آراء وافكار - مقالات الكتاب

أي مستقبل للعلاقة بين حزب الله والتيّار الوطني الحرّ؟

في ظل المطبات الانتخابية السياسية

التباينات بين الحزب والتيار قد تبرز بقوة أكثر بعد انتهاء الانتخابات النيابية بسبب التقارب الكبير بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، ولأن الوزير جبران باسيل لديه رؤية خاصة يعمل وفقاً لها، تنطلق من ضرورة تعزيز العلاقات مع الجهات الدولية والتمايز عن الحزب...

تواجه العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر في هذه المرحلة الكثير من المطبات الانتخابية والسياسية، ما يطرح بعض الأسئلة عن مستقبل العلاقة بينهما، رغم تأكيد قيادات الطرفين استمرار التحالف السياسي والاستراتيجي.

فعلى صعيد الانتخابات النيابية اقتصر التحالف الانتخابي بين الحزب والتيار على دائرتي بعبدا وبيروت الثانية، في حين أن الطرفين لم ينجحا في ترتيب التحالفات الانتخابية في بقية الدوائر، ما قد يؤدي إلى مواجهات بينها، وهذا سينعكس على مرشحي الطرفين وإمكانية نجاحهم.

وفي الجانب السياسي بدأت تبرز منذ فترة عدة مؤشرات على وجود تباينات بين الطرفين، سواء للنظرة إلى الكيان الصهيوني أو ملف اللاجئين الفلسطينيين، أو على صعيد دور الدولة والموقف من القوى الدولية، وصولاً إلى إعادة طرح ملف الاستراتيجية الدفاعية، والموقف من الرئيس نبيه بري وحركة أمل، وملفات الكهرباء ومؤسسات الدولة وقضاياها.

فما هي أسباب التباينات الانتخابية والسياسية بين الطرفين في هذه المرحلة؟ وهل يستغني التيار الوطني الحر عن التحالف مع حزب الله لمصلحة تعزيز العلاقة مع تيار المستقبل؟ وأي مستقبل للعلاقة بين الطرفين بعد الانتخابات النيابية؟

التباينات الانتخابية والسياسية

بداية ما هي أسباب التباينات الانتخابية والسياسية بين حزب الله والتيار الوطني الحر؟

على صعيد ملف الانتخابات، فقد ساهم قانون الانتخاب القائم على النسبية والصوت التفضيلي الى ابتعاد الطرفين عن التحالف بينهما باستثناء دائرتي بعبدا وبيروت الثانية لأن المصلحة الانتخابية في هاتين الدائرتين قضتا بالتحالف، في حين ان المصالح الانتخابية أدت إلى الابتعاد بينهما في معظم الدوائر، كذلك ساهمت الأجواء السياسية المتوترة بين التيار الوطني الحر وحليف حزب الله (حركة أمل) في تعزيز هذا التباعد في بعض الدوائر.

ففي دائرة جبيل-كسروان حيث يحتاج مرشح حزب الله الشيخ حسين زعيتر لدعم من التيار الوطني الحر، عمد التيار الى عدم ضم زعيتر إلى لائحته، وذلك لأنه يتبنى مرشحاً من آل عواد، ما دفع الحزب إلى تشكيل لائحة خاصة به من هذه الدائرة، وقد تضم أحد القياديين السابقين في القوات اللبنانية، وقد أدى هذا التباين الى عدم ضم حزب الله لمرشح التيار في بعلبك - الهرمل عن المقعد الماروني والعودة الى النائب إميل رحمة الذي تربطه علاقة إيجابية بالطرفين. وأما في دائرة بيروت الثانية، فقد جرى اتفاق أولي على ضم مرشح التيار عن المقعد الانجيلي بديلاً من مرشح الحزب القومي السوري الاجتماعي، وذلك كي يقوم التيار بدعم مرشح الحزب القومي السوري في دائرة مرجعيون - حاصبيا - النبطية - بنت جبيل.

وفي دائرة بعبدا اقتضت مصلحة الطرفين التحالف الانتخابي في مواجهة تحالف القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل.

وأما في بقية الدوائر، فقد أدت الخلافات السياسية والانتخابية الى عدم حصول أي تحالف انتخابي، ما قد يضع مرشحي الطرفين في لوائح متضاربة.

