في الطريق من وسط القاهرة الى المطار قررت في سري تجاهل الثرثرة مع بقية المسافرين ووضعت جريدة المصري اليوم جانبا وتأملت مليا في الجبال العتيقة المتناثرة على جانبي الطريق الصحراوي الممل.

كانت عتيقة لكنها لاترقى الى مستوى الجبال العظمى، وهي ليست من التراب أو الأحجار العادية لنتجاهلها ونسميها مجرد تلال عابرة. في الواقع هي جبال لكنها ليست شاهقة وتحتفظ بخصائص الجبال التي تميزها أصناف من الصخور الصلبة التي تتنوع أشكالها ومسمياتها من موضع لآخر ولكنها مقارنة بجبال جنوب سيناء الساحرة لاتعد جبالا بل مجرد مرتفعات.. وحين تأملتها أكثر وتذكرت جبال إيطاليا وأمريكا ونجد والحجاز ولبنان وسوريا وإيران وتركيا التي مررت بها لمرات وجدت إن مايجمعها في وصف واحد إنها تفقد طاقتها تدريجيا وتضعف وتتآكل، ويبدو عليها الوهن. وسواء إنخفضت، أو إستطالت فالنهاية واحدة. وسواء كان الواحد منا طويلا، أو قصيرا سمينا، أو نحيفا فإن النهاية متشابهة وإن تعددت الأسباب.

ليست الجبال لوحدها من أشعرني بنهاية محتملة للعالم، بل هي النباتات والأمطار والسحب والرياح وكثرة البشر ونقص المخلوقات الأخرى وإنقراض الحيوانات والحشرات والتصحر والفيضانات والأعاصير والزلازل وهي فوضى إستثنائية لم تتشابك في تاريخ هذه الأرض كما هي في وقتنا الحاضر حيث تفتقد المجموعة البشرية الى القيم، وتنزاح أكثر الى المادية المفرطة والرفاهية على حساب القوانين الطبيعية، بينما يطبع الشذوذ سلوك الناس الذين أصبحوا أكثر عدوانية ورغبة في الصدام وقهر الخصوم والإطاحة بهم وتدمير البنية الحياتية والإنسانية.

لماذا يتكاثر البشر، ويقل عدد الحيوانات على الأرض. ولماذا نجد إن الخيل والبغال والحمير والجمال والكلاب والحيوانات المتوحشة والأليفة تتناقص في حين تشتكي بلاد الارض من نمو سكاني مخيف تعجز عن مواجهة متطلباته من طعام وماء ورعاية صحية وتعليم؟ ولماذا ترتفع درجة حرارة الكوكب. ولماذا تذوب الثلوج في القطب. ولماذا تقل نسبة الأمطار ويأخذ التصحر في حرق اليابسة. بينما يهدد مستوى البحار المرتفع العديد من مدن العالم، وتتآكل السواحل، وتتناقص النباتات والأشجار، وتنقرض انواع من الطيور والحشرات، وتجف الأنهار، ويميل الناس الى القسوة مع الطبيعة، وتزداد معدلات التلوث وإنبعاثات الغاز، وتستشري الأمراض الفتاكة المصاحبة للجوع في عديد البلدان، بينما تستمر الدول الكبرى في صناعة السلاح وتجارة الموت وتوريد الشر الى مختلف المواطن في المعمورة دون تردد، أو خوف من رد فعل ما؟

تموت المساحات الخضراء، ومع إرتفاع نسبة السكان تفشل الحكومات في إستيعاب الأعداد الكبيرة منهم، وتلجأ الى حلول ترقيقعية تمثل شكلا من أشكال سياسة الهروب الى الأمام دون تحمل الأعباء، ومحاولة إيجاد الحلول الناجعة التي قد تمثل فرصة لتجنب الكارثة..

قد تكون النهاية المحتومة بالفعل واقعة ولكن الأسباب الطبيعية وبعض سلوكيات البشر وإنحرافهم هي من سيدفع بهذا الإتجاه وحين تفقد منظومة الكون من حولنا طاقتها، وتتلاشى قدرة الشمس على الضياء، ويلف الظلام عالمنا سيكون ذلك مدعاة لنهاية مأساوية يريد الجميع الهروب منها بتجاهلها، وعدم فعل شيء لتجنبها.

العالم سينتهي بقرار من الرب لكن نحن جزء من أدوات تلك النهاية.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق