وما نشهده في غزة منذ عام على الابادة الجماعية والتهجير الجماعي مع صمت عالمي وتخاذل عربي الا تنفيذا لخطة صفقة القرن وما يحدث في لبنان من توسع رقعة الحرب والمواجهة المبنية على اساس الاغتيالات النوعية والصدمات المتلاحقة والحسم السريع قبل التسوية الا كجزء من مشروع اسرائيل الكبرى التي تعترف وتصرح بها إسرائيل علنا...

ونحن نعيش زمن متخم بالأزمات والحروب والاستبداد والاستهتار والعدوان لفترة ليست بقصيرة في المنطقة العربية ومحيطها الاسلامي فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥ وتأسيس الامم المتحدة بإرادة المنتصرين وتقسيم ميراث الدول المهزومة من مستعمراتها وسطوع نجم الولايات المتحدة بعد تراجع الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس بريطانيا ولمعطيات وظروف وحسابات اقتصادية وسياسية وجغرافية وغيرها لا مجال لذكرها.  

فقد توجهت الانظار الى منطقة ما نسميه الان الشرق الاوسط (حاليا) بإعادة رسم خارطته وتوجهاته وابتدأوا بوضع مشروع الدولة اليهودية قيد التنفيذ واعطاءهم فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني آنذاك عام ١٩٤٨ وتهجير اهلها الناجين من المذابح لتبدأ صفحة من المواجهات غير المنتهية في المنطقة حيث خاض الكيان الصهيوني اكثر من سبع حروب مع دول المنطقة العربية منفردين او مجتمعين(١٩٤٨، ١٩٥٦، ١٩٦٧، ١٩٧٣، ١٩٧٤، ١٩٨٢، ٢٠٠٦) واكثر من خمسة انتفاضات وحركات مقاومة نوعية ناهيك عن استمرار حالة اللاسلام بين الطرفين داخل فلسطين المحتلة، فضلا عن مشاركة الكيان الصهيوني بالكثير من الاعمال العدوانية على دول المنطقة بشكل مباشر مثل ضرب المفاعل النووي العراقي في ١٩٨١/٦/٧ او غير مباشر مثل زرع شبكات التجسس والاغتيالات التي يشتهرون بها كما استمرت امريكا واسرائيل وحلفاءها بمشروع اغراق المنطقة بحروب دولية وغير دولية لا ضعافها واستنزافها وتقسيمها عرقيا واثنيا ومذهبيا والوصول الى نتيجة واحدة هي بقاء منظومة واحدة هي من تحكم العالم القطب الواحد التي نظر لها الكثير من كتابهم مثل ( هنتغتون، فوكاياما، برنارد لويس) وغيرهم. 

وما الحرب العراقية الايرانية التي صنفت كأطول حرب دولية في التاريخ المعاصر الا مصداق لهذا التوجه حين دفع الغرب النظام البائد لهذه الحرب مع معاونه العرب ليخرج العــراق بأكثر من مليونين من القتلى والمفقودين والجرحى والمعاقين وبعجز مالي ١٨٠٪ من الموازنة وبخسارة ٢٨٠ مليار دولار  ومديونية عالية وتراجع العــراق بعد ان كان يصنف على انه بلد صناعي ثم خاض الغرب وعلى راسهم امريكا اشرس حرب دولية مكونة من ٣٤ دولة ضد العــراق مع عقوبات صارمة عام ١٩٩١ارجعت العــراق الى خانة الدول المتخلفة كما كان يسموها ( قبل استبداله بمصطلح النامية حاليا ). ثم لتحتله علنا عام ٢٠٠٣ لتحوله الى بؤرة استقطاب لكل مجرمي وارهابيي العالم ليعيش العــراق اسوا مراحل الموت من تفخيخ وتفجير وارهاب بعلم امريكا ومساعدتها احيانا لخلق دولة هزيلة قابلة للتقسيم كحد ادنى لثلاث دويلات ثم بدأت مرحلة الحروب الجديدة الرابعة الاعلام والمجتمع المدني والخامسة التأكل الداخلي، لتشتعل المنطقة في ليبيا والسودان (التي انتهت بالتقسيم) وتونس واليمن ومصر وسوريا تحت عناوين هذه النظريات (التأكل من الداخل على ايدي الشعوب ذاتها). 

