تلبدت السماء السورية بغبار احدث الطائرات، واختلفت الرؤى وتقاطع الخصوم في اكثر من مكان، الا ان الحذر كان سيد الموقف منذ بداية الازمة وحتى الان، والوكلاء المحليون كانوا يقومون بالمهمة على ارض الميدان، الا ان الكثير من الاراء كانت ترجع تصاعد حدة التوتر بين مختلف الاطراف مع اطالة عمر الازمة التي وصلت الى مرحلة الشيخوخة فاقتربت قرارات الفاعلين فيها من منطقة الخطر.
ايران أطلقت مساء الأحد 18 يونيو/حزيران، 6 صواريخ "أرض - أرض ونفذتها القوات الجوية الفضائية التابعة للحرس الثوري، وأعلن بيان للحرس الثوري أن قواته "استهدفت قبل لحظات بصورايخ مقر قيادة ومركز تجمع وإسناد وقسم تفخيخ السيارات للإرهابيين التكفيريين في منطقة دير الزور بشرق سوريا بهدف معاقبة الإرهابيين المجرمين". مؤكدا ان هذه الضربة "تعتبر جزءا بسيطا من الرد على العمليات الإرهابية" التي استهدفت البرلمان الإيراني ومرقد الإمام الخميني في 7 من الشهر الجاري..
علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان، قال إن الضربة الصاروخية الإيرانية في سوريا تعني دخول إيران مرحلة جديدة في مواجهة الإرهاب. وتابع قائلا إنه في الوقت الذي صوت فيه مجلس الشيوخ الأمريكي على عقوبات استهدفت قدرات طهران الصاروخية، أصبحت إيران اليوم في مقدمة الدول من حيث هذه القدرات. وشدد على أن هذه الضربات جاءت بمثابة رد على الولايات المتحدة. وهذه الصواريخ الايرانية لا تحمل رؤوسا متفجرة انما حملت رسائل للداخل الايراني والى خصومها ايضا وهي كالاتي:
اولاً: اراد الحرس الثوري اثبات مصداقيته لدى المواطن الايراني، فلو تاخر تهديده هذه المرة كان قد يفقد الكثير من هيبته وثقة الجمهور الداخلي بقدراته، اذ ان التهديد الاخير بالقصاص من منفذي التفجيرات في البلاد لم يكن الاول من نوعه ما زاد من الضغوط على قيادة الحرس الثوري التي رأت في هذا الهجوم الصاروخي فرصتها لتاكيد تلازم الاقوال مع الافعال.
ثانياً: هي رسالة ايرانية للولايات المتحدة تحديدا حيث اراد احرس الثوري من خلالها اثبات القدرات الصاروخية وادخالها مرحلة الخدمة الفعلية في المواجهة الساخنة في الشرق الاوسط، وتأكيدا على قوة واستقلالية القرار الايراني وان لا مجال للخروج من سوريا حتى لو كلف الامر الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، لا سيما بعد الضربات المتتالية التي وجهتها طائرات التحالف الدولي ضد قوى تابعة لإيران قرب قاعدة التنف العسكرية.
ثالثاً: وللسعودية حظ من الصواريخ الايرانية حيث اطلقت من محافظات كرمانشاه وكردستان باتجاه مدينة دير الزور على بعد 700 كيلو متر تقريبا وهي المسافة نفسها تقريبا التي تفصل بين منطقة الاطلاق ومحافظة الرياض في السعودية. فهل بدأ الحرس الثوري بخطواته الاولى لتنفيذ تهديداته للسعودية التي اتهمها بالوقوف وراء التفجيرات الاخيرة في ايران. لا سيما بعد الحديث عن مرحلة جديدة من مواجهة الارهاب، ولا يمكن تفسير هذه المرحلة الا في اطار التصعيد ضد السعودية وامريكا اذا ما اخذنا في الحسبان ان داعش يحتضر في كل الجبهات وهي وقائع تعني ان الخطوات الايرانية جادة فعلا وان المنطقة مقبلة على صيف اكثر سخونة من سابقة، بانتقال الحرب من الوكلاء الى الخصوم الفعليين.
هذه العملية الصاروخية الايرانية تعد الاولى منذ ثلاثين عاما وهي بالتأكيد لها دلالات عميقة وتؤشر لبداية جديدة فعلا كما يقول المسؤولون الايرانيون، ويمكن القول ان طهران ردت على هجوم قاعدة التنف، بالوقت والمكان المناسبين. فطهران تقول لليرانيين اذا حاولتم قطع طريقنا البري فلدينا من البدائل ما يخيف اسرائيل وكل دول المنطقة بصواريخ لا تخطيء اهدافها بشهادة الصمت الامريكي.
الازمة السورية تتجه الى منحدر خطير، والمتحاربون يقتربون من مرحلة الخطر والتوغل الايراني في الازمة السوري اصبح عميقا جدا ولا مجال للتراجع، والحال ينطبق على الموقفين الامريكي والروسي، وتبقى الاوضاع مرهونة بقرارات القيادة العسكرية والسياسية للبلدان المتحاربة.
اضف تعليق