تعرض شخص لنزيف حاد في رأسه نتيجة حادث سير، وهرع أهله به الى المستشفى الحسيني الحكومي في كربلاء المقدسة، ومع قلقهم وخوفهم على حال ولدهم فإنَّ استقبال الكادر الصحي يشوبه برود وكأنَّ شيئاً لم يحدث، هذا الشخص كاد أنْ يفقد حياته لو لا لطف الله ونقله الى مستشفى أهلي في المدينة
تعرض شخص لنزيف حاد في رأسه نتيجة حادث سير، وهرع أهله به الى المستشفى الحسيني الحكومي في كربلاء المقدسة، ومع قلقهم وخوفهم على حال ولدهم فإنَّ استقبال الكادر الصحي يشوبه برود وكأنَّ شيئاً لم يحدث، هذا الشخص كاد أنْ يفقد حياته لو لا لطف الله ونقله الى مستشفى أهلي في المدينة، فقد بقي هناك لأكثر من ثلاث ساعات ينقل من مكان إلى آخر من الأشعة إلى السونار وغيرها، ودمه يسيل دون توقف رغم حالته الحرجة وتضميده المتواضع، مع ذلك كله فإنَّ الإجراءات المهمة الكفيلة ببقائه على قيد الحياة لم تبدأ بعد، ما اضطر الأهل إلى إخراجه على مسؤوليتهم إلى مستشفى أهلي.
وفق القواعد الصحيحة فانه وفور دخولك الى المستشفى الحكومي يجب ان تبدأ عملية الإسعاف ومعالجة الحالات المفاجئة كالحرائق وحوادث السير وغيرها في قسم الطوارئ، لكن ما تواجهه هناك حالة من الفوضى وعدم الشعور بالمسؤولية واللامبالاة والتعالي في الكلام، وبمجرد الدخول الى الطوارئ فإنَّ رحلة الروتين والانتظار ترافقك في أغلب الأماكن حتى وإنْ كانت الحالة حرجة وقد تتسبب بالموت أو بأذى كبير، لحين المباشرة بإجراءات المعالجة، هذا إنْ تمت ولم ينقل إلى مشفى أهلي يكون فيه التعامل الطف وأرق لأنَّ كلَّ شيء فيه يقابله أجر.
في المستشفى الحكومي ردهة الطوارئ لا تتمتع بأيِّ هدوء فالأصوات تتعالى من هنا وهناك، والتنظيم مفقود، والسؤال لا يلقى الإجابة وإنْ وجدت فهي قاصرة وغير كافية، كأنَّك في ساحة عامة تكون فيها القوانين معطلة والفوضى تسود المكان، أمَّا العاملون فأغلبهم لا يعرفون البُعد الديني والأخلاقي والإنساني لهذه المهنة ولا يكترثون لأيِّ شيء إلَّا لجمال مظهرهم، بينما إنْ وجدت أيَّ أحد منهم يعمل في مستشفى أهلي فإنَّك سترى شخصاً آخر ستراه لطيفاً وهادئاً ومتعاوناً تحكمه سياسة المكان والقوانين التي يفرضها الأهلي فلا أحد هنا فوق القانون والجميع عليهم أنْ يعملون بتفانٍ ومثابرة وهدوء، فالزبون هنا دائماً على حق ما دام يدفع المال مقابل كلَّ خدمة تقدم له.
فرق كبير جداً بين المستشفى الحكومي والأهلي على كافة المستويات، لكن ليس الجميع قادر على الذهاب على حسابه الخاص، فالسواد الأعظم لا يمكنه تحمل التكاليف الباهظة التي تأخذ مقابل رقود المريض وتقديم الخدمات له، فالمستشفيات الأهلية التي هي بالأساس غير متاحة للفقراء والمحتاجين تأخذ على عاتقها التأسيس للطبقية المجتمعية، كما هو حال المدارس والكليات التي على شاكلتها، فمن يملك المال يمكنه أنْ يجعل من ولده طبيباً أو مهندساً فالشهادة هنا أيضاً مقرونة بوجود المال بغض النظر عن المعدل، تخيل أنَّ معلماً ميسور الحال يبعث بولده الى مدرسة أهلية رغم أنَّه يعمل في مدرسة حكومية، هذا إنْ دلَّ فإنَّه يدل على مستوى العجز الحكومي في توفير أبسط الحقوق المتمثلة بالتعليم والصحة ومختلف القطاعات الأُخرى.
الحديث مرير ويطول شرحه عندما تحاول أن تصف ما يجري في معظم المستشفيات العراقية، حيث تشكو اغلبها الإهمال والنقص في الخدمات والمعدات والأجهزة الطبية والنظافة، أضف إلى ذلك صعوبة تعامل العاملين في هذا القطاع الحيوي الذي يرتبط عمله بحياة الناس وأرواحهم.
لا غرابة أنْ تجد في المستشفى الحكومي اكتظاظاً في أقسام الطوارئ وعيادات الاختصاص، ونقص القوى البشرية وخصوصاً الأطباء والتمريض، ونقص العلاجات والمستلزمات والأجهزة الطبية، وعدم توفر بعض الاختصاصات الطبية واللامبالاة، فلا أحد يحاسب على التقصير لأجلك، ولا جهة رقابية تأخذ دورها في تصحيح المسار داخل المؤسسات الصحية، ما دام المسؤول قادر على معالجة نفسه وذويه خارج البلد.
اضف تعليق