قد تختلف المظاهرات التي جابت شوارع اغلب المدن اللبنانية عن الذي حصل في بعض البلدان العربية ففي لبنان ما دعا الى الخروج هو انهيار الوضع الاقتصادي والذهاب نحو المجهول، على وقع الاحتجاجات والاحداث الصاخبة في البلاد التي احدثت حراك سياسي قد يوصف بالخجول...
قد تختلف المظاهرات التي جابت شوارع اغلب المدن اللبنانية عن الذي حصل في بعض البلدان العربية ففي لبنان ما دعا الى الخروج هو انهيار الوضع الاقتصادي والذهاب نحو المجهول.
على وقع الاحتجاجات والاحداث الصاخبة في البلاد التي احدثت حراك سياسي قد يوصف بالخجول، ياتي الى جانب هذا الحراك تحذيرات محلية ودولية في بعض الاحيان من تفاقم الازمة.
وسط ما يجري فأن صندوق النقد الدولي دعا الجهات المسؤولة في لبنان الى اجراء اصلاحات بصورة عاجلة من اجل اعادة الثقة بالنظام الاقتصادي القائم.
لو اجرينا لمحة بسيطة على الوضع الاقتصادي في لبنان نجد الدين العام بلغ اكثر من 150% من الناتج المحلي الاجمالي خلال النصف الاول من عام 2019 ، ما جعله يعاني من الدين العام وضعف النمو الاقتصادي بصورة ملحوظة.
الاحتجاجات خرجت الى الشارع بعد ان عجزت الجماهير من تصويب عمل الحكومة اللبنانية في موازنة عام 2019 ومن ثم تم تجاهلها من السلطة ايضا ما اجبر الشعب للخروج والمطالبة بأصلاح الوضع الاقتصادي الذي اخذ يتجه نحو الانهيار بصورة سريعة.
الحريري وسعيا منه للحفاظ على حكومته من الانهيار جراء سخط الشارع ذهب قبل اشهر الى واشنطن لتقديم فروض الطاعة بغية استحصال ضمانات تزويده بمبالغ مادية لتسيير الامور المالية في البلاد، لكنه وعلى ما يبدو لم يحقق نجاحا ملموسا بهذا الخصوص.
على الرغم من ان الحكومة اللبنانية متداعية من جهات عدة الا ان من دعمها واعطاها الزخم الكافي هو خطاب حسن نصر الله الاخير الذي رفض استقالتها لدواع اهمها ان الفرصة او الوقت غير مناسب، وهنا يأتي السؤال الاكثر الحاحا هو ما الذي يقف وراء موقف نصر الله وهل يسعى لاستحصال فائدة تعود بالنتيجة لحزبه وتدعم موقفه بشكل اوسع؟.
قد يكون موقف حسن نصر الله نابع من الفراغ الذي قد يحدث في البلاد مع غياب البدائل الناجحة، ما قد يؤدي الى اغراق البلد في دوامة قد لا يستطيع الخروج منها.
الوضع الاقتصادي في لبنان بالفترة الاخيرة بات على شفير الهاوية قبل اندلاع الاحتجاجات التي حذرت من انهيار الاقتصاد اللبناني ان لم يتم تدارك الموقف وسن تشريعات قادرة وبشكل كبير على التغيير نحو الافضل.
المشهد لا يتحمل المزيد من الشلل فلابد من تقديم وصفة صحية اصلاحية ترمم الخدش الذي اصاب البنية الاقتصادية اللبنانية التي نخرت المواطن وجعلته غير قادر على تأمين ابسط مستلزمات العيش الرغيد.
لبنان يعاني من مشاكل اقتصادية منذ فترة طويلة تراكمت وبرزت للسطح بشكل جلي في بداية العام 2019 ولم تقدم الحكومة على امتصاص الغضب من الشارع واكتفت بحلول ترقيعية لا ترتقي لان تكون الحل الامثل للازمة التي يعاني منها البلد.
اصدقاء لبنان من الدول الغربية لا يزال يسوده الصمت فاغلب الدول بأستطاعتهم تقديم المعونة المالية لاسيما في المرحلة الحرجة الراهنة التي تمر بها الحكومة لكن ثمة مقاصد اخرى تقف وراء هذا الصمت فقد يكون لاسباب سياسية واجراء ضغوطات بدورها تغيير الخارطة السياسية في لبنان.
هنالك استياء دولي من عدم تلافي الاخطاء والسيطرة على الفساد من قبل المسؤوليين اللبنانيين، ذلك لان سبق وان قدمت بعض الدول الغربية المعونات المادية، بشكل يسير، بيد انها قالت لا تقدم اي معونات اضافية مالم تكن هنالك خطة واضحة من قبل السلطات الحاكمة في لبنان تتجه صوب الاصلاح المؤكد.
وتبقى الورقة الاصلاحية التي قدمتها الحكومة اللبنانية حبيسة الادراج مالم تكن هنالك نهضة حقيقية وعزم من جميع المكونات التي تتألف منها الحكومة على اصلاح الخلل الذي اصاب قلب المنظومة الاقتصادية وارجع حال البلاد نحو الاسوأ.
اضف تعليق