يعتزم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة سلطنة عمان، الاحد ٢٦تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، في زيارة رسمية تستمر ليومين يلتقي فيها السلطان قابوس بن سعيد، وكبار المسؤولين العمانيين، وقد استبق السيسي الزيارة برسالة فيها كلمات مكررة تؤكد توافق الرؤى حول قضايا الخليج والعالم العربي.
الزيارة دفعت المتابعين لطرح تساؤلات حول اسبابها وتوقيتها في هذه الفترة المفصلية في تاريخ المنطقة، اذ شهدت الاسابيع الماضية احداثا كبيرة ودراماتيكية جعلت الجميع يتنفسون الخوف والرعب من نشوب حرب اقليمية بين ايران والسعودية على خلفية استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وتراجعه عنها ايضا في غضون عشرين يوما تقريبا هي المدة الكاملة لتقديم الاستقالة في الرياض والتراجع عنها في بيروت بعد زيارة باريس والقاهرة.
مصر اخذت دورها في هذه الازمة حتى وان كان قليل الضجيج الاعلامي، الا ان تاكيدها على رفض الانجرار وراء حل عسكري اعطى جرعة كبيرة من الهدوء لاطراف الازمة ولجم صقور الاحتراب من الجانبين.
وتتميز سلطنة عمان بعلاقات هادئة مع جميع فرقاء المنطقة، حيث تتشارك وإيران بعلاقات طيبة، إلى جانب السعودية وباقي دول الخليج، وكان دبلوماسيو السلطنة الخيط الدبلوماسي الهادئ بين أطراف الأزمات العربية الإيرانية، خاصة في ملف اليمن. البلد العربي الذي يتخذ مبدأ (الحياد الإيجابي) كمسار سياسي، ينحو بعيدا عما يحدث في البلدان العربية من صراعات سياسية وحروب ونزاعات مسلحة، وينأى بنفسه أيضا عن أزمات الخليج، خاصة مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين، ومعهم مصر، لدولة قطر.
عمان عرفت في السنوات الاخيرة بسياستها المحايدة والرافضة لكل انواع الحروب الجارية قرب حدودها في اليمن، او تلك التي تستمر منذ سنوات في العراق وسوريا. وقد ادت سياستها المحايدة الى تحولها الى طاولة للحوار والحلول، وفي الاتفاق النووي الايراني زعت اولى بذوره في مسقط وقطفت ثماره في فينا دون نسيان دور عمان فيه.
مصر التي وجدت نفسها اسيرة تتلاطمها امواج الازمات في الشرق الاوسط، وتتحكم فيها دبلوماسية الدولارات السعودية لا ترغب في ان تستمر على هذه الحالة، وهي غير مقتنعة بالتحالف مع الرياض بدليل تصويتها لقرار روسي في مجلس الامن العام الماضي كان يصب في صالح الرئيس السوري بشار الاسد ويتعارض مع توجهات السعودية، كما انها امتنعت عن التصويت لصالح قرار سعودي يتعلق بسوريا ايضا في الاسابيع الماضية.
الازمة اليمنية هي ميدان للخلافات السعودية المصرية ايضا، ورفضت الاخيرة المشاركة في التحالف العربي للحرب ضد اليمن، واكتفت بالمشاركة الاسمية فيه، وهو ما اعتبرته الرياض خيبة امل بعد مليارات الدولارات التي تم ضخها في الخزينة المصرية.
مصر ترى نفسها في جانب سوريا وهي التي لا تزال تؤيد بل وتدعم بقاء الرئيس السوري بشار الاسد، وهذا خلاف للتوجه الخليجي، يضاف الى هذه الاسباب ان سوريا قد انتصرت والحرب انتهت عمليا، ومؤتمر سوتشي الذي جمع الرؤساء الثلاثة بوتين وروحاني واردوغان كان الانطلاقة نحو مرحلة ما بعد الانتصار والرئيس السيسي وهو قائد عسكري كان يمني النفس ان يكون عضوا في هذا الحلف المنتصر.
ترى بعض التحليلات ان الزيارة المصرية الى عمان تاتي في اطار فتح بوابات خلفية للحوار مع المحور المنتصر في سوريا قبل فوات الاوان، فالعاصمة مسقط التي انتجت اهم اتفاق تاريخي في المنطقة وهو الاتفاق النووي ليست عاجزة عن ادخال القاهرة في تحالف المنتصرين الذي يضم الى جانب ايران وروسيا عدو القاهرة اللدود تركيا (حليفة قطر الاخوانية)، لكن لا بأس ان يتم عقد الصلح اذا ما تم التعامل مع الامور بواقعية اكثر.
وسبق هذه المصالحة المرتقبة مغازلة وزير الدفاع القطري خالد العطية خلال مقابلة تلفزيونية
مساء الأحد الماضي لمصر وذهب الى ابعد من المصالحة متهما أطرافًا خارجية (لم يسمها) بالتسبب في عرقلة تحسن علاقة بلاده مع مصر. وهو ما يكشف ضمنيا وجود اتصالات ورغبة متبادلة بفتح صفحة جديدة.
المنطقة مقبلة على تحولات كبرى على اثر نهاية داعش في العراق وسوريا، والدول الاقليمية والكبرى تبحث عن ضمان مصالحها التي يملك مفاتيحها الاقوياء وبالتاكيد، القوي هو من فرض شروطه بعد سبع سنوات من الحرب.
اضف تعليق