ان تقيّم تجربة سياسية عراقية امام مسؤول كبير، فهذه خطيئة كبيرة رغم ديمقراطية النظام الذي يقوم على مؤسسات مدنية، فانت اما مدفوع من الخارج تحاول تحقيق مخططات تآمرية تستهدف البلد ومنجزات الحكومات المتلاحقة، او انت \"غبي\" لا تفهم من خفايا الأمور شيء سوى الانصياع لما يجري خلف الأبواب المغلقة للمخابرات الدولية والتي تبث دعاياتها عبر وسائل الاعلام المحلية والأجنبية...
ان تقيّم تجربة سياسية عراقية امام مسؤول كبير، فهذه خطيئة كبيرة رغم ديمقراطية النظام الذي يقوم على مؤسسات مدنية، فانت اما مدفوع من الخارج تحاول تحقيق مخططات تآمرية تستهدف البلد ومنجزات الحكومات المتلاحقة، او انت "غبي" لا تفهم من خفايا الأمور شيء سوى الانصياع لما يجري خلف الأبواب المغلقة للمخابرات الدولية والتي تبث دعاياتها عبر وسائل الاعلام المحلية والأجنبية.
ان تطالب بالخدمات فانت لا تشكر النعمة التي تعيشها، اذ لا يمكن مقارنة شارع الحي الذي تسير عليه وهو معبد بالاسفلت في حين انك كنت تفتقد هذه النعمة يوم كان صدام يحكم لمدة 35 عاما، بل انك كنت راضٍ عن ذلك الوضع وتروج لحكم البعث الاجرامي وتدعمه دون أي نقد او مطالبة بالخدمات، انما انتم شعب لا يحترم نفسه وحكومته الا بالقوة. هكذا تكون اغلب إجابات المسؤولين المتحزبين وغير المنجزين لاي اعمال سوى انهم يركبون بالسيارات الحديثة جدا والمدرعة التي تجوب الشوارع طولا وعرضا رغم الزحامات الشديدة لان الخط العسكري مخصص لهكذا نوع من المسؤولين.
هذه هي دولة الديمقراطية التي ينادي بها المسؤول العراقي، وهي دولة مؤسساتية قائمة على حكم القانون فهو فوق الجميع كما تقول بذلك اللافتات المعلقة في السيطرات الأمنية، هذه المدنية انتهكت عذريتها يوم طالبت نائبة في البرلمان باخذ فصل عشائري من نائب اخر لانه تطاول عليها في لقاء تلفزيوني، متناسية ان هناك قانون يجب الاحتكام اليه في فض المنازعات الشخصية، اما اذا كانت بين أعضاء السلطات التشريعية فلا عذر لمن يحاول التملص من القانون الا اذا كان خارجا عليه.
في الحملات الانتخابية ظهرت الكثير من القضايا المسكوت عنها، بعضها جاء في اطار التسريبات التي تحاول التسقيط، وبعضها الاخر انكشف على شكل تصريحات رسمية، اذ ان كثافة التثقيف الانتخابي جعلت عجلة السياسة تدور بسرعة قياسية.
من بين ابرز التصريحات هذا الأسبوع ما قاله نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي، والمرشح لعضوية مجلس النواب مع ابنته هذه المرة، اذ تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي جانباً من زيارة علاوي، لمدينة الأعظمية، ضمن جولته الانتخابية في العاصمة تضمن مشادة حادة بينه وبين مواطن أربعيني استوقفه وسط الشارع خلال تواجده بين أفراد حمايته وحرسه الشخصيين.
المواطن العراقي تحدث بلهجة حادة موجهاً حديثه لعلاوي "أنت مسؤول عني أمام الله"، فرد علاوي "لا أنا لست مسؤولاً عنك"، ليردف المواطن "أنت شنو (ما هو) منصبك؟"، فأجابه علاوي "ليس لدي منصب"، ورد أحد حراس علاوي على المواطن بالقول إنه نائب رئيس الجمهورية لكن بلا صلاحيات.
وتابع المواطن "أنا جئتك وأتحدث اليك أقول لك ذنب الشعب العراقي كلها برقبتكم لا وظائف لا عمل لا صناعة ولا زراعة لا اقتصاد ولا عزا ولا لطام... دمرتمونا والله"، ليرد علاوي بنبرة حادة "لا والله أنتم دمرتمونا... المصريون مرتين طلعوا للشارع وغيروا الحاكم".
فرد عليه المواطن "لا تقارننا بالشعب المصري... نحن شعب طوائف ونختلف عنهم". علاوي الذي بدأ التحرك من أمام المواطن عاد مرة أخرى يكرر عبارة "أنتم دمرتمونا" في إشارة الى الشعب العراقي.
مواقع التواصل الاجتماعي التي ضجت بالنشر عن حديث اياد علاوي كفتنا مؤونة تقييم ما قاله، لكن ما يستوقفنا هو تأكيده ان الشعب المصري هو الذي غير حكومته مرتين، وهنا يستعرض علاوي جوانب الفشل للشعب العراقي بحسب زعمه في استمرار لحالة انكار ما يقوم به هو ورفاقه في السلطتين التنفيذية والتشريعية من افشال لكل جهود المواطن، فهذا الأخير قام بدوره من خلال صندوق الانتخاب بينما على النواب والوزراء اثبات احقيتهم بالتمثيل الانتخابي.
علاوي هو نموذج مصغر لشكل الحكومة والبرلمان الذي لا يرى في الشعب العراقي الا صدى لاصواتهم وشعاراتهم التي يطلقونها في الانتخابات فيصدقهم المواطن "الغبي" برأيهم، وينتخبهم ليجلسوا على مقاعدهم يحتفلون بالامتيازات ويحافظون على نظام سياسي يحتاج الى الكثير من العمل لاصلاحه، بينما هم ساهون في أعمالهم الخاصة وتكوين ثرواتهم العظيمة.
كل المسؤولين الذين تقابلهم تسمعهم يضربون امثلة عن التقدم الاقتصادي في البلدان الأخرى، وكلهم تقريبا يلومون المواطن العراقي بسبب عدم وصولنا الى ما وصلت اليه البلدان الأخرى المتقدمة، الا ان واقع الحال يقول ان ما يقوله المسؤول هو مجرد أفكار معلبة استقاها من وسائل الاعلام ولا يفهم منها شيء، فالشعب المصري الذي غير حكومتين خلال سنوات قليلة، لا يقارن بالشعب العراقي الذي هزم الإرهاب مرتين خلال عشر سنوات، والشعب العراقي هو الذي خاض ست حروب مع حصار اقتصادي خلال ثلاثة فقط.
ما يحتاجه البلد ليس جلد المواطن العراقي، بالطريقة التي اطلقها اياد علاوي في الاعظمية، انما نحن بحاجة الى عقل يفكر كيف يعيد ترميم القلوب العراقية المتكسرة بسبب حروب قيادته المتجبرة، بالإضافة الى استبدال عقل المسؤول المولع بالخارج بعقل مهمته التفكير بطريقة عراقية خالصة لينتج لنا حلولا تناسب البلد، بعد ان فشلت كل التجارب المستوردة.
اضف تعليق