وعلى الصعيد السياسي، بدأت تبرز التباينات بين الطرفين منذ عدة أشهر بسبب التصريحات التي أطلقها رئيس التيار الوزير جبران باسيل، سواء حول الموقف من الكيان الصهيوني أو الرئيس نبيه بري أو بشأن تقييمه للتحالف السياسي بينهما وبناء الدولة، وصولاً إلى ملفات الكهرباء، وأخيراً حول اللاجئين الفلسطينيين.

ورغم أن حزب الله حرص على عدم الدخول في سجالات سياسية وإعلامية مباشرة مع الوزير جبران باسيل ومسؤولي التيار ووزرائه، فإن المطلعين على أجواء الطرفين يلحظون ازدياد التباينات بينهما، في مقابل التقارب القوي بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل.

وقد شكّل موقف الرئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الدعوة إلى مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، وتبني مؤتمر روما حول دعم المؤسسات الأمنية والعسكرية لهذا الموقف، نقطة اشكالية جديدة قد تشكل مادة للسجال السياسي والإعلامي في المرحلة المقبلة.

مستقبل العلاقة بين الطرفين

لكن هل تؤثر هذه التباينات الانتخابية والسياسية في مستقبل التحالف بين حزب الله والتيار الوطني الحر؟ وهل يعمد التيار الوطني الى تعزيز علاقته مع تيار المستقبل على حساب العلاقة مع الحزب لحسابات سياسية ورئاسية ودولية؟

تؤكد الأوساط المطلعة على أجواء حزب الله «ان التحالف السياسي مع التيار الوطني الحر مستمر وأن هناك حرصاً قوياً من قيادة الحزب على استمرار العلاقة ومعالجة كل الاشكالات من خلال الحوار والتواصل، رغم ازدياد الملاحظات على أداء الوزير جبران باسيل والانزعاج من أداء التيار الانتخابي تجاه الحزب».

وفي المقابل، فإن بعض مسؤولي التيار يحرصون على استمرار التواصل مع حزب الله ويسعون إلى تخفيف أجواء التوتر الناتجة من بعض المواقف أو بسبب التباينات التي حصلت بين التيار والرئيس نبيه بري وحركة أمل، وقد سارع مسؤولو التيار والحزب والحركة إلى استيعاب تداعيات الأحداث التي حصلت قبل شهرين بسبب مواقف الوزير جبران باسيل ومنع امتدادها على الصعيد الشعبي والمناطقي.

لكن مصادر سياسية لبنانية مطلعة ترى «أن التباينات بين الحزب والتيار قد تبرز بقوة أكثر بعد انتهاء الانتخابات النيابية بسبب التقارب الكبير بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، ولأن الوزير جبران باسيل لديه رؤية خاصة يعمل وفقاً لها، تنطلق من ضرورة تعزيز العلاقات مع الجهات الدولية والتمايز عن الحزب لأن ذلك يساعده في تقديم نفسه مرشحاً رئاسياً مستقبلياً، في ظل تغير المعطيات الدولية والإقليمية، وازدياد الضغوط على حزب الله وإيران في المرحلة المقبلة، وإن النتائج الصادرة عن مؤتمر روما وما سيصدر عن بقية المؤتمرات الداعمة للبنان قد تشكل إشارات واضحة إلى ازدياد الضغوط على لبنان مستقبلاً».

وبانتظار تبلور الصورة الانتخابية في كل المناطق اللبنانية وما ستفرزه الانتخابات من نتائج، فإن العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر ستشهد امتحاناً جديداً وحساساً، ما يفتح الباب أمام كل الاحتمالات.

وقد يكون صحيحاً أن هذه العلاقة بين الطرفين مرَّت في ظروف صعبة (عدوان 2006 وتداعياته، أحداث أيار 2008، الاستقالة من رئاسة حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى، معركة الانتخابات الرئاسية، تفاهم القوات والتيار، تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري الثانية، اقرار قانون الانتخابات)، وأن هذه العلاقة تجاوزت كل هذه التحديات، لكن يبدو أن تحديات الانتخابات النيابية وما بعد الانتخابات ستكون صعبة وستضع هذه العلاقة أمام مسار جديد لا يمكن تحديده منذ الآن، بانتظار تطورات الأسابيع المقبلة.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق