لا تزال السعودية والامارات تعانيان في إيجاد مخرج لحربهما التي لا يُرى أي افق لنهايتها، اذ تحولت الامارتين الخليجيتين الى اضحوكة للتحليلات العسكرية الغربية لخططهما عديمة الفعالية، وفي المقابل يواجههما هجوم لاذع عبر الصحافة الغربية والمنظمات الحقوقية الدولية التي تعتبر الحرب الجارية بانها تمثل الحرب الأكثر وحشية في التاريخ الحديث...
لا تزال السعودية والامارات تعانيان في إيجاد مخرج لحربهما التي لا يُرى أي افق لنهايتها، اذ تحولت الامارتين الخليجيتين الى اضحوكة للتحليلات العسكرية الغربية لخططهما عديمة الفعالية، وفي المقابل يواجههما هجوم لاذع عبر الصحافة الغربية والمنظمات الحقوقية الدولية التي تعتبر الحرب الجارية بانها تمثل الحرب الأكثر وحشية في التاريخ الحديث.
وكان الهجوم الأخير لاستعادة مدينة الحديدة الساحلية ومطارها ومينائها هو المثال الاوضح للفشل السعودي الاماراتي سواء على مستوى فعالية التخطيط العسكري او تنفيذ بنود الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان، ما ضيق الخناق على دول التحالف العربي ودفعها للبحث عن مخرج آمن للنزول من السلم مع شيء من الكرامة، فوافقت على خطة مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن، دون ان تحصل على أي من أهدافها.
لكن حركة أنصار الله (الحوثيون)، استغلوا الادانات الدولية لهجوم الحديدة عبر شن هجوم معاكس، فقد اطلقوا ولأول مرة طائرة بدون طيار وصلت الى خزانات النفط التابعة لعملاق النفط السعودي "أرامكو"، وهو ما اعتبر تحولا استراتيجيا في مدار الصراع الدامي، ولم يتوقف الحوثيون عند هذا الحد، بل هاجموا بارجة سعودية اقرت بها الرياض في اعتراف نادر ستكتشف أسبابه لاحقا.
وختم الحوثيون أسبوعهم الماضي بمهاجمة مطار أبوظبي الدولي، عبر طائرة بدون طيرة اطلقت عليها اسم "صماد3"، وهذا الهجوم الأول من نوعه رغم انه كان مقرر له سلفا حيث حذر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، بشكل متكرر بان استمرار القصف الاماراتي يعني عمليا مهاجمة عاصمتها عاجلا او اجلا وها هي آفاق جديدة تفتح في الصراع اليمني لكنها ليست في صالح السعودية والامارات وجاء التحول هذا في توقيت غير مناسب جدا، حيث ترتفع حدة التوتر بين الولايات المتحدة وايران وتهديد الأخيرة باغلاق مضيق هرمز واستهداف جميع المصالح الامريكية في المنطقة.
ومثلما استخدم الحوثيون الانتقادات الدولية لهجوم الحديدة ونفذوا اقوى هجماتهم منذ بداية الحرب، تقود السعودية والامارات نفس الخدعة لاستغلال التوتر بين واشنطن وطهران، واتهام ايران بدفع الحوثيين الى لتهديد التجارة الدولية، فاقدمت مباشرة على وقف تصدير شحنات النفط عبر مضيق باب المندب، للتناغم مع المخاوف الدولية التي لا ترى أي مبرر لعرقلة طرق الامدادات العالمية من قبل ايران او حلفائها.
الخبير في شؤون الشرق الاوسط جيمس دورسي يقول إن تعليق شحنات النفط "يوفر للسعودية والامارات فرصة لدفع المجتمع الدولي نحو التركيز على ايجاد حل للحرب في اليمن. وتابع "تعليق شحنات النفط قد يؤدي الى تصاعد النزاع مع احتمال تدخل قوى خارجية لمساندة السعودية".
اما وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية انور قرقاش فقد استغل المناسبة للتذكير بخطر الحوثيين وغرد على حسابه على "تويتر" الخميس ان "استهداف ناقلتي النفط السعوديتين في البحر الأحمر يؤكد ضرورة تحرير الحديدة من ميليشيات الحوثي. الاعتداء الممنهج على الملاحة البحرية تصرف إرهابي أهوج". وسبقه بنفس اللهجة المتحدث الرسمي باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي في بيان نشرته وكالة الانباء السعودية الاربعاء قائلا ان "الهجوم الارهابي يشكل تهديداً خطيراً لحرية الملاحة البحرية والتجارة العالمية بمضيق باب المندب والبحر الأحمر". وتابع ان "استمرار هذه المحاولات يثبت خطر هذه الميليشيا ومن يقف خلفها على الأمن الإقليمي والدولي، ويؤكد استمرار استخدام ميناء الحديدة كنقطة انطلاق للعمليات الهجومية الإرهابية".
وليس من قبيل الصدفة ان يتزامن تعليق شحنات النفط مع وصول المبعوث الدولي لليمن مارتن غريفيث الى صنعاء لاجراء محادثات مع المتمردين بهدف استئناف عملية السلام وتجنيب مدينة الحديدة الحرب. ويتبين ان الصراع اليمني يتحول بشكل تدريجي الى صراع دولي اكبر، برغبة من اطرافه التي لا تجد أي سبيل للحل اذا ما بقي على حالة الجمود الان.
التحشيد الاماراتي السعودي للراي العام الدولي لادانة الحوثيين، واظهارهم كقوة مهددة للسلم الدولي، وفي نفس الوقت استخدام الحوثيين لنفس الخطاب لتذكير العامل بان الهجمات ضد المدنيين هي ابشع انتهاك لحقوق الانسان يضع اليمن محورا للصراعات الدولية لا سيما اذا كانت اطراف الحرب تستنجد بالتدخل الخارجي بكل هذه الصراحة، لكن اذ افلتت الأمور من اطارها الإقليمي فهل تستطيع اطراف الصراع تحقيق أهدافها وهي أسيرة للتفاهمات الدولية؟ اذا ما اخذنا في الحسبان ان تدويل الازمة السورية المشابهة لحرب اليمن قد جعلها الأكثر وحشية والأكثر خسارة لجميع الأطراف.
اضف تعليق