من كان يصدق أن الشعب الجزائري سينتفض بهذا الشكل السلمي ضد البوتفليقية التي عاثت فسادا طيلة ع عشريتين وكادت أن تنتهي بنا بوثنية عبادة الإله الكادر أي صورة الرئيس مدة خمس سنوات نحو الاستحمار هذه المرة. وللجمعة الحادية عشرة على التوالي ما يزال الحراك، على...
من كان يصدق أن الشعب الجزائري سينتفض بهذا الشكل السلمي ضد "البوتفليقية" التي عاثت فسادا طيلة ع عشريتين وكادت أن تنتهي بنا بوثنية عبادة الإله "الكادر" -أي صورة الرئيس -مدة خمس سنوات نحو "الاستحمار" هذه المرة.
وللجمعة الحادية عشرة على التوالي ما يزال الحراك، على أوجه لم يضعف لا من حيث التعبئة، ولا من حيث المطالب وقوة الشعارات، حيث حمل في طياته العديد من الحقائق والأرقام نذكر من بينها:
1- يخرج كل يوم جمعة نصف الشعب الجزائري تقريبا (22) مليون شخص للشارع، في حراكهم السلمي للمطالبة برحيل النظام، وهو رقم قياسي عالمي بإمكانه أن يسجل في كتاب غنيس.
2- يتواصل الحراك للأسبوع الحادي عشر بنفس الزخم البشري التواق للحرية والعدل، رغم أنه لا أحد يعرف مؤطريه. وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة؟
3- تشارك كل الفئات العمرية من الشعب الجزائري ذكورا وإناثا في المسيرات السلمية للتعبير عن طموحاتهم التحررية من بقايا النظام الاستعبادية والاستحمارية التي دفعت بأفراد النظام "تقديس الكادر" في محافل رسمية حتى خيل للشعب الجزائري أنهم سيعبدونه كعجل السامري في عهد سيدنا موسى عليه السلام.
هناك ثلاث شعارات قوية بقيت ترددها حناجر الجماهير في الحراك كل مرة، لم تتغير منذ البداية لما فيها من دلالات رمزية في هذه المسيرات وهي: سلمية.. سلمية، جيش شعب خاوة.. خاوة، تتنحاو ڤاااااااااع..
4- كل سكان الولايات الجزائرية الـ 48 دون استثناء يشاركون بقوة في المسيرات للتعبير عن إرادتهم في التغيير.
5- استقطبت ولاية برج بوعريريج اهتمام الإعلام المرئي بسبب الكثافة الكبيرة لمشاركة سكانها حتى صارت تنافس سكان العاصمة. وما يلفت الانتباه تلك العمارة الشاهقة التي هي في طور الانجاز والتي أطلق عليها اسم قصر المؤتمرات لأنها تمتلي شرفاتها بالحراكيين كل يوم جمعة.
6- كانت الراية الجزائرية "إيقونة" الحراك ترفع بالآلاف على الأكتاف وفي كل مكان حتى صار "الحراكيون" يتنافسون فيما بينهم، من حيث العدد والشكل والطول. وقد حطم سكان ولاية الوادي الرقم القياسي في رفع أطول راية وطنية على المستوى الوطني رفعها السكان على أكتافهم طولها نحو 200 متر.
7- الراية الفلسطينية هي بدورها كانت حاضرة في كل المسيرات وظاهرة للعيان بأعداد كبيرة تزين الحراك في كل الولايات دون استثناء، مما يبين أن القضية الفلسطينية حاضرة في قلوب الشعب الجزائري رغم انشغالهم بمستقبلهم. مما يذكرنا بمقولة "مع فلسطين ظالمة أو مظلومة".
8- لوحظ في هذا الحراك عودة شهداء ثورة التحرير رحمهم الله بقوة من خلال رفع صورهم في كل المسيرات للتعبير عن "نوفمبرية حراكهم" والعودة إلى منابعها الأصيلة.
9- ينطلق الحراك كل يوم الجمعة عبر كل الولايات، مباشرة بعد الانتهاء من صلاة الجمعة، حسب توقيت كل ولاية ويتوقف ساعة قبل صلاة المغرب، لإتاحة الفرصة لفرق تنظيف المحيط، وبطبيعة الحال ولايات أقصى الشرق الجزائري هي التي ينطلق فيها الحراك، وأخرها ولايات الغرب وذلك بسبب طلوع الشمس.
10- أسقط الحراك فتنة الطائفية التي كانت تراهن عليها "البوتفليقية" لتفتيت الشعب الجزائري وتحريف مطالبه وضرب سلميته مثلما كانت تعمل طيلة عشريتين، حيث تبين أن فلسفة "البوتيفليقة كانت تعمل بمبدأ فرق تسد، على العكس وحدت الشعب الجزائري.
11- صحح الحراك صورة الشعب الجزائري بسلميته وحسن تنظيمه، لدى ذهنية المجتمع الدولي، حتى عادت هذه الأمة محل اهتمام وسائل ل الإعلام العالمية، وبتصدره نشرات أخبار كبريات وسائل الإعلام.
12- كل متتبعي وقائع الحراك لاحظوا أن "الحرقة" الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا توقفت بسبب عودة الأمل للشباب وحتى نسبة الجريمة في البلاد انخفضت.
13- عدد المحاكمات التي طالت "رجال الأعمال" في أسبوع يضاهي عددها في العشرتين الماضيتين رغم اختلاف نوعية "الشخصيات" الفاسدة.
14- خطابات قائد صالح رئيس الأركان الأسبوعية ونشاطه الميداني كانت أكثر من تدخلات عبد القادر بن صالح رئيس الدولة رغم أنه الأولى بمخاطبة الشعب الجزائري عن المستجدات السياسية باعتباره المسؤول الأول للجزائر.
15- برزت وجوه سياسية شابة في هذا الحراك بمستوى عال من حيث التواصل وتحليل الأحداث واستشرافها وهي قادرة على تحمل مسؤوليتها في تسيير البلاد كانت هذه الطاقات في طي النسيان...
16- لأول مرة منذ عشرتين تنفتح القناة الوطنية "اليتيمة" على الحراك والمعارضة بالتغطية والتحليل رغم جمود عقلية بعض صحافييها الذين مازالوا يعملون في اتجاه الفكر الواحد ولم يتعودوا على طرح الأسئلة ذات الاتجاهين.
هذه بعض الحقائق عن الحراك التي استوقفتنا، نتمنى أن لا يطول عمر الحراك حتى يتفرغ الشعب الجزائري لبناء دولته، دولة الأمل والحرية والمعرفة والعمل، شريطة أن يتسلم الشعب السلطة حتى يقرر مصيره بنفسه بعيدا عن كل وصاية أو ضغوط محلي أودولي.
اضف تعليق