q
أطراف الحرب في اليمن ينزلون من السلم الذي حاولوا تسلقه على جثث اليمنيين، وحياة الحرب صارت قليلة، والمجاعة في طريقها لتكون اقل وطأة على الشعب المظلوم، وربما ستقوم الدول التي دعمت السعودية بالسلاح بتقديم موائد طعام كبرى لليمنيين على شكل مساعدات إنسانية طلبا للمغفرة عن جريمتهم الكبرى...

اخير وبعد سنوات من الحرب، توافق السعودية وتحالفها مع الامارات وحكومة المنفى اليمنية على وقف لاطلاق النار في مدينة الحديدة، بالاتفاق مع حركة انصار الله الحوثيين، الذين يعتبرون في نظر السعوديين وكلاء ايران الرسميين في اليمن.

وفد الحكومة الموالية للسعودية اجرى مفاوضات مع الوفد الحوثي استمرت من 6 كانون الأول وحتى 13 كانون الأول، وانتهت المفاوضات باتفاق ينص على وقف فوري لإطلاق النار في مدينة الحديدة وموانئها والصليف ورأس عيسى.

كما اتفق الوفدان على إعادة انتشار مشترك للقوات في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة. ونص الاتفاق أيضا على الالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات عسكرية من قبل الطرفين إلى محافظة ومدينة الحديدة، وإزالة جميع المظاهر العسكرية والمسلحة من المدينة.

وتضمن الاتفاق تشكيل لجة تنسيق مشتركة وأن يقدم رئيس اللجنة تقارير أسبوعية من خلال الأمين العام لمجلس الأمن حول تنفيذه.

هذه الخطوة تمثل اختراقا كبيرا من قبل الطرفين لبعضهما، وبداية لمرحلة انهاء الحرب، فالكل بدا مقتنعا بصعوبة تدمير خصمه دون ان يدمر نفسه اولاً، السعودية من جانبها ومعها الامارات والحكومة المعترف بها دوليا، تقف الان في موقف لا تحسد عليه، سواء على نطاق العمليات العسكرية الميدانية، او على مستوى الدعم الخارجي الذي بدأ يتقلص يوما بعد اخر، وهي ترى ضرورة الاستعداد لسنوات الجفاء مع الحلفاء الغربيين، او على الأقل تجاوز فترة برودة العلاقة معهم.

اما الحوثييون فحالهم ليس افضل من السعودية، اذ انه ورغم ما يشاع من اتهامات للرياض بتسببها بالمجاعة التي يتعرض لها الشعب اليمني، الا انهم يتعرضون لضغط هائل من قبل السكان، فتوفير الطعام والاحتياجات الأساسية للمواطنين الساكنين في مناطق سيطرتهم من مسؤولية حركة انصار الله بالدرجة الأساس، واذا لم يستطيعوا القيام بهذه المهمة، يفترض على الأقل نظريا ان يتركوا الميدان لمن يستطيع إدارة الحرب بجانبيها العسكري مع المحافظة على خطوط الامدادات الغذائية للشعب.

لكن اذا نظرنا بزاوية أوسع، نجد ان الرياض هي المتضرر الأكبر من استمرار الحرب، فكل الأضواء اليوم مسلطة على سياساتها في المنطقة، خاصة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وما تبعه من تساؤلات حول مدى أخلاقية دعم الدول الغربية لنظام استبدادي لا يهمه سوى تثبيت اركان حكمه باي وسيلة كانت.

وفي اخطر خطوة تجاه انهاء الحرب في اليمن، أقر مجلس الشيوخ الأميركي، يوم الخميس، مشروع قانون ينهي الدعم العسكري الأميركي للسعودية متحديا بذلك الرئيس دونالد ترامب، وقد وصفته وسائل اعلام غربية وعربية بانه تصويت تاريخي يعكس غضب المشرعين من السياسات السعودية.

ورغم أن هذا الإجراء سيكون عليه اجتياز عقبات أخرى حتى يصبح قانونا إلا أن التصويت بموافقة 56 واعتراض 41 عضوا يعد أول إجراء من نوعه يؤيد فيه أي من مجلسي الكونغرس خطوة لسحب قوات أميركية من المشاركة في عمل عسكري أجنبي وفقا لقانون سلطات الحرب.

وحد هذا القانون، الذي سن في فترة حرب فيتنام، من قدرة الرئيس على إبقاء قوات أميركية أمام أعمال عدائية محتملة دون موافقة الكونغرس.

تعليقات المسؤولين الأمريكيين بعد إقرار القانون عكست حجم الغضب داخل واشنطن تجاه الرياض، اذ قال السيناتور بيرني ساندرز "اليوم نقول للنظام الاستبدادي في السعودية إننا لن نكون بعد الآن جزءا من مغامراته العسكرية".

أما السيناتور راند بول فعلق على القرار بقوله "بتصويته التاريخي، يبعث مجلس الشيوخ رسالة واضحة للسعودية بأننا لن نغض الطرف عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان وتصفية المعارضين واليمنيين الأبرياء".

اليمن بحاجة الى قرارات تاريخية تنهي حربا هي الابشع في التاريخ الحديث، مجاعة، وفقر، وموت يومي بالمجان، لا لسبب مقنع سوى ان قرارا لملك جديد وابنه الشاب دفعهم لشن حرب على دولة فقيرة لاثبات الحزم والعزم كما روج في تلك الفترة.

اليوم وبعد التاثيرات الكارثية للحرب على اليمن، سواء على الشعب اليمني والمجاعة والقتل الذي تحمله، او على مستوى تشويه صورة السعودية، تقتنع هذه الأخيرة ان قرارها بشن الحرب تلك، كان اكبر خطأ يمكن ارتكابه.

اطراف الحرب في اليمن ينزلون من السلم الذي حاولوا تسلقه على جثث اليمنيين، وحياة الحرب صارت قليلة، والمجاعة في طريقها لتكون اقل وطأة على الشعب المظلوم، وربما ستقوم الدول التي دعمت السعودية بالسلاح بتقديم موائد طعام كبرى لليمنيين على شكل مساعدات إنسانية طلبا للمغفرة عن جريمتهم الكبرى.

اضف تعليق