مرجعيات دينية سنة وشيعية واوساط سياسية وناشطين واعلاميين ادانوا واستنكروا الاحداث الاخيرة التي شهدتها منطقة الأعظمية ببغداد، وفيما اتفق الجميع على التعامل مع الاحداث التي تجري بوعي وحكمة، أكد المجمع الفقهي العراقي، ان من قام بحرق عدد من المنازل واحد مقرات ديوان الوقف السني، في مدينة الاعظمية، بانهم اشخاص ماجورين ومرتزقة، فيما لفت الى ان الحكومة العراقية وعدت بتلبية مطالب المدينة لحمايتها.
احداث الاعظمية اصبحت اليوم مدار الحديث للباحثين والناشطين والمتابعين للشأن السياسي العراقي، حيث خصص مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية مطبخه الفكري الشهري في ملتقى النبأ الاسبوعي حول احداث الاعظمية مخصصا عنوانه بـ(احداث الاعظمية... بين اللاوعي والتخطيط المسبق).
وقد تناول مدير المركز عدنان الصالحي في افتتاحيته الى اهم الاسباب التي ادت الى قيام احداث الاعظمية حسب الروايات التي تناقلتها وسائل الاعلام وشهود عيان كانوا قريبين من مكان الحدث، متسائلا عن اهداف احداث الاعظمية وهل هي تكرار وامتداد لحادثة جسر الائمة في 31 أغسطس 2005؟، ومن كان وراء هذه الاحداث؟، وهل كانت الغاية منها اسقاط حكومة رئيس الوزراء العبادي ام هي رسالة الى ابناء الطائفة السنية بأنه لا مكان لكم في بغداد العاصمة؟، وهل ستكون هذه الاحداث وراء التخطيط من اجل الضغط على الامريكان للحصول على دعم مباشر للاكراد والسنة بعد فشل جهود العيساوي والبرزاني في هذه الخطوة؟...
واوضح الصالحي خلال ورقته التي قدمها للمناقشة الى ان الأمور تجري بهدوء، قبل أن تنقلب سكينة الطقوس الى مزيج من صخب ورعب.. آلاف الزوار المتجهين الى ضريح الامام موسى الكاظم، والسائرين على الاقدام في مدينة الأعظمية التي ظلت وفية لوداعتها ورقيّ أهلها، عصفت بهم صيحات مجهولة المصدر مفادها أن انتحاريا دخل بينهم وسيفجر الحشود الزائرة.
الأنباء التي تحدثت عن وجود حزام ناسف في الاعظمية، كانت لا تقل شدة عن شدة انفجار الحزام الناسف المفترض وجوده بينهم، وقد تم استغلال هذه الشائعة الى الوصول لحالة من الفزع غير المسيطر عليه، مما دفع الكثير من الزوار الى الهروب باتجاهات مختلفة منها البيوت القريبة والدوائر الحكومية ومنها دائرة استثمار الوقف السني بغية الاحتماء من أي تفجير مفترض.
بدورهم حراس المبنى وعند مشاهدتهم افواج الزائرين تقتحم الدائرة تصوروا بان هنالك هجوم مقصود على تلك الدائرة لاحتلالها او العبث بها مما دفع الحراس الى إطلاق النار بشكل كثيف مما تسبب وحسب شهود عيان عن اصابة بعض الزائرين الخائفين اصلا من قضية وجود حزام ناسف، قضية اطلاق النار تسببت بتصعيد نفسي اخر كون ان حراس المبنى كانوا من الطائفة السنية.
فكانت ردة فعل الزوار الى الهجوم على مطلقي النار بشكل مكثف وامتد الامر الى الدخول الى المباني وحرقها وتكسير اثاثها، ليمتد الامر الى الدور المجاورة ايضا، في لحظات تحول ليل الاعظمية الهادئ الى كتلة من اللهب والصخب دفعت برئيس الوزراء الى استقدام فرقة عسكرية تابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي، ونشرها في الأعظمية والكاظمية، عقب صدور توجيه من قبل العبادي بتطويق الاحداث، ومحاسبة المقصرين.
