ورغم كل ذلك لم يرى هذا الشعب المجاهد الرعاية التي يستحقها منكم، بل على العكس اهمال أكبر واستهانة بمشاعر الفئات المضحية، وتصارع من أجل تقاسم السلطات بينكم دون توفير أبسط مستلزمات الحياة، والأمر والأدهى ظهور أغلبكم في وسائل الأعلام مدعياً توفير الخدمات وأنهاء الفقر في العراق...
لم يشهد شيعة أهل البيت في العراق الاستقرار، ولم يعرفوا الأمان منذ زمن الأمام علي (ع) والى يومنا هذا، حوربوا على مر الزمان بسبب ولائهم لآل البيت الكرام وأسرارهم على الثبات على الدين المحمدي الأصيل، ورفضهم المخالفات الحاصلة بعد وفاة النبي الأكرم (ص)، وعدم رضوخهم لسياسة الأمر الواقع التي فرضها متولي الحكم في ذلك الزمان، وواجهوا شتى أنواع العذاب فقتلوا وصلبوا وشيدت فوقهم المباني وقطعت أيديهم وأرجلهم وصودرت أموالهم ولم يحيدوا عن طريق الحق، وفي زماننا الحديث تعاقب الطغاة على محاربتهم وكان أخرهم هدام عليه لعائن الله، وجميعنا يعلم كمية الظلم التي تعرض لها شعبنا العراقي وحجم التضحيات التي قدمها في سبيل الحفاظ على قيمه ومبادئه.
بعد سقوط نظام الحكم الصدامي في العام ٢٠٠٣م أستبشرنا خيراً، بالأخص عندما عاد أخوتنا من خارج العراق الذين كانوا في صفوف المعارضة في حينه وتولوا زمام الأمور، كونهم عانوا ما عانينا وذاقوا نفس الظلم وقدموا التضحيات معنا وشربنا من نفس كأس المرار، وفرحنا كثيراً عندما عدنا لممارسة طقوسنا الدينية بحرية بعد حرمان طويل، وأصبحت علوم أهل البيت تدرس دون محاذير، وفتحت دور العلم المغلقة، ومكاتب مراجعنا المقيم خارج العراق في مدننا المقدسة، وزحفت ملايين المحبين نحو قبلة الأحرار كربلاء الحسين ع دون خوفاً من اعتقال أو اعدام من سلطة جائرة .
ومن المؤكد أن لهذه العملية السياسية الجديدة أعداء وبقايا للنظام السابق، سيكون شغلهم الشاغل أفشال هذه العملية السياسية، ولعدة أسباب وغايات فبدأنا نشهد ظهور للحركات التكفيرية والإرهابية التي تحارب الدولة وتستهدف المكون الشيعي بالذات كونه المكون الأكبر داخل الحكومة وأبنائه يمثلون العدد الأكبر من الجيش والقوات الأمنية، واستهدفوا أبنائنا على الهوية وقتلوا مئات الألاف على الطرق الخارجية أو بمستهدفات يومية بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة وعمليات القتل الممنهج لأسقاط العملية السياسية الجديدة.
ساندتكم المرجعية الرشيدة، وأفتت بضرورة التصويت على الدستور، ودعت جماهير الشعب للمشاركة الواسعة بعملية التصويت، وتهافت أبناء العراق ملبين، وصوتوا بنعم دون علمهم بفقرات هذا الدستور بل طاعة للمرجعية ودعماً للحكم الجديد، وبعدها شهد الجميع دعم كل فعاليات المجتمع العراقي وعلى رأسهم المرجعية الرشيدة للانتخابات رغم كثرة الأخطار التي كانت تصاحبها ورغم التفجيرات والعمليات الإرهابية الا أن الشعب قال كلمته بالثورة البنفسجية، ووصلتم للحكم بدماء الشعب العراقي وليس بجهودكم، واستمرت العملية السياسية بالسير مرة والتعثر عدة مراراً، والشعب مستمر بتقديم التضحيات ومستعد لتقديم المزيد أملاً بحياة أفضل ومستقبل مشرق.
