بعض وسائل الاعلام تروج لدول اخرى وهو اخلال بالسيادة والهدف اما تحسين صورة تلك الدولة او تحقيق غايات عدة ابرزها وصول شخوص بأعينهم ممن يدينون
هناك مقولة للداعية الامريكي من اصل افريقي "مالكوم اكس" حول نظرته للإعلام جاء فيها: ”وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض. لديهم القدرة على جعل الأبرياء مذنبين وجعل المذنبين أبرياء، وهذه هي القوة. لأنها تتحكم في عقول الجماهير..“.
وهذه المقولة هي الاقرب للواقع فليس اعتباطاً ان يطلق على الصحافة او الاعلام بالسلطة الرابعة في كثير من الادبيات نتيجة للدور والتأثير الذي تمارسه على المستوى الجماهيري والرسمي وسرعة الوصول للجمهور وبالتالي تتأتى الخشية من هذا المنطلق، لكونها تلعب دوراً ايجابياً وسلبياً بحسب الطبيعة والهدف والايديولوجية التي تنطلق منها وهنا تكمن خطورة الموضوع.
والعراق بعد تغيير النظام عام 2003 وفي خضم المتغيرات الجديدة جاءت وسائل الاعلام في مقدمة الظهور جنباً الى جنب مع تعدد الاحزاب السياسية بالرغم من كونها ظاهرة صحية تعبر عن تنامي وادراك للحاجة الملحة للتحول الديمقراطي، اضافة لكونها حلقة وصل ما بين المواطن وصاحب القرار الا ان بعض الاخفاقات رافقت مسيرة تلك الوسائل مع غياب الضوابط والافراط في عديدها وتبعية اغلبها حال دون تحقيق بعض الاهداف المتوخاة من ظهورها، ايضاً الشيء الملفت للنظر ازدواجية الطرح وهذا مؤشر سلبي بطبيعة الحال لكون اهتمامات المواطن اخر ما يكون في قائمة اولوياتها، وعلى اساس ذلك تنطلق البرامج والمشاهد ربما ظاهرياً هدفها المواطن وباطنياَ قد تهدف لضرب الخصوم او احراج الحكومة او بعض شخوص الحكومة او حتى قائد حزب او مسؤول او حتى عالم او مرجع وغيرها.
اما في الموضوع الانتخابي وهو محل الحديث تحديداً فإن وسائل الاعلام تلعب الدور الكبير في ترسيخ وتثبيت والحصول على مكاسب انتخابية خصوصاً ان اغلب تلك الوسائل هي اما تابعة لجهات حزبية وتيارات سياسية او مقربة منها او تمثل جماعات ضغط ومصالح مقربة من الاحزاب والكتل السياسية او توجد تفاهمات فيما بينهم طبعاً مع استبعاد الاعلام الحكومي او المستقل مع ندرته.
خطورة وسائل الاعلام تتأتى من كونها تخاطب الجمهور دون عوائق وتنفذ لأبعد نقطة ممكنة فربما لا يخلو بيت من التلفاز وبالتالي هذا النفوذ لعقول وقلوب الجمهور يُستغل للتعبئة السياسية والانتخابية مع الاحاطة علماً بأن الجمهور يتلقى عشرات المشاهد يومياً من تلك القنوات، مع اختلاف التوجه والرؤى لكونها تملك خطب وايديولوجية معينة فضلاً عن مئات المشاهد والبرامج عبر مواقع التواصل الاجتماعي الا ان ما يميز وسيلة اعلام عن اخرى تمكن في قدرتها على امتلاك وسائل الاقناع اللازمة للوصول للمتلقي واقناعها بهدف معين اما كسبه انتخابياً او اثارة مشاعره وعواطفه للإثارة على قضية ما او تسعى اصلاً لبيان انجازها او اسقاط الخصوم وبصورة عامة فإن وسائل الاعلام تسعى للتأثير الانتخابي عبر التالي: -
1- بث الاخبار والنشاطات بصورة مكثفة بشتى وسائلها لا سيما مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لصناعة جمهور انتخابي عبر صياغة خطاب مؤثر يدغدغ مشاعر المواطن لا سيما الامور الطائفية والعقائدية.
2- صناعة برامج تلفزيونية مكثفة والهدف منها ابراز شخصية معينة وتصديرها للجمهور تمهيداً لترشيحها لا سيما في الانتخابات المقبلة.
3- تسقيط الخصوم: ابرز ما عملت وتعمل عليه بعض وسائل الاعلام هو الاطاحة بالخصوم او المنافسين عبر نشر اخبار من شأنها تؤثر او تسعى للتسقيط السياسي سواء ملفات فساد او التركيز على انعدام الخدمات في مفاصل معينة يسيطر عليها الخصوم وابرازها للإعلام وايصالها للجمهور وبالتأكيد التأثير متبادل لكون الخصوم ايضاً يمتلكون وسائل اعلام، وبالتالي الغلبة ستكون لمن يصل للجمهور اولاً ونسبة التأثير.
4- الدعاية الانتخابية العلنية وشبه العلنية، فالعلنية هي الدعاية لحزب او شخص معين وغير العلنية عبر انشاء مواقع واجندة مختلفة تحت مسميات مختلفة كأن يكون محبين الحزب الفلاني او المرشح او اصدقاء او جمهور التيار الفلاني وهي محاولة لإبعاد نفسها عن الواجهة ومحاولة اقناع الاخرين بأن هؤلاء الشخوص يدعمهم الجمهور.
5- الاجندة الخارجية: بعض وسائل الاعلام تروج لدول اخرى وهو اخلال بالسيادة والهدف اما تحسين صورة تلك الدولة او تحقيق غايات عدة ابرزها وصول شخوص بأعينهم ممن يدينون بالولاء لدول اخرى.
ومع هذه الاجندة التي تعمل عليها بعض وسائل الاعلام لا سيما مع قرب المواسم الانتخابية يبقى ذهن الناخب مشتت وهو ما تسمو اليه، حتى تتمكن من ابراز جهات معينة مما يقودنا الى وجود اشكالية وشبهات تحوم حولهم ودلالة الكلام من يثق بنفسه ومنهجيته وقدرته لا يلجأ للأساليب الملتوية، وهنا يبرز دور الطبقات المثقفة والواعية في ابراز وكشف هذه الاساليب واقناع الجمهور بالاختيار الصح.
اضف تعليق