عاش الشعب في ظل حكومة الاحتلالات من اجل لا شيء، باستثناء الحفاظ على مكتسبات القوى السياسية التي تمثل مكاتب للقوى الاقليمية والدولية، لا يحق لك الحديث عن مأساة الكهرباء، فحوالي اكثر من عقد ونصف من الزمن ليست كافية لتزويد العراق بالكهرباء، ووصل الحال باحدى المرشحات لمجلس النواب ان تطلب وقتا اضافيا مقداره اربع سنوات اخرى لعلها تستطيع اصلاح ما تم تخريبه من خلال المحاصصة والخضوع للخارج...
النظرة السلبية للتشاؤم هي الكابح الاول لطلاب التغيير، فكل الثورات التي حدثت في العالم جاءت بعد ارتفاع منسوب التشاؤم حتى الفيضان، وكل عملية تغيير لا بد وان تسبقها تصورات من عدم الرضى عن الاداء الحكومي.
ان نتبنى الخط المتفاءل فنحن نروج لاستمرارية الفشل المدوي في بلد مثل العراق، كان نظام المقبور صدام يهيئ الجمهور للانتصارات المستقبلية الوهمية، ويدعوهم للتفاؤل للوصول الى تلك الانتصارات الكبرى على مستوى الاقتصاد وتوفير سبل العيش الكريم، وصبر الشعب سنوات الى ان وقع البلد في قبضة احتلالات متعددة اهمها الاحتلال الامريكي الرسمي واحتلال دول الجوار غير الرسمي.
في ظل حكومة الاحتلالات لا يسمح لك بالحديث عن البؤس الذي ينتظر الشعب، لان ذلك من بنيات افكار القوى الخارجية التي تتامر على العملية الديمقراطية الوليدة، او انك مناصر لحزب البعث الاجرامي، حتى وان كنت في اشد حالات الحرص الوطني فما دامت افكارك تتعارض مع نظام المحاصصة السياسية فانت بالضرورة بعثي او متآمر مع العدو الخارجي.
عاش الشعب في ظل حكومة الاحتلالات من اجل لا شيء، باستثناء الحفاظ على مكتسبات القوى السياسية التي تمثل مكاتب للقوى الاقليمية والدولية، لا يحق لك الحديث عن مأساة الكهرباء، فحوالي اكثر من عقد ونصف من الزمن ليست كافية لتزويد العراق بالكهرباء، ووصل الحال باحدى المرشحات لمجلس النواب ان تطلب وقتا اضافيا مقداره اربع سنوات اخرى لعلها تستطيع اصلاح ما تم تخريبه من خلال المحاصصة والخضوع للخارج.
الحديث عن فرص العمل في ظل حكومة الاحتلالات يشبه روايات الخيال العلمي، فلا يحصل على الوظائف الا من كان مقربا من حزب سياسي متنفذ او له قدرة على دفع المال للسماسرة، والشهادة العالية او المؤهلات الكبيرة تبقى حبيسة في جيب صاحبها ما دام لا يعرف بطرق الاحزاب الكسب غير القانونية.
في وسائل الاعلام التي تملكها احزاب السلطة تم تقسيم المجتمع طائفيا وقوميا، وعلى ضوء ذلك تقيم معايير نجاح الحكومات من خلال استعداء الاخر وتضخيم الانا، الا ان الواقع مختلف تماما، فهناك طبقتين فقط، هما طبقة الحكام، وطبقة عامة الناس المعدمين، ويحق للحكام ومن يدور في فلكهم ان يحصلوا على افضل الوظائف الحكومية وان يتمتعوا بالسفر الى اجمل بلدان العالم بحجة الايفادات الرسمية، وان يحصلوا على اجازات وعطل رسمية تزيد عن نصف سنة او اكثر يفضل قرارات الحكومة التي قد تعجل في اعطاء عطلة رسمية اذا سمعت ان زخات المطر قد تسقط في الصومال، والحجة في ان ذلك يصعب على الموظفين الوصول الى اماكن عملهم.
اما طبقة المعدمين فلا يتمتعون في اي شيء مما سبق، لكن لهم امتيازات اخرى، ان يتم حجزهم في السيطرات الامنية، لانهم لا يملكون هويات خاصة، وان يتم تاجيل معاملاتهم في المؤسسات الحكومية لان الموظف المختص لا يعجبه اكمال العمل او انه مشغول بترتيبات السفر الى الخارج، ويحق لهم ان ياخذوا اجازة مفتوحة طوال العام لانهم لا يملكون اي فرصة عمل.
اخر المصائب التي تهدد العراق هي جفاف نهري دجلة والفرات، نتيجة بناء تركيا (الجارة) مجموعة من السدود اخطرها سد اليسو، وبالمثل قامت ايران (الصديقة) بقطع روافد نهر دجلة لديها، ما يجعل مهمة الحصول على كالون ماء صالح للشرب غاية في الصعوبة بالنسبة للمواطن المعدم العاطل عن العامل والمحروم من اي امتيازات حكومية، واذا كان قد تحمل أعباء شراء مفردات الحصة التموينية من الأسواق فقد لا تسعفه محفظته المالية لشراء كميات الماء الصالح للشرب بشكل يومي.
قد يصبر المواطن على فقدان الوظيفة التي استولت عليها احزاب السلطة، وقد يكون يضحي بمفردات البطاقة التموينية، لان لديه ما يكفي من مفردات التمور والحنطة وبعض الخضر ليسد رمق عيشه، لكن من الصعب عليه ان يعيش من دون ماء، والله جل جلاله يقول في كتابه الكريم "وجعلنا من الماء كل شيء حي".
اذا نظرنا بواقية الى الوضع الذي وصل اليه البلد، فليس من الأفضل الترويج لثقافة التفاؤل، لان الشعب بحاجة الى من يشحنه للثورة على الطبقة السياسية الظالمة، والتشاؤم في مفهومه السياسي يعني عدم القبول بالواقع ووجود قناعة لدى الشعب بضرورة التغيير، وبدون هذا التشاؤم الايجابي لا يمكن للتغيير ان يحدث.
خطاب التفاؤل اليوم يعني التماهي مع الحكام الظلمة الذين اهدروا كل مقدرات البلد لاشباع رغباتهم الخاصة على حساب الغالبية العظمى من الشعب، ومن باب الحرص على التغيير لا بد من تشجيع ثقافة التشاؤم الايجابي التي تعد احدى اهم مقدمات الثورة واصلاح ما افسدته حكومة الاحتلالات المتعددة.
اضف تعليق