إنّ معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقي الكريم إنما هي معركة وطنية تخصه وحده، والعراقيون هم من يتحملون اعباءها الثقيلة، ولا يجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرف خارجي بأي اتجاه، مع أنّ التدخلات الخارجية المتقابلة تنذر بمخاطر كبيرة، بتحويل البلد الى ساحة للصراع وتصفية الحسابات...
في النقطة الخامسة من خطابها ليوم الجمعة الماضية قالت المرجعية:" إنّ معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقي الكريم إنما هي معركة وطنية تخصه وحده، والعراقيون هم من يتحملون اعباءها الثقيلة، ولا يجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرف خارجي بأي اتجاه، مع أنّ التدخلات الخارجية المتقابلة تنذر بمخاطر كبيرة، بتحويل البلد الى ساحة للصراع وتصفية الحسابات بين قوى دولية واقليمية يكون الخاسر الاكبر فيها هو الشعب."
يمكن الانطلاق من هذه الفقرة، ومن خلفياتها المنظورة وغير المنظورة، لرسم خارطة الاحداث الجارية في العراق، حيث تمارس ثلاثة عناصر ادوارها على المسرح العراقي.
العنصر الاول، "الشعب العراقي الكريم"، الذي يخوض "معركة الاصلاح"، وهي "معركة وطنية تخصه وحده"، وتستهدف هذه المعركة الى استبدال الطبقة السياسية الحاكمة التي ثبت عقمها الان وعدم قدرتها او قابليتها على الاصلاح او الاداء. وقد وصفت المرجعية هذه المعركة في نفس الخطبة بانها "الطريق المشرف". وبهذا تتفي المرجعية نظرية "المؤامرة" في تفسير حركة الاحتجاج الحالية، او انتفاضة اكتوبر.
العنصر الثاني، الذي يريد ابقاء الوضع الراهن على حاله Status quo بما في ذلك بقاء حكومة عادل عبد المهدي. وهذا العنصر مستعد لتقديم "حزم اصلاحية" اذا كان ذلك يضمن بقاء الوضع الراهن واستمراريته.
العنصر الثالث، الذي يعمل على اقالة الحكومة الحالية والاتيان بحكومة جديدة برئيس اقرب اليه، مع بقاء الوضع الراهن على حاله.
ولكل من هذه الاطراف ادواته ووسائله. فاما الطرف الاول فاداته الاساسية التظاهر. ولكن يمكنه ايضا الضغط باتجاه تطبيق المادة ٦٤ من الدستور.
واما الطرف الثاني فمازال يؤمن بالحل الامني وليس الحل السياسي، بما يعني استخدام القوات الامنية، وبعض "الحزم الاصلاحية".
واما اداة الطرف الثالث فاداته الاساسية تطبيق المادة ٦١ التي تؤدي الى اقالة الحكومة مع الابقاء على الطبقة السياسية.
وهنا يتعين على معركة الاصلاح الانتباه الى دقة المسار وصعوبة الطريق. فلا مشروع الابقاء على الوضع الراهن، ولا مشروع المادة ٦١ يحقق الجدوى من الحركة الاحتجاجية بما في ذلك القضاء على الفساد وحواضنه الاساسية المتمثلة بنظام المحاصصة، والتوافقية، والانتخاب بالقائمة، وتقاسم المغانم على اساس "الاستحقاق الانتخابي".
وحده مشروع المادة ٦٤ يحقق المطلوب من خلال حل البرلمان وتشريع قانون الانتخاب الفردي وتشكيل المفوضية الجديدة.
ومقارنة سريعة بين مشروع ٦٤ ومشروع ٦١ توضح الفرق الكبير بين المشروعين.
١. ينطلق مشروع المادة ٦٤ من مجلس النواب باعتباره محور النظام التلفيقي الهجين، وذلك بحل مجلس النواب، الامر الذي يؤدي تلقائيا الى استقالة الحكومة واعتبارها حكومة تصريف اعمال لمدة لا تتجاوز ٦٠ يوما، فيما يركز مشروع المادة ٦١ على اقالة الحكومة وابقاء مجلس النواب.
٢. يحقق مشروع ٦٤ الخروج من الازمة خلال شهرين، وهذا مطلب ملح لانهاء المعاناة وحقن الدماء، والشروع باعادة هيكلة الدولة على اسس سليمة، بينما تستغرق مبادرة المادة ٦١سبعة اشهر على الاقل.
٣. مشروع المادة ٦٤ يستخدم حكومة تصريف اعمال لشهرين، بينما يشكل مشروع المادة ٦١ حكومة مؤقتة لمدة ٧ اشهر على الاقل.
٤. مشروع المادة ٦٤ يدعو لانتخابات حسب الدستور خلال شهرين، بنظام الانتخاب الفردي، بينما مبادرة المادة ٦١ تدعو الى اجراء انتخابات مبكرة، غير دستورية، خلال سبعة اشهر بدون تحديد نوع النظام الانتخابي. علما ان اجراء انتخابات مبكرة يستلزم مسبقا حل مجلس النواب، وبذا عدنا الى المادة ٦٤. فلماذا التاخير وتقطيع الوقت.
٥. الهدف البعيد لمشروع المادة ٦٤ هو: اقامة الدولة الحضارية الحديثة، بينما مشروع المادة ٦١ لم ينص على هدف بعيد.
اضف تعليق