تطرقنا في الحلقة الاولى حول اسباب ومسببات هجرة المسلمين من دولهم الى الدول الغربية، وكيف كانت الاحداث التي يعانونها في بلدانهم ادت الى استيطانهم في دول الغرب، واود في هذه الحلقة ان استعرض بعض من المواجهات والمعاناة التي واجهها المسلمون في بعض الدول الغربية في ظهور جديد للاسلاموفوبيا التي ظهرت بعد احداث 11 سبتمبر، خصوصا وأن منهجة الاعلام وجعله اعلام سياسي.
ولكي نعرف مصطلح الاسلاموفوبيا نعطي تعريفاً موضحا كما عرفه المرسال "الإسلاموفوبيا بالانجليزية Islamophobia يعني التحامل والكراهية والخوف من الإسلام، فمصطلح الإسلاموفوبيا مركب من كلمتين هما كلمة ”إسلام” وهي كلمة عربية، والكلمة الأخرى وهي كلمة ”فوبيا” وهي يونانية وتعني الخوف وأصلها فوبوس، فالمصطلح يترجم بشكل عام إلى الخوف من الإسلام أو الخوف من المسلمين.
قبل كل شيء ان "الارهاب لا دين له" وعندما نقول لادين له فلا يمكن ان يكون ضمن ايدلوجيات اسلامية فجميع الاديان السماوية تحث العباد على التسامح والسلام والعيش بأمان، لذلك فان الاعمال الارهابية التي تطال العالم ليس لها اي امتداد او صله بالإسلام، وان اي تعاطف او تعاون مع الجماعات الارهابية انما اشتراك في عمل ارهابي، لذلك نرفض رفضاً قاطعاً الاعمال الارهابية التي تستهدف الانسانية جمعاء.
بعد ان تم برمجة الاعلام العالمي على ان الارهاب الذي يجتاح العالم انما هو من مصادر اسلامية، تحركت بوصلة الشارع نحو الاحتقان كردة فعل ضد المسلمين في الغرب، فقد ذكرت صحيفة الشرق الاوسط في لندن ان هجوم على اسيويين من قبل شخص بمادة الاسيد وذلك من دوافع عنصرية.
والى ذلك وفي حادثة منفصلة في لندن فقد قام شخص بإلقاء مادة حمضية على شاب وابنة عمه اللذان كانا في سيارتهما عند احد اشارات المرور، واضافت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية ان الشاب الذي تعرض الى مادة الحامض قد احترق وجهه وجسمه وان ابنة عمه التي احترقت ملابسها وجسمها جراء ذلك الاعتداء الذي صنف على انه من دوافع عنصرية ضد المسلمين حيث ان الشابة كانت ترتدي الحجاب الاسلامي. لذلك نرى ان الاحتقان ضد المسلمين في الغرب حتى لم يكن مخطط للهجوم على هؤلاء الشباب ولكن الحقد والكراهية دفعت ذلك الشخص عندما شاهد المرأة ترتدي الحجاب الاسلامي كهوية للمسلمين، فقام بالاعتداء عليهم فوراً ومن دون تردد.
وما نقلته صحيفة الاخبار العربية ان حادثة دهس المصلين في لندن عندما اقدم شخص يقوم سيارة فان مسرعة في شمال لندن بعدما خرج المصلين من المسجد حيث قتل شخص وجرح 16 اخرون وبحسب شرطة مكافحة الارهاب في لندن بعد اجراء التحقيقات سجل الحادث على انه عمل ارهابي لان جميع الضحايا من المسلمين.
اما في امريكا فكانت الاعتداءات على المسلمين بعد احداث 11 سبتمبر جدا كثيرة فقد ذكرت صحيفة العربي الجديد ان جريمة شابيل هيل عندما قتل رجل امريكي شاب مسلم وزوجته وشقيقتها بعدما اقتحم عليهم المنزل واطلق عليهم وابل من الرصاص ارداهم قتلى، هكذا جريمة تعطي اشارة خطيرة ان المناطق التي يسكنها المسلمون افرادا ومن دون السكن في مناطق سكنى المسلمون من الممكن ان يتعرضوا للاعتداء.
