بعد مضي اكثر من سنة على الانتخابات العامة واقل من سنة على الشروع بتشكيل الحكومة والتكالب على المناصب والمواقع، بتعبير المرجعية الدينية العليا، اخذت بعض القوى السياسية ترفع راية المعارضة باعلانها الانتقال الى صفوف المعارضة بعد ان كانت تتحدث عن الحكومة باوصاف شتى يجمعها رابط واحد...
بعد مضي اكثر من سنة على الانتخابات العامة واقل من سنة على الشروع بتشكيل الحكومة و"التكالب على المناصب والمواقع"، بتعبير المرجعية الدينية العليا، اخذت بعض القوى السياسية ترفع راية المعارضة باعلانها الانتقال الى صفوف المعارضة بعد ان كانت تتحدث عن الحكومة باوصاف شتى يجمعها رابط واحد هو حكومة مشاركة الكل.
ويفتح هذا "التطور" الباب واسعا امام جملة من التساؤلات اولها لماذا الان وليس اخرها ان كان هذا التحول للمعارضة صادقا ام انتهازيا؟ وهل جاء من موقف مبدئي ام رد فعل على عدم الحصول على جزء مرضي من كيكة السلطة بناء على قاعدة المحاصصة ومبدأ الاستحقاق الانتخابي؟ وبعبارة اخرى هل موقف سياسي او تجاري؟ ام هو مجرد ورقة ضغط للحصول على ما لم يتم الحصول عليه من خلال موقف المولاة؟
من حيث المبدأ، وبغض النظر عن هذه الاسئلة واجاباتها، وبغض النظر عن النوايا والمسوغات والتبريرات، فان المعارضة من متطلبات الحياة السياسية الديمقراطية.
يقوم النظام السياسي الديمقراطي على محورين هما: الحكومة الومعارضة.
الحكومة تتالف من حزب واحد او عدة احزاب؛والمعارضة تتألف من حزب واحد او عدة احزاب.
وايضا من حيث المبدأ، لا يصح ان تكون كل الاحزاب ضمن الحكومة لان هذا يعطل الية اخرى من الاليات الديمقراطية وهي: المراقبة والمحاسبة.
لكن في العراق جرى الخلط بين الديمقراطية التمثيلية العددية، والديمقراطية التوافقية بشكل عشوائي انتج ما عرف بالمحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية على اساس الاستحقاق الانتخابي. وكان هذا من عيوب التأسيس التي تحدثت عنها كثيرا.
وكان من اسباب هذا الخلط العشوائي عدم فهم الديمقراطية بشكل صحيح وغياب الثقة المتبادلة بين اطراف العملية السياسية.
وربما كان السبب الاساسي هو طمع الجميع بمكاسب المناصب التنفيذية.
يبدو ان بعض الاحزاب ادركت خطأ ذلك الان. وهو ادراك متأخر بطبيعة الحال.
هذا التحول ان صحت اخباره فقد يكون بداية لشيء صحيح او سليم في الحياة السياسية العراقية.
وارجو ان لا يكون ادراكا انتهازيا.
ويمكن ان تطور المعارضة عملها بتشكيل مكاتب مراقبة ومحاسبة مناظرة للحقائب الوزارية.
في بريطانيا يسمون هذه الالية بحكومة الظل.
ويتعين على القوى السياسية التي تفكر بالانتقال الى المعارضة ان تعرف ان المعارضة ليست مجرد بيان، وانما يفترض ان يكون خطوة نحو اعادة هندسة بناء الدولة من خلال (١) فصل المسار السياسي عن المسار التنفيذي وعدم تطبيق قاعدة الاستحقاق الانتخابي على مناصب الدولة من وكيل وزارة فما دون و (٢) اعتماد معيار الكفاءة والنزاهة بدل معيار الانتماء والولاء في تولي الوظائف العامة.
يبقى السؤال الذي طرح في بعض المواقع وهو هل يتعين على المعارضة الانسحاب من كل اجهزة الدولة (غير مجلس الوزراء)؟
الجواب: ايضا من حيث المبدأ لا. لأن المعارضة تعني عدم الاشتراك في مجلس الوزراء، اما مواقع الدولة الاخرى ومناصبها فيفترض(١) انها مفتوحة امام جميع المواطنين على قاعدة الكفاءة والنزاهة (٢) و عدم تسييسها مسبقا باخضاعها لقاعدة المحاصصة على اساس الاستحقاق الانتخابي.
اضف تعليق