ولا زالت المنطقة محلا للحروب وما نشهده في غزة منذ عام على الابادة الجماعية والتهجير الجماعي مع صمت عالمي وتخاذل عربي الا تنفيذا لخطة صفقة القرن وما يحدث في لبنان من توسع رقعة الحرب والمواجهة المبنية على اساس الاغتيالات النوعية والصدمات المتلاحقة والحسم السريع قبل التسوية الا كجزء من مشروع اسرائيل الكبرى التي تعترف وتصرح بها إسرائيل علنا وتوثقها بكل ادبياتها التي تبتلع فيها سيناء كلها والاردن كله ولبنان كلها وسوريا واكثر من نصف العــراق والاكثر من ثلث السعودية واليمن والعالم الغربي وعلى راسه امريكا واوربا مع المشروع الصهيوني وموقفهم ثابت منذ اكثر من قرن من الزمان سياسيا واقتصاديا وعسكريا وامنيا وحتى ثقافيا ويكفينا ان نقرا ما يكتبون من نظريات جديدة عنا ( من خارطة الشرق الاوسط الجديد الى نهاية التاريخ الى الرجل الواحد الى صدام الحضارات الى مشروع الشرق الاوسط الكبير وغيرها كثير).

مع كل هذه المعطيات يا سادة فان البلدان العربية في الشرق الاوسط هي عدو اساسي لامريكا واسرائيل وحلفاءهم من الغرب وان البلدان العربية هي مشروع ساحة حرب مفتوحة لهم يحركوها وفق الظروف والمعطيات ولا احد في منأى من عداءها حتى المتخاذلة والمطبعة فما هي الا مسالة وقت وتصفى الحسابات معهم فما تعيشه المنطقة ولبنان العزيزة وغزة ومحور المقاومة كله الان هي حرب بالاصالة عن نفسها وتدفع هذه البلدان ضريبة وجودها وهويتها ومعتقدها وتوجهها وليست على الاطلاق بالنيابة عن دولة اخرى او طرف اخرى كايران مثلا فهذا قمة الجهل والغباء والسطحية فمن لا يعيش حالة الحرب ليفهم ما هو وضعه وتصنيفه فعليه على الاقل ان يقرا ادبيات العدو ونظرياته ومحاضراته في الجامعات ليعلم ماهو بنظر اعداءه المنطقة العربية ساحة اطماع وحرب لامريكا واسرائيل وحلفاءهم لانها تمثل اكثر من نصف موارد العالم. 

اما ايران فهي من اختارت عقائديا عداء امريكا واسرائيل وحلفاءهم وتستطيع ان تخرج من دائرة العداء اذا اعلنت تبرؤها من القضية الفلسطينية وقضايا المظلومين والمستضعفين بالامة العربية والاسلامية وستسلم من كل ما تتعرض له الان من عقوبات بل وتتسيد على المنطقة وتنأى بنفسها عن كل شر كما فعلت تركيا فعندما تقدم ايران العون والمدد والمساعدة والتجهيز والتدريب لحلفائها، ليكونوا مستعدين لمواجهة عدوهم وهذا بحد ذاته موقفا مشرفا وثمينا ومعادلا لموازين القوى ومغيرا لها حين تخاذل عنه كل المعنيين بالامة العربية والاسلامية، فهذا لايعني ان تقوم ملزمة بخوض المعركة بالنيابة عن اصحاب القضية.

يا سادة المعركة معركتنا ونحن المعنيين بخوضها ومن ساعدنا مشكور له قرار دخول الميدان من عدمه بحسب معطياته وحساباته بالرغم من انها دخلت الميدان اكثر من مرة ولم تتخلى عن حلفائها في العــراق ضد داعش وضد اسرائيل في لبنان وفلسطين واليمن وسوريا واخرها حين دخلت المعركة بقصف إسرائيل بصواريخ في عقر دارها ثارا لسيد المقاومة وهنية فوحدة العدو تستلزم وحدة الجبهة والقرار والموقف فحربنا هذه اصالة عن كل وجودنا بقيمنا وعقائدنا وديننا وهويتنا.  

اضف تعليق