عام ٢٠١٨ كان صاخبا جدا منذ يومه الاول، وحتى قبل ان يبدأ بايام عدة، ورغم ان منطقة الاحتفال الرئيسية والاقوى يفترض ان تكون في دول ذات اغلبية مسيحية او غربية على اقل تقدير، الا ان الامارات العربية المتحدة التي يدين سكانها بالاسلام عملت احد اهم الاحتفالات وربما اكبرها في العالم في مفارقة باتت غير مثيرة، وبالعبور الى عشرات الكيلومترات تواجه صخبا من نوع مختلف في ايران، حيث الاحتجاجات التي بدأت بمطالب اقتصادية وزحفت سريعا نحو مطالب سياسية مدعومة بقوة من الرئيس الامريكي دونالد ترامب.
التظاهرات الايرانية وحركة الصراع مع امريكا ليس بالامر الجديد، وهي حالة معتادة لجميع دول العالم، وكان قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارة بلادها لها، اكبر مثير للصراع بين الطرفين وحول بوصلة الصراعات في الشرق الاوسط برمتها نحو فلسطين فتوقع الجميع انه اعطى مفعولا معاكسا وسيؤدي الى تقويض القرار، لا سيما مع تصويت جميع اعضاء مجلس الامن باستثناء واشنطن، وكذلك تصويت الجمعية العامة للامم المتحدة وبالاجماع على رفض القرار الامريكي، وهذه المؤشرات كفيلة بالقول ان الاعتراف الامريكي افرغ من محتواه.
الا ان انفجار الوضع في ايران، اعاد الامور الى نصابها وادى الى تحييد طهران من المواجهة، وفي ظل توجه العيون نحو الاحتجاجات الايرانية، صادق الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع ما يسمى بـ"قانون القدس الموحدة" الذي يمنع نقل أي أجزاء من القدس للفلسطينيين ضمن أي تسوية إلا بموافقة 80 عضو كنيست من أصل 120 عضواً.
هذا المشروع يرى فيه الفلسطينيون، كما يقول مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق، خليل تفكجي، أنه "يعزز ويقوي مشروع قانون فصل أحياء مقدسية تقع خلف جدار الفصل العنصري، ويمهد لسلطات الاحتلال فصل تلك الأحياء عن منطقة نفوذ بلديتها في المدينة من دون أن يتخلى عنها قطعياً، من خلال إقامة مجالس محلية إسرائيلية تتبع له، ويحتفظ قاطنوها البالغ عددهم بأكثر من 125 ألف مقدسي بحقهم في السكن في القدس من دون أية حقوق تمكنهم من التأثير في الطابع الديمغرافي للمدينة، إذ يسعى الاحتلال إلى إغراقها بمئات آلاف المستوطنين الجدد وصولاً إلى عدد من اليهود يتجاوز المليون مستوطن".
المشروعان الجديدان يمهدان لخلق واقع استيطاني جديد في ما يعرف بالقدس الكبرى التي تصل مساحتها إلى ما يقارب 12 في المائة من إجمالي مساحة الضفة الغربية، ما يعني القضاء على حلم الفلسطينيين بإقامة دولة لهم عاصمتها القدس، بل وحرمانهم أيضاً من إقامة هذه الدولة بعد مصادقة الليكود الإسرائيلي على قانون فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية. بحسب قول تفكجي لموقع "العربي الجديد".
حماس والفصائل الفلسطينية الاخرى من بينها فتح رفضت القرار وقالت انه يعني النهاية العملية لاتفاقية اوسلو، واكدت حماس على استمرار المقاومة ضد المحتل الاسرائيلي، الا ان هذه التهديدات تفقد قيمتها اذ ان قرارا مثل هذا يفترض انه يشعل المنطقة برمتها ولهذا السبب فان اسرائيل قد تمادت بقوة بعد ان رأت ضعف الرد العربي والاسلامي على قرار الاعتراف بالقدس، ما عدا ايران وتركيا، وتم تحييد ايران من خلال اشعال التظاهرات التي تدعمها امريكا وبقوة وبلسان الرئيس دونالد ترامب.
وترى اسرائيل التظاهرات الايرانية فرصة للتخلص من عدو مزعج طالما وصفته بانه العدو رقم واحد في حساباتها، وتطبيق استراتيجيتها التي تبدو متسرعة جدا في تنفيذها، اذ اقر الكنيست بالقراءة الاولى، الاربعاء، على مشروع قانون يقضي بفرض عقوبة الإعدام على فلسطينيين أدينوا بتنفيذ عمليات ضد الجيش الاسرائيلي. كما طالب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ببلورة خطة لطرد طالبي اللجوء الافارقة من الاراضي الفلسطينية.
تدور عجلة القرارات الاسرائيلية مدفوع بدعم قوي من الرئيس الامريكي، وبكل صراحة و"صلافة"، وفي هذا السياق تقول صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية، ان قرارات اليمين الإسرائيلي جاءت لشعوره بأن هناك فرصة جديدة لمسعاه بإقامة دولة يهودية من نهر الأردن حتى البحر المتوسط، حيث قلب الدعم الامريكي الموازين ودفع بأعضاء من حكومة نتنياهو للاستنتاج بأن إسرائيل يمكنها الآن اتخاذ موقف أقوى دون الخوف من تدخل أجنبي لإجبارها على التراجع.
لا يمكن فصل ما يجري في ايران عن القرارات الاسرائيلية والامريكية، وهي الخطوة الاولى لتطبيق الاستراتيجية الامريكية الجديدة التي اعلن عنها دونالد ترامب، والتي تهدف اولا الى تقويض نفوذ طهران واستعادة الدور الامريكي في المنطقة.
الخطة مكشوفة وواضحة والجانب الاوربي يرفض اتباع هكذا استراتيجية خطيرة على المدى الطويل، والصمت الاوربي لحد الان لا يعني الرضى بما يحصل في المنطقة، اما الجانب الروسي وهو المعني ايضا نعتقد انه سيتدخل في اللحظة الحاسمة، من اجل ضمان عدم انزلاق الامور الى نقطة اللاعودة. الا ان المحصلة النهائية ستاتي بنتيجة مفيدة لامريكا واسرائيل وتخلق وضعا جديدا تلغي على اثره التزامات اتفاقية اوسلو وتجعل من اسرائيل امرا واقعا والى الابد وتلغي اي ذكر لفلسطين الا في سجلات التاريخ.
اضف تعليق