علينا أن نكتشف تلك الأوهام، ثم نتخلص منها، الاكتشاف هو الأمر الأول، هناك مصابين بأمراض نفسية كثيرة: كالوسواس والخوف والقلق، وغيرها كثير، يظن الصحيح فينا سليماً وهو في بدايات مرض نفسي عليه أن يتخلص من جذوره قبل الاستفحال، اتذكر أن أحدهم يخاف من (الدجاج)، حينما...
من قال أن المرأة مقيدة؟!، دائماً نسمع أن النساء متشرنقات بالقيود؟!، تصدق المرأة هذا الحديث فتظن نفسها كذلك، فهل هناك قيود تعرقل حركة المرأة؟!
ليس الحديث على المرأة هنا؛ بل عن القيود، القيود التي تكبل حركتنا وحريتنا، الحقيقة فعلاً أن هناك بعض القيود، حديثنا هنا عن القيود الوهمية التي لا وجود لها، ومع ذلك تخنقها وتقيدنا، ينقل بعضهم قصة حمار لم يجد صاحبه له حبلاً ليربطه، فأوهمه بربط عنقه، وفي الصباح لم يتحرك الحمار لتوهم وجود الحبل!!
البعض يقول: فعلاً هو حمار وسيبقى طول حياته كذلك، ولكننا كثيراً ما نفع في ذات المطب، نتوهم شيئاً لا وجود له، ونقيد حريتنا وحركتنا بمحض إرادتنا، بل نحن مغلوبون على أنفسنا، القيود الوهمية العالقة بنا ولا وجود لها في الأصل، السؤال: كيف نتخلص من تلك القيود الوهمية؟!
أولاً علينا أن نكتشف تلك الأوهام، ثم نتخلص منها، الاكتشاف هو الأمر الأول، هناك مصابين بأمراض نفسية كثيرة: كالوسواس والخوف والقلق، وغيرها كثير، يظن الصحيح فينا سليماً وهو في بدايات مرض نفسي عليه أن يتخلص من جذوره قبل الاستفحال، اتذكر أن أحدهم يخاف من (الدجاج)، حينما يرى دجاجة يهرب منها، لترسخ اعتقاد خاطئ في نفسه أنه في نظر الدجاجة (دودة)، وحين قيل له: لا تخف أنت لست دودة، قال: وما يدري الدجاجة أنني لست كذلك؟!
ما من مرض إلا وله علاج، كذلك الوهم، أحياناً يكرس الواحد فينا أنه شخص غير محظوظ، لهذا يتطبع هذا الإحساس في أعماقه، حتى إذا بلغ ذروة المجد وأمسك بالجوهرة في يده، جاءته مثل الرعدة فتسقط من يده وتتحطم، لماذا تحطمتْ وسقطتْ من يده؟!، سيعيد السمفونية ذاتها: أنا غير محظوظ!!، ولكن الواقع يقول: أنه متشبع بالتشاؤم والاحباط، كرس في نفسه قمامة الأفكار السلبية، التي يتوجب عليه التخلص منها.
البعض منا يعطي نفسه إيحاءات غير صحيحة، بأنه غير قادر على فعل شيء ما، فيساعد الفشل على نفسه، أحدهم بلغ به الزمن مبلغاً كبيراً وهو لديه (فوبيا القيادة)، حينما أراد أن يتعلم وشاهد عصا السيارة ترتعد ولى هارباً، ختم على نفسه أنه ليس قادر، بينما ( أم...)، وهي كبيرة في السن تسوق السيارة وتذهب بها حيث تشاء.
أنا لستُ معاقاً
لنعطي المعاق هذه الكلمة ليكررها، فإن لها مفعول السحر، أحدثكم هنا عن الحاج عبدالكافي، وهو رجل ضرير طموح، لا أعرف عنه شيئاً سوى أنه يقرأ بأذنيه، يستمع ويتذوق ويشارك القراء، هذا الرجل من ليبيا حدثتنا عنه (مزامير السيدة ميم)، وهي قارئة محترفة للكتب الصوتية، ذكرت في تعليقات رواية فاوست للفيلسوف الأماني غوتة التي سجلتها أن هذا الضرير كان يختار لها جملة كتب لتقرأها على الآخرين.
أمثال عبدالكافي كثير، فهذا الرجل رغم أنه فقد بصره إلا أنه واكب الحياة بما يستطيع، أتخطر أني شاهدت رجلاً ضريراً يتنقل من مكان لآخر، ولا تعينه على طريقه إلا عصاته، وهناك من يقرؤون باللمس (طريقة برايل)، وهناك معاقون يكافحون الإعاقات، وهناك مناضلون أبهروا العالم رغم العمى، كـ (أبي العلاء المعري، وطه حسين، وغيرهم).
(العازفون العميان)، لقب أطلقته على بعضهم وأنا شاهدت الجزيرة الوثائقية، يتحدث الفيلم عن أشخاص لديهم القدرة على الكتابة السريعة بالكيبورد رغم العمى، أنها طريقة الطباعة باللمس، فحفظ أماكن الأحرف تقود للمهارة، السؤال: هل الاعاقة تمنع من التفاعل مع الحياة؟!، بعض الأمهات تتمنى لولدها الموت في حادث مروري لأنه معاق؛ ليستريح ويريح، هل هذا المنطق سليم؟!
البعض يصاب بوعكة صحيحة مفاجأة فتتعطل به الحياة ويضيق ذرعاً بهذه العاهة المباغتة، فماهو دورنا تجاهه؟!، هل نعين أم نشارك العاهة في قهره؟!، هناك مواقف خصصت لذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا حس انساني جميل، هناك عبارات راقية كوصفهم بـ (أصحاب الهمم)، هناك مشجعون يدفعون باتجاه التغلب على العاهة والإعاقة، فلماذا لا نكن نحن منهم؟!
كلمة يسيرة طيبة تدفع بها إنساناً من وحل اليأس إلا قمة الطموح، قصة الضفدعة الصماء تعلمنا أهمية التشجيع، فلماذا لا نجرب ثقافة التشجيع؟!، حينما تشاهد مريضاً أغرس في جوفه الأمل وقل له: اليوم أنت أحسن، ما شاء الله تقدمت كثيراً، ثقافة التشجيع والإيحاء تساهم في تخطي العقبات، فلماذا لا نجرب آثار هذه الكلمة؟!
لماذا لا نقرأ حياة العباقرة ونستلهم منهم طريق الإبداع، ذات مرة حدثني أحد طلابي بمعلومة لم أكن أعرفها، وهي أن صاحب السيمفونية الشهيرة بتهوفن كان أصماً لا يسمع الأصوات!!، فلماذا نعرقل الطريق أمام المبدعين بمزيد من الإحباط ؟!.
اضف تعليق