وعلى العكس من ذلك أستمرت الانتكاسات المتوالية حتى العام ٢٠١٤ وسقوط المدن العراقية بيد تنظيم داعش الرهابي وعجزكم الكامل بكل المؤسسات التي من المفروض أن تكونوا قد بنيتموها طيلة الاحدى عشر سنة من حكمكم، وفي هذه المرحلة العصيبة جاءت فتوى المرجعية العليا بالجهاد الكفائي، وكانت التلبية المنقطعة النظير من هذا الشعب الكريم رغم اعتراض أغلب أبنائه على طريقة أدارة الحكم وتوزيع خيرات البلاد واحتضان أغلبكم لجلاديهم القدامى، ومع ذلك أنبرى أبطاله للدفاع المقدس عن الأرض والعرض وسطروا أروع ملاحم الطاعة والبطولة وهزموا العدو الغاشم بفترة قياسية لم يكن أغلب المتفائلين يتوقعها، ومن المؤكد أن التضحيات كانت كبيرة بشهداء جدد ودماء طاهرة نزفت لتحرير الأرض، وعشرات الألاف الجرحى وأعداد كبيرة من الأرامل والأيتام التي تربوا عيونهم اليكم باعتباركم أولي الأمر وأصحاب السلطة.
ورغم كل ذلك لم يرى هذا الشعب المجاهد الرعاية التي يستحقها منكم، بل على العكس اهمال أكبر واستهانة بمشاعر الفئات المضحية، وتصارع من أجل تقاسم السلطات بينكم دون توفير أبسط مستلزمات الحياة، والأمر والأدهى ظهور أغلبكم في وسائل الأعلام مدعياً توفير الخدمات وأنهاء الفقر في العراق في حين أن أغلب أبناء شعبه يعيش تحت مستوى خط الفقر بسبب السياسات الفاشلة والصفقات المشبوهة.
وتظاهر الشعب ضد الفساد والفاسدين ونقص الخدمات وأعلن الاعتصام ليسمعكم صوته ويعلمكم بحجم معاناته كونكم بعيدين عنه، ولكن مع شديد الأسف سقطت الشهداء وسالت الدماء دون ذنب يذكر وطالبتكم المرجعية عشرات المرات بالالتفات لهذا الشعب المظلوم وتوفير الخدمات الأساسية له وأبسط مقومات الحياة الكريمة ووصلت لمرحلة انها أعلنت وقالت (بحت أصواتنا) ومع ذلك لم تلتفتوا للشعب، ولحد الآن نرى صراعكم على المناصب وتوزيع الحقائب الوزارية والمكاسب السياسية دون الالتفات لمطالب شعبكم ووضعه المعيشي في ضل الأزمات المتتالية التي يشهدها العراق والعالم .
صدام حسين وحزبه الفاشي حكموا العراق بالحديد والنار، وكان القائد الأوحد، وبنى أكبر وأقوى جيش بالمنطقة وأنتهج سياسة عسكرة المجتمع حتى أصبح العراق كمنطقة عسكرية بكل مفاصله فالتعيين كان بسبب الانتماء والتدرج الوظيفي بناءً على الولاء للحزب والقائد، ولم يغنه كل ذلك في شيء، فرأينا والعالم أجمع كيف أخرجوه من الحفرة في موقف مخزي ومذل دون مقاومة أو قتال أو دفاع عن هذا الرمز الورقي، وتلاشي تلك الترسانة العسكرية الضخمة، والأجهزة الأمنية العالية التدريب، وسط احتفالات كبيرة للشعب العراقي ومطالبة بإعدامه على ما أرتكب من جرائم بحقهم، ومن ثم رأينا أركان حكمه تتساقط كقطع الدومينو، وشاهدهم كل العالم مكبلين مذلولين ويقادون بأيادي العناصر الأمنية، وعرضت جلسات محاكمتهم وكيف أذلهم الله من بعد طغيانهم وظلمهم وكانت نهايتهم الحتمية بما كسبت أيديهم.
الحكمة تقول (العدل أساس الملك) و (سعيد من أتعض بغيره)
أتعضوا أيها السياسيين العراقيين وأعدلوا والتفتوا الى أبناء شعبكم وحاربوا الفساد والفاسدين وقدموا الخدمات وأحسنوا لشعبكم يقول أبو الفتح البستي (أحسن الى الناس تستعبد قلوبهم لطالما أستعبد الأنسان أحسان) فشبعكم ثروة تتمناها كل دول العالم، لديه مقومات حصرها الله سبحانه.
اضف تعليق