هناك انواع من العلاقات على مستوى التعامل الدولي منه التعاون المشترك سواء كان ثنائي او جماعي بحسب نوع المصلحة ووقتها وظرفها لذلك تصنف ضمن التكتيكي او الآني او المرحلي او القصير المدى او المتوسط او البعيد.

حينها واقصد بعد التعاون البعيد المدى يتحول التعاون الى حالة الحلف وهو كذلك انواع منه متعلق بالمصالح المشتركة او الدائمة، او يتعلق بمصير او وجود وهذا الاخير يكون على المستوى غير المنظور.

والعلاقة السعودية مع امريكا تدخل ضمن التصنيف الاخير وهو تحالف الوجود على المستوى غير المنظور بغض النظر عن بعض المحاولات التي قامت بها السعودية على مستوى الاقليم والمنطقة والدول الاسلامية من حيث التدخل المباشر او غير المباشر العسكري وغير العسكري ودعم الجماعات المتشددة، محاولة بذلك ان تتصدر مشهد المؤثر بالعالم الاسلامي على الاقل السني منهم، والتي اخفقت بذلك نتيجة ظهور قطر الداعمة للاخوان وبعض الجهات التي لا تروق للسعودية وظهور تركيا بقيادة العدالة والتنمية الحالمة بعودة السلطة الدينية الممتدة على الدول الاسلامية كامتداد للدولة العثمانية.

وبالنظر لمعطيات المنطقة وداعش التي فقدت قوتها ونفوذها بالعراق الذي اعطى انطباعا للمراقبين بان العراق ما زال هناك من ناظم يضبطه ويوحده نسبيا بغض النظر عن كون الناظم من سلطة الدولة او من سلطة الدين، مع المشهد السوري الذي اعاد بعض نقاط قوته مع التحالف الموثوق على الاقل نسبيا مع روسيا وايران تجاه العراق وسوريا.

بالشكل الذي أرغم امريكا ان تكون اكثر جدية في محاربة داعش من خلال تحالف دولي بقيادتها حتى وبالنظر الى علاقة امريكا مع السعودية فإنها علاقة اموال ووظائف واستثمارات وهو واضح بالكلام المباشر لترامب.

وليس هناك افضل من صناعة عدو دائم بالمنطقة لأهل المنطقة لذلك احتلت السعودية الدولة الاولى في العالم بالإنفاق العسكري منذ عام ١٩٩١ اي من بعد اجتياح العراق للكويت الى هذه اللحظة مع قواعد عسكرية امريكية واسطول امريكي بالخليج واكبر قاعدة عسكرية امريكية بمنطقة الشرق الاوسط في قطر.

كل هذه المعطيات تعطي رسائل بان هذا التحالف لم يأتي بجديد على مستوى علاقة السعودية مع امريكا وان دخول أطراف من العالم الاسلامي والعربي قد يكون سبب في افشاله وليس لإنجاحه هذا أولا.

وثانيا ان إيران في مأمن من أي عمل عسكري على المستوى المنظور على الاقل لكنها قد تواجه عقوبات امريكية مشددة والتي تستطيع ايران مواجهتها من خلال نوافذها الاخرى في علاقاتها مع روسيا وتركيا واوربا التي اشارت الى تحجيم دور امريكا بالمنطقة واعادة صياغة العلاقات فيها مثل بريطانيا وكذلك فرنسا التي ابدى رئيسها الجديد بخطابه الرسمي بأنه مستعد لتطوير العلاقة مع ايران وحرصه على مراقبة تنفيذ الاتفاق النووي.

اما العراق فهو الدولة التي تكون محلا لتصفية الحساب لكل هذه المنظومة الدولية وبحسب قوانين موازين القوى، ما لم يحسن ادارة ملفه الخارجي من خلال بناء استراتيجية للتعامل الخارجي على مستوى التحالفات والتي لم يحسنها الى الان بالشكل الذي جعله الطرف الاضعف لكونه طرفا غير مأمون وغير موثوق، مما جعل تلك القوى تكسب جهات من السلطة بحسب توجهاتها على قاعدة مالا يدرك كله لا يترك جله.

* الدكتورة منال فنجان، استاذة القانون الدولي جامعة بغداد، عضو ملتقى النبأ للحوار

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق