بحسب الاهداف التي حددتها السعودية مع انطلاق حملتها العسكرية ضد اليمن، والتي تضمنت ايقاف تقدم الحوثيين نحو "عدن" معقل الرئيس الهارب "هادي" والمدعوم من السعودية، وتدمير قوتهم العسكرية، او تسليمها الى القوات الموالية للرئيس هادي، واعادة الرئيس المخلوع الى سدة الرئاسة اليمنية، وبعد انتهاء الاسبوع الاول من المدة الزمنية التي رسمتها (كانت قد اعلنت ان عاصفة الحزم قد تستمر لشهر واحد ثم تم تمديد الموعد لفترة قد تمتد لستة اشهر)، فان اغلب المراقبين ما زالوا يرون ان هناك فرقا واسعا بين هذه الاهداف وما حققه "التحالف السعودي" خلال الايام الماضية، كما يرى البعض الاخر ان التوقيت لا يصب في مصلحة السعودية التي قد تشعر بالحرج اما تمدد الحوثيين ودخولهم مدينة "عدن" التي اعتبرتها المملكة "خط احمر" اجبرها على التدخل العسكري بقوة خليجية وعربية واسلامية كبيرة شملت مئات الطائرات وعشرات الالاف من الجنود والدبابات والمدافع، فضلا عن عشرات القطع والسفن الحربية التي انتشرت على طول الخليج والبحر الاحمر وباب المندب، اضافة الى استعانتها بالدعم اللوجستي والاستخباري الذي وفرته القوات العسكرية الامريكية القريبة من مناطق الصراع والمنتشرة في اريتريا او المياه الدولية.
وتعرف السعودية التي روجت منذ انطلاق الحملة العسكرية في 26/ اذار، الى خيار المواجهة البرية ودخول اليمن اذا اقتضت الضرورة، انها في حال استخدمت هذا الخيار فإنها ستوجه (بصورة عملية) سلاحها العسكري الى اكثر من طرف موجود على الارض اليمنية قد يرفع السلاح بوجه هذا التحالف:
1. حركة "انصار الله" المنتمين الى جماعة الحوثيين واللجان الثورية التابعة لها والتي تقود المواجهة المسلحة مع انصار الرئيس المخلوع "هادي"، وهم قريبون من الحدود الجنوبية للملكة يمكن ان يهددوا المناطق الحدودية بشكل مباشر على غرار ما حدث في حرب عام 2009.
2. قوات الجيش والحرس الجهوري الموالية لصالح والتي اشارت الوقائع الميدانية ان الرئيس السابق "علي عبد الله صالح" ما زال يملك ولاء اغلب هذه القوات التي قصفت اغلب معاقل الرئيس "هادي"، واستخدمت الطائرات والدبابات والمدفعية الثقيلة في التقدم نحو "عدن"، والتي اكدها وزير الخارجية اليمني "رياض ياسين" بالقول "إن مشكلة اليمن الرئيسية ليست المقاتلين الحوثيين الذين سيطروا على معظم البلاد ولكن حليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح إذ أن قواته أفضل تدريبا وتسليحا".
3. القبائل اليمنية المنتشرة في اليمن، والتي تقف مع الحوثيين ضد الحملة العسكرية، اضافة الى القبائل الاخرى التي من الممكن ان تغير ولاءاتها بصورة سريعة في حال تغيرت قناعاتها القبلية او تضررت مصالحها نتيجة الحملة العسكرية.
4. تنظيم القاعدة في اليمن، والذي تعتبره الولايات المتحدة الامريكية، اقوى فروع التنظيم في العالم، ويمكن ان يدخل كطرف اساسي في مواجه القوات البرية للحلفاء في اليمن، في محاولة لخلق المزيد من الفوضى والارباك الامني في الداخل، وقد قام التنظيم يوم الخميس الماضي باقتحام "سجن المكلا المركزي" التابع لمدينة "حضرموت"، واطلقوا سراح (300) سجين، بينهم القيادي البارز في التنظيم "خالد باطرفي"، كما هاجموا الميناء والقصر الرئاسي ومقار الادارة المحلية والمحافظ والامن والمخابرات وفرع المصرف المركزي في المدينة الساحلية.
ووجهت السعودية والرئيس اليمني المدعوم منها اتهامات مباشرة الى ايران بدعم ما اسمتهم "المتمردين الحوثيين" وتسهيل "استيلائهم" على صنعاء والزحف نحو عدن، ولم يتم توضيح طبيعة هذا الدعم المقدم من ايران الى الحوثيين، ومع ان قوات التحالف الذي تقوده السعودية سيطر بصورة تامة على الاجواء اليمنية (خلال 14 دقيقة بحسب التصريحات السعودية)، وعزل اليمن بحريا عن العالم (بسفن حربية سعودية ومصرية)، الا ان اتهام ايران بتقديم الدعم ما زال يتردد في اغلب التصريحات التي يذكرها المسؤولين في المملكة العربية السعودية، والغريب في الامر مطالبة وزير الخارجية اليمني "رياض ياسين" "بتحرك دولي أكثر فعالية لصد المقاتلين الحوثيين المتحالفين مع إيران قبل أن يسيطروا على المدينة (عدن) بالكامل"، في حين ذكر في وقت لاحق ان "النقطة المهمة الآن هي أنه إذا توقفت قوات علي عبدالله صالح عن القتال معهم، فأعتقد أنهم (الحوثيون) سيبدأون في التراجع، هم قليلون ومعهم أسلحة خفيفة فقط"، وكانت اغلب التصريحات والبيانات المتعلقة بعملية "عاصفة الحزم" مبنية على تناقضات واضحة واستنتاجات مبهمة، الامر الذي قد يعكس حالة الفوضى والارباك داخل من يقود عاصفة الحزم بعد ان فشلت (حتى الان) في تحقيق نتائج واقعية على الارض، بحسب ما يرى الكثير من المتابعين، سيما وان البعض يتسأل عن الخطوة القادمة بعد الضربات الجوية التي لم تحقق الاهداف السعودية؟.
واشارت العديد من التسريبات الى وجود خلافات وانقسام بين مؤيدين للحملة ومعارضين لها داخل العائلة المالكة في السعودية، ففي حين يصر المؤيدين لها الى الذهاب نحو العمل البري، يرى المعارضين بانها مغامرة غير محسوبة قد ترتد بصورة عكسية على امن المملكة، وتحاول السعودية الضغط على المجتمع الدولي لتمرير مشروع قرار في الامم المتحدة يستهدف المزيد من العقوبات ضد الحوثيين لكنه يدعو الى "اعادة اطلاق الحوار السياسي"، لكن عليها اقناع روسيا (التي هاجمها وزير الخارجية السعودي "سعود الفيصل" بقوة خلال القمة العربية الاخيرة) بالموافقة على مشروع القرار بدلا من اجهاضه، وفي حال تمكن الحوثيين او قوات "صالح" من السيطرة على "عدن" فان مصداقية السعودية وحملة "عاصفة الحزم" ستكون على المحك، وستكون مجبرة على خيارين صعبين، اما ان تدخل في مواجهة برية لا يمكن التكهن على الاطلاق بنتائجها المستقبلية، او التماهي مع الحوثيين لإيجاد مخرج سياسي يحفظ ماء الوجه للسعودية ومن تحالف معها.
اضف تعليق