لماذا يتم تشبيه العراق بسوريا؟ وهل هناك عناصر ارتباط بين البلدين من حيث الفاعلين السياسيين المحليين والدوليين؟ وهل الظروف التي تحيط بسوريا هي نفسها التي تحيط بالعراق؟، بالطبع لم يأتي التحذير من التحول الى الصيغة السورية للصراع من فراغ، فهناك عدة مؤشرات وترابطات بين البلدين...
منذ انطلاق التظاهرات الشعبية في العراق برزت معها تحذيرات من تحول البلاد الى ازمة شبيهة بما حدث في سوريا خلال السنوات الماضية من حرب دولية وصراع ارادات قتل على أثره واصيب المئات وتشرد حوالي خمسة ملايين سوري، فضلا عن تدمير البنى التحتية بشكل شبه كامل.
فلماذا يتم تشبيه العراق بسوريا؟ وهل هناك عناصر ارتباط بين البلدين من حيث الفاعلين السياسيين المحليين والدوليين؟ وهل الظروف التي تحيط بسوريا هي نفسها التي تحيط بالعراق؟
بالطبع لم ياتي التحذير من التحول الى الصيغة السورية للصراع من فراغ، فهناك عدة مؤشرات وترابطات بين البلدين، لكنها لا ترقى الى ان يكون العراق نسخة سورية ثانية، فمن حيث النظام السياسي، تعيش سوريا في ظل نظام ديكتاتوري لا يؤمن بالديمقراطية الا بنسختها العربية التي تاتي نتيجة الانتخابات فيها بنسية ٩٩% لصالح الرئيس، وفي اغلب الاحيان تكون كاستفتاء شكلي للتجديد للرئيس، اما في العراق فهناك نظام دبمقراطي تعددي وتوجد احزاب سياسية، ومنظمات حقوقية ودستور وافق عليه الشعب، وانتخابات برلمانية كل اربع سنوات، حتى وان اختلفنا في مدى نضوج ديمقراطيتنا ومدى تحقيقها لطموحات الشعب، لكنها بالمجمل توجد بذرة للديمقراطية اما في سوريا فهذا الامر معدوم تماما.
في ملف القمع الأمني الذي هو أساس الصراع وبذرة الحرب فقوات الامن وجدت لخدمة السلطة السورية حالها حال الانظمة العربية الاخرى، ولذلك لا نستغرب ان تستخدم كل اشكال القمع والقتل والتنكيل بالشعب بحجة وجود مؤامرة دولية وما شبابه ذلك، اما قوات الامن العراقية فهي ولدت من رحم الشعب وهي اقرب اليه، حتى وان شاب عملها بعض الاخفاقات، لكن هناك فرق بين ان تكون عمليات القمع في سوريا ممارسة عادية، اما في العراق فهي حالة شاذة.
سوريا دولة فقيرة وهي بحاجة الى ابسط انواع الدعم الخارجي، ما يجعلها خاضعة كليا الى الارادة الدولية، اما العراق فهو دولة غنية بالموارد، وتجعله دولة وازنة مهما حاولت بعض الاحزاب السياسية الارتماء في احضان الخارج، كما ان التعددية الحزبية تخلق حالة من التوازن بشكل دائم وتمنع سيطرة دولة على حساب دولة اخرى من حيث النفوذ السياسي، ما يجعل تمادي دولة معينة امرا صعبا.
في سوريا هناك اغلبية سنية تحكمها اقلية علوية مدعومة من ايران وروسيا، اما في العراق فهناك اغليية شيعية تحكم بنظام ديمقراطي انتخابي بالمشاركة مع السنة والكرد الذين لا يمررون القرارات والقوانين اذا لم تحقق مصالحهم.
بالنسبة للتظاهرات السورية، فانها جنحت نحو العنف مباشرة وقي ايامها الاولى، اما في العراق فلم تجنح التظاهرات للعنف حتى الان، وما حدث هي وقائع لا يمكن مقارنتها بسوريا.
التدخل الخارجي
ايران تعتبر سوريا الرئة التي تتنفس بها، والطريق الذي يوصلها الى لبنان ويقربها اكثر حدود إسرائيل حيث تتصارعان على النفوذ وإبراز العضلات، والولايات المتحدة الامريكية تريد قلع هذه الرئة، وقطع الشريان الحيوي لايران ما يعني انها وضعت امام خيار وجودي، ودفعت ايران الى وضع ثقلها العسكري هناك.
ايران تعتبر العراق العمق الثقافي والديني لها، وحاولت حماية هذا العمق بسيطرة سياسية، وهذا ما دفع الولايات المتحدة للتدخل في اكثر من مناسبة لحماية مصالحها، لكنها تعرف جيدا ان العراق لا يمكن ان يذهب الى ايران بهذه السهولة لان التعدية السياسية تمثل حصنا مهما لتحقيق هذا الهدف، وفي هذا السياق ومن الاخطاء الاي ارتكبتها ايران في العراق هناك نسبة كبيرة من الشعب وخاصة المتدينين الشيعة يعتبرون ايران الجدار الذي يستندون اليه، لذلك دعموا تاسيس الفصائل المسلحة رغم ان ذلك يؤثر على بناء الدولة العراقية، وتسبب في خلق القلاقل لكنه لم يصل الى ما وصل اليه الامر في سوريا.
بالمجمل هناك اختلافات في بنية النظام السياسي بين سوريا والعراق، والتركيبة الاجتماعية، وحجم النفوذ لدى الدول الأخرى، فضلا عن الموارد الطبيعية التي تطمع كل دول العالم ان تحافظ عليها خوفا من صعود أسعار الطاقة، كما ان عدم تحقيق طرف للافضلية الكاملة على حساب الطرف الاخر يجعل من الصعب مقارنة العراق بسوريا، اما مجرد وجود جماعات مسلحة وقوات أمريكية وايرانية، فهذا وان كان عاملا مساعدا لاي صراع لكنه عامل استقرار أيضا لانه موجود لحفظ التوازنات وليس لكسرها.
اضف تعليق