مصدر أمني آخر في الفوج الرئاسي اكد، أن "جميع عناصر الفوج الرئاسي الخاص بحماية رئيس الجمهورية، خرج من المكتب والقصر الرئاسي الذي يشكل الأكراد معظم عناصره، وانتشر لأول مرة في أحياء الجادرية والكرادة داخل، واجزاء من شارع السعدون وصولا الى الكرادة الشرقية، وحتى معسكر الرشيد، من اجل مساندة القوات الامنية، بناءً على توجيهات العبادي.
على مايبدو كان من المفترض ان تكون احداث الاعظمية نسخة مكررة لأحداث الزيارة الشعبانية في كربلاء عام 2007، وبعيدا عن صحة مانقل من عدمها وكونها مخطط لها ام عفوية نطرح هنا سؤالين هما، الاول: من يقف خلف احداث الأعظمية وهل كان غايتها هذه المرة محاولة لتصفية واسقاط حكومة العبادي، هل هي رسالة للسنة بان لا مكان امن لكم في العراق؟.
ثانيا: فشل التقسيم والاقليم السني وعدم امرار القانون التسليح (للدولة السنية) في الكونغرس كانت حاضرة في الاحداث؟...
هذه التساؤلات وغيرها طرحها مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية عدنان الصالحي ووضعها على طاولة الحوار في مطبخه الفكري ليشاركه بذلك كوكبة من المفكرين والباحثين والاعلاميين ويناقشوا تداعيات احداث الاعظمية.
المداخلة الاولى كانت من نصيب الدكتور قحطان الحسيني الباحث في مركز المستقبل والتي اشار فيها الى ان هناك محاولة وان كان من الصعب التحقق منها على تكرار ماحدث في جسر الائمة عام 2005.
اما الباحث حيدر الجراح فأوضح بالقول الى ان القضية قد تكون مرتبطة بمخطط سني يسعى الى الحصول على اكبر قدر من المكاسب من خلال الضغط على الحكومة المركزية بتنفيذ ما يطلبون من مطالب.
فيما بيّن الحقوقي احمد جويد الى ان كلا ّ الاحتمالين واردين خصوصا وان هناك محاولات من داخل البيت الشيعي تسعى لإسقاط حكومة العبادي، موضحا الى ان هناك اطراف تسعى الى تأجيج النزعة الطائفية سواء من الشيعة او السنة من خلال اعمال وممارسات مخطط لها، معتبرا ان تكون ردة فعل غير مسؤولة وغير واعية سببت هيجان الزائرين ووقوع الحادثة.
ويؤكد جويد على ان الغرض من الاحداث هو توجيه رسالة مفادها ان هذه الحشود من الزائرين تضفي طابعا شيعيا على بغداد العاصمة، مشيرا الى ان هناك اسباب تدفع باتجاه الدعوة الى ايجاد طرق بديلة لمسلك الزائرين بعيدا عن الاعظمية.
اما الإعلامي علي الطالقاني فأنه يرى ان نفس الاشخاص السياسيين المحرضين على الخطاب الطائفي هم الذين تسببوا بهذه الاحداث، على الرغم من انه لا ينبغي احتمالية وجود مخطط لإسقاط الحكومة.
واعتبر الدكتور خالد العرداوي الى ان القضية ليست عفوية بل هي مخطط لها من اجل استثارة الشارع السني كجزء من لعبة دولية.
اما الناشط محمد معاش فقد اشار الى ان المجتمع العراقي مهيأ لتلقي الاشاعات وبالتالي القيام بردود افعال قد لا تتناسب مع حجم الاشاعة، ويرى معاش انه من الممكن ان تكون الخلايا النائمة لداعش وراء هذه الاحداث.
ويؤيد معاش الفكرة القائلة بأن هناك امتعاض سني من غلبة المد الشيعي على جميع مناطق بغداد وان هذه الاحداث هي محاولة لشغل الشعب عن قضية اكبر.
يشار إلى أن عدداً من المندسين احرقوا، في وقت متأخر من ليلة الأربعاء (13 أيار 2015)، مبنى استثمار الوقف السني ونحو خمسة منازل وعددا من سيارات المواطنين في منطقة الاعظمية شمالي بغداد خلال زيارة الامام موسى الكاظم (عليه السلام).
اضف تعليق