تستهدف الفكرة انتشال المواطن مؤقتا من الواقع المعاش المزري، وتحرير وعيه ومشاعره من سلبيات هذا الواقع، ليستطيع النظر بحرية اكثر الى صورة الدولة الحضارية الحديثة كما يعد بها المستقبل، المشروط، بلا شك، بالعمل/ لا ازعم ان هذا ممكن بالنسبة لجميع المواطنين. فانا ادرك ان سلبيات الواقع تكبل البعض بالاغلال...
منذ بدأت اكتب حول الدولة الحضارية الحديثة واجهتني عدة صعوبات في توصيل الفكرة الى المتلقي. احدى هذه الصعوبات تتمثل في الموقع الذي يقف فيه المتلقي وهو ينظر الى الفكرة. وجدت ان بعض المتلقين ينظرون الى الفكرة، وهي مشروع مستقبلي، وهم يقفون في دائرة الواقع المعاش في العراق تحديدا. اي انهم ينظرون الى د ح ح من خلال الواقع العراقي. وهو واقع لا تسر صورته الصديق. واقع متخم بالمشاكل وعوامل الاحباط واليأس. واقع يدفع صاحبه الى الشعور المؤلم بالاحباط وفقدان الثقة والتشاؤم والسوداوية. ويقوم المتلقي باسقاط صورة الواقع على فكرة د ح ح، فلا يرى الا صعوبات تحقيقها، لا يرى الا عدم امكانية اقامتها. ففي تصور المتلقي ان واقعا غارقا في الفساد والفشل وعدم القدرة على الانجاز لا يحمل في ثناياه بذور د ح ح ولا امكانية استزراعها في تربة هذا الواقع المرير. النظر الى الفكرة من خلال الواقع لا تُري المتلقي غير العقبات والصعوبات؛ بل يشوه فكرة د ح ح ويحول دون رؤيتها بصورة صحيحة سليمة مشرقة.
لذا اتمنى ان يخرج المتلقي من هذا المربع، وينتقل الى مربع ثانٍ، وهو النظر الى الواقع من خلال فكرة د ح ح. تتيح هذه الطريقة للمتلقي ان يرى الامكانيات القائمة في الواقع المعاش. الامكانيات التي تحتاجها عملية اقامة د ح ح.
تتطلب هذه الطريقة الاهتمام بدراسة فكرة د ح ح بعيدا عن ضغوطات الواقع العراقي المعاش المتخم بالسلبيات. اطروحة د ح ح اطروحة جميلة استطاع العديد من المجتمعات تحقيقها بفعل نضال ابنائها المستمر وتضحياتهم الكبيرة ولم تنزل عليهم من السماء ولم يقدمها احد اليهم على طبق من ذهب، ولم يكن الطريق اليها معبدا بالزهور.
طرح فكرة د ح ح بصورة مجردة يستهدف ايجاد صورة مستقبلية جذّابة تكون عامل شد نحو المستقبل وعامل تحريك للواقع نحوها، انطلاقا من ان المستقبل، او الرؤية المستقبلية الواضحة هي احد اهم محركات التاريخ، احد اهم دوافع الحراك الاجتماعي الايجابي البناء.
تستهدف الفكرة انتشال المواطن مؤقتا من الواقع المعاش المزري، وتحرير وعيه ومشاعره من سلبيات هذا الواقع، ليستطيع النظر بحرية اكثر الى صورة د ح ح كما يعد بها المستقبل، المشروط، بلا شك، بالعمل.
لا ازعم ان هذا ممكن بالنسبة لجميع المواطنين. فانا ادرك ان سلبيات الواقع تكبل البعض بالاغلال وتمنعهم من النظر الى ما هو ابعد. لكنني على ثقة من امكانية التحرر الشعوري والذهني والفكري لدى البعض الاخر مهما كان عددهم قليلا. هذا العدد القليل الواعي سوف يتجاوز الواقع المعاش ويتحرر من اغلاله وينظر الى المستقبل كما تصوره اطروحة د ح ح بامل وايجابية وثقة بامكانية التغيير.
سوف يشكل هؤلاء المواطنون الفعالون النويات الحضارية التي سوف توقد جذوة التغيير وشعلة الحراك الاجتماعي نحو د ح ح. سوف يشكل هؤلاء الواحة الحضارية المتقدمة في المجتمع المتخلف وتأخذ على عاتقها حمل راية التغيير والسير بخطى واثقة نحو بناء المجتمع الجديد واقامة د ح ح.
ما اقوله ليس امنيات مستحيلة حتى وان بدأت بعيدة المنال للوهلة الاولى، لكن النظر اليه من زاوية حقيقة التطور التاريخي للمجتمعات والدول كفيل بتجاوز معوقات الحاضر.
النظر الى فكرة د ح ح من خلال الواقع السيء يؤدي الى تضخم اليأس، بينما النظر الى الواقع السيء من خلال الفكرة يزرع الامل بامكانية تغييره.
اضف تعليق