتهم ودماءهم الزكية لكن ممَّا لا شكّ فيه أنَّ بعضهم يتقاضى رواتب تقاعدية أخرى عالية، وبعضهم الآخر من ميسوري الحال، بل إنَّ بعض الشهداء ممَّن يعود زمن استشهاده إلى النظام السابق (في الثمانينات وربما قبلها) لم يعدّ لديه أولاد قاصرين بل ربما غادرنا الأب والأم وليس هم المستفيدين من راتبه الآن.
لذا وضع سقف زمني لتلك الرواتب وتقييدها بمحددات معينة يحل الاشكالية هذه، وبالتأكيد ليس منصفاً مقارنة امتيازات هذه الفئة طوال هذه السنوات بتلك التي يتقاضها ذوو من استشهد في الحرب مع داعش أو ضحايا الإرهاب الذين لم تمض عليهم ربما سنة واحدة.
ولا يعقل أن تستمر كلّ تلك الاستحقاقات والتعويضات والمنح طوال هذه الفترة ويرفضون رفضاً قاطعاً المساس بها. والمفارقة أنهم يتباكون على الشهداء وأبنائهم القاصرين من جهة وعلى البلد وأزمته الاقتصادية من جهة أخرى؟ّ متناسين أن رواتبهم وتعويضاتهم هي أحدى أسباب ارهاق الميزانية، فأين مظلوميتهم؟!
أما رواتب رفحاء فهي تتطلب إعادة نظر بلا شكّ، فأغلبهم استلم تعويضات عظيمة في الفترة الماضية، ولا يمكن أن تستمر إلى ما لانهاية فضلاً عن ان بعضهم يعيش منذ زمن بعيد في الخارج، ولا يستبعد أنهم يستلمون اعانات من دول المهجر، ولا نريد أن ندقق بقانونية استحقاقهم ونكرر ما قاله الخبير القانوني طارق حرب أن كلمة "المحتجزين" لا تنطبق عليهم، فهم كانوا في مخيم للاجئين العراقيين في السعودية، أي كانوا ضيوفاً في السعودية وليس سجناء أو معتقلين، ومن السعودية غادروا إلى دول العالم المختلفة وحسب اختيارهم، ومازال بعضهم هناك!
فأين مظلوميتهم؟! ألا يكفي التعويضات والمنح المستلمة؟ّ!
والأمر نفسه ينطبق على السجناء السياسيين، لا ننكر أنَّ بعضهم تعرض للسجن ولاقى ألوان شتى من التعذيب والتنكيل، لكن التعويضات والمنح التي استلمت في الفترة السابقة تعدّ كافية، ولا يمكن أن تستمر إلى ما لانهاية، ولا أريد أن أدخل في تفاصيل أحقية بعضهم، ممَّن يدعي أنهم من السجناء السياسيين، فالفوضى في العراق جعلت كلّ من دخل السجن في زمن النظام السابق ولفترة قصيرة جداً، يستحق امتيازات السجين السياسي حتى لو لم يكن معارضاً سياسياً بل ليس من السياسيين لا من قريب ولا من بعيد، فأين التجني والظلم وموجبات الاستنكار والتنديد؟!!
الأمر الآخر وهو شامل للفئات أعلاه والقائلين بعدم قانونية ودستورية إجراء أي ايقاف للرواتب، أكرر ما قاله بعض الخبراء القانونيين أنَّ في الدستور الكثير من المواد المبهمة القابلة لعدَّة تفسيرات، لكن من المعروف في كلّ دول العالم أنَّ هذه التعويضات تمنح في الفترة الانتقالية كعدالة انتقالية، هذا من جهة، ومن جهة اخرى هل الاستقطاعات من رواتب الموظفين والمتقاعدين أمر قانوني ودستوري؟ إذن لماذا تعدونه أمراً لا بد منه وتتضامنون مع الحكومة كإجراء للخروج من الأزمة فيما ترفضون المساس برواتبكم كحل للخلاص من عنق الزجاجة!
ومن هنا يجب على الناشطين والحقوقيين والإعلاميين التحرك للضغط على مجلس النواب لتشريع قوانين عادلة تحقق العدالة الاجتماعية وتضع مدد زمنية ومحددات لتلك التعويضات ولا تترك المدة مفتوحة ومستمرة. ونأمل أن يكون السادة النواب بمستوى ما يمرّ به الشعب العراقي من أزمة مالية ويتخذوا خطوات جادة ورصينة لمعالجة هذا الخلل الذي تسبب بحساسية بين طبقات المجتمع بل ولد مظلومية لطبقات المجتمع الأخرى.
اضف تعليق