ويذكر ان عام 2015 سجل اكثر من 80 اعتداء على مساجد المسلمين في الولايات المتحدة الامريكية، بالاضافة الى الاعتداء في القطارات والباصات والاسواق العامة والشوارع، حيث يتم انتزاع الحجاب من المسلمات في الشوارع والاعتداء عليهن بالضرب, ونقلا عن صحيفة القدس ان النساء المحجبات اكثر عرضة للتهديدات والاعتداءات والعنف. وحسب ما نقلته شاشات التلفاز حول محاولة رمي امرأة مسلمة ترتدي الحجاب من امام قطار كانت المرأة تنتظره في المحطة.
وفي تقرير حكومي اعدته مجموعة عمل الحكومة حول الاسلاموفوبيا نقلته صحيفة الاندبندنت البريطانية ان نسبة 300% هجوم على المسلمين بعد احداث باريس، كردة فعل بعد تفجيرات باريس واحتجاز الرهائن وحادثة الدهس وحوادث اخرى ارهابية.
في سويسرا نقلت "صحيفة 20مينيتن" أن حادثة إطلاق النار على المصلين بالمركز الإسلامي في مدينة زيوريخ السويسرية، - أحدث حوادث الكراهية ضد المسلمين في الغرب، والذي أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص جراء تعرضهم لإطلاق النار أثناء أدائهم الصلاة، حسبما أفادت الشرطة المحلية.
وبعد ان نشرت الحلقة الاولى من المقال المسلمون في الغرب، وردني عبر البريد الالكتروني رسالة من عائلة مسلمة تعيش في استراليا يشرحون فيها المأساة والمعاناة التي واجهوها في احدى المناطق التي تخلو من المسلمين، حيث ان الامرأة تعرضت اربع مرات لعمليات الدهس المتعمد ثلاثة منها بسيارات وواحد من بواسطة دراجة وجميع هذه المحاولات كانت تستهدفهم لانهم مسلمون حيث يقذفون المرأة بالسب والشتم، وعند محاولة العائلة اخبار الشرطة بذلك فيكن الجواب الذي هو اقبح من الفعل "عليكم تقديم رقم السيارة ومواصفات السيارة والسائق" وكأنهم على علم مسبق بمن يريد محاولة دهسهم ليكونوا نبهين لالتقاط وحفظ رقم السيارة، للاسف الشديد ان هذه المرأة دخلت المستشفى في محاولتين حيث تعرضت لكسور ورضوض، ولم يبعد المشهد عن نفس العائلة فهناك من يضايق الاولاد في المدرسة من قبل الطلاب ونعوتهم بانهم ارهابيون لانهم مسلمون مما ادى الى سوء حالتهم النفسية في المدرسة وعزوفهم عن الاستمرار في ارتياد الدوام الرسمي للمدرسة خوفا لتعرضهم للاعتداء او الضرب من قبل مجاميع الطلبة الذين كانوا يشكلون حلقات تلاحقهم بالنظرات ومضايقتهم في كل مكان داخل المدرسة، وعندما قدمت العائلة شكوى الى ادارة المدرسة لم يكن هناك اي تغيير في الوضع، لذلك فالاولاد تركوا المدرسة بسبب العنصرية او ما تسمى بالاسلاموفوبيا الجديدة التي تعادي المسلمين.
لا شك ولا ريب ان اولئك الذين حاولوا دهس امرأة مسلمة ترتدي الحجاب الاسلامي كانت من دوافع عنصرية وهذه الدوافع كان المحرك الرئيسي لها هو الاعلام الذي يصور للعالم اجمع ان الارهاب من المسلمين، وكذلك الطلبة في المدرسة الذين لا يفقهون عالم السياسة فلولا ماكنة الاعلام في كل مكان لما وصلت اليهم تلك الفكرة التي جعلتهم يختلجون تلك العداوة وإظهارها بشكل علني وعام ومن دون اي خوف او مانع.
بطبيعة الحال الوضع المتأزم يلقي بظلاله على نتائج وخيمة قد تنشأ صراع مستقبلي بين الاجيال التي تنقل توجهات وتطلعات الجيل الجديد من جيل بناء الى جيل صراع وخراب مبتعدين كل البعد عن المهمة التي يستعد الانسان النهوض بها وهي التطور وبناء مستقبل زاهر.
في الحلقة الثالثة والاخيرة سوف استعرض اهم النتائج السلبية والاثار التي من شأنها ارباك المجتمعات الغربية جراء ذلك الاحتقان والمضايقات التي يتعرض لها المسلمون في الغرب، وما هي السبل الكفيلة لايقاف ذلك العداء.
اضف تعليق