المؤشرات تبين ان هذا التحالف الجديد شبيهة بالتحالفات العسكرية السابقة، فكل أوراق السعودية المكشوفة أصبحت مملة للجمهور، ولم تعد فكرة التحالفات مع العرب مجدية، لذلك تعزز علاقاتها مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتحقيق هدفين أساسيين، الأول التغطية على فشلها في جمع العرب...
أعلنت السعودية الانضمام للتحالف الدولي لامن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية الذي يهدف لمساندة الجهود الإقليمية والدولية لردع ومواجهة تهديدات الملاحة وضمان امن الطاقة، وأعلنت دولة الامارات انضمامها الى التحالف أيضا، وذلك بعد أيام من هجوم واسع النطاق استهدف شركة أرامكو السعودية، وعطل نصف انتاجها، لكن أعضاء هذا التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يقولون انه جاء كرد فعل على حوادث استهداف ناقلات النفط في شهر يونيو الماضي.
يتكرر الإعلان عن التحالفات مع كل تصعيد ضد ايران، وهناك هوس لدى الأمير السعودي محمد بن سلمان للانضمام لكل تجمع ضد ايران او حلفائها، فأهم تحالفات السعودية هو التحالف العربي للحرب في اليمن، وتعتبره نقطة التحول في صراعها مع ايران التي تمثل العدو التقليدي، وقد بدأ عمليا بعاصفة الحزم في مارس اذار عام 2015 لاستعادة المناطق التي سيطر عليها الحوثيون واعادة الحكومة الرسمية العاصمة صنعاء برئاسة عبد ربه منصور هادي، وخلال تلك الفترة تم الترويج في وسائل الدعاية السعودية على ان الحرب خاطفة وقصيرة الأمد، حتى انها اشتقت من "عاصفة الصحراء".
نحن اليوم على اعتاب العام الخامس لعاصفة الحزم التي تم تعديلها الى اسم "إعادة الامل"، الا اننا لم نشهد تفكيكا فعليا لحلفاء ايران في اليمن، ولم يطرد الحوثيون مع العاصمة صنعاء، بل عاد اغلب المشاركين في الحرب الى اوطانهم، بدأت الانسحابات من التحالف العربي بالازمة الخليجية، حيث انسحبت على اثرها قطر ووجهت وسائل اعلامها القوية ضد التحالف الذي كانت من بين المشاركين فيه.
الصواريخ الباليستية صارت تطير فوق السماء السعودية بشكل اعتيادي، والضربات ضد المناطق الاستراتيجية في العمق السعودي لم تعد مستغربة، ولم تعد مفاجئة، حتى تم ضرب قلب صناعة النفط في شركة أرامكو، ليعن وزير الخارجية الأمريكي بعد زيارة الى الخليج عن تحالف جديد لحماية مياه الخليج.
ما يلاحظ على التحالفات السعودية ان تشكيلها لم يكن مبني على قاعدة ثابتة، فاغلبها كان من اجل تحقيق هدف دعائي تثبت من خلالها القيادة الجديدة انها قادرة على الفعل، او قادرة على تجميع العرب في معسكر واحد لمواجهة العدو الإيراني وفق القاموس السعودي.
لم تكن هناك خطط حقيقية ولا اجتماعات تمهيدية، كل ما في الامر ان وسائل الدعاية تعلن عن التحالف، وما يؤكد عشوائية سياسات محور السعودية وامريكا في هذا المجال هو دفعهما الدول التي تتقارب معهما الى اكثر من تكتل وبنفس طريقة سابقاتها، فاعلن عن تحالف يضم 41 دولة إسلامية، في شهر ديسمبر 2015، والهدف المعلن للتحالف هو توحيد جهود الدول الإسلامية في مواجهة الإرهاب، كما واستحدثت السعودية ما يشبه تحالفاً سداسياً دُشن باجتماع عقد في 31 يناير الماضي في الأردن، ضم وزراء خارجية مصر والبحرين والإمارات والسعودية والكويت والدولة المضيفة، الجديد في هذا التحالف بحسب ما تقول وسائل اعلام خليجية أن أحداً لا يعرف بعد ماهيته ولا أهدافه، بل إن الاجتماع عقد دون جدول أعمال أو أجندة مسبقة، ولم يتم الكشف عن القضايا التي بحثها الوزراء المجتمعون.
ولم تتوقف السعودية عن هَوَسِها بالتحالفات الجديدة اذ دعا وزير الخارجية السابق عادل الجبير، إلى إنشاء تجمع لدول البحر الأحمر والقرن الأفريقي؛ لـ"منع أي قوى خارجية من لعب دور سلبي" في تلك المنطقة الاستراتيجية.
السعودية الحالية تهتم بالقضايا الشكلية لذلك تنهار مبادراتها بعد مدة قصيرة، فاذا كانت لم تستطع الحفاظ على تماسك تحالفاتها العسكرية السابقة، ماذا عن التحالف لحماية امدادات الطاقة؟ هل سيصمد؟ وهل يحمل جدية فعلية من المشاركين فيه ام انه مجرد هالة إعلامية دعائية للاستهلاك المحلي؟
المؤشرات تبين ان هذا التحالف الجديد شبيهة بالتحالفات العسكرية السابقة، فكل أوراق السعودية المكشوفة أصبحت مملة للجمهور، ولم تعد فكرة التحالفات مع العرب مجدية، لذلك تعزز علاقاتها مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتحقيق هدفين أساسيين، الأول التغطية على فشلها في جمع العرب على طاولة واحدة، والذي اضعفها سياسيا وعسكريا، والثانية الحصول على نوع من الحماية من اقوى دولة في الشرق الأوسط، واقوى دولة في العالم.
وبهذه الطريقة يمكن للقيادة السعودية الجديدة كسب الوقت وتحقيق بعض النجاحات الشكلية بانتظار ما يأتي به المستقبل، ربما تنقذها أموال النفط اليوم وينقذها ترامب ونتنياهو، لكن تلك استراتيجية محفوفة بمخاطرة كبيرة، فالكونغرس الأمريكي يضغط بقوة على ترامب، وهو بصدد اصدار تشريعات قاسية ضد الرياض، والحالة الشعبية والطبقة السياسية الامريكية وضعت السعودية ضمن لائحة الدول التي لا يمكن الوثوق بها.
اضف تعليق