حتى آخر يوم قبل موعد إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي جيمس كومي، كان كل ما يثار حول تواطؤ الروس مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الانتخابات الرئاسية مجرد احتمالات من السهل أن تتلاشى، لكن صحيفة الواشنطن بوست رأت أن الأمر لم يعد كذلك بعد إقالته وأن "ترامب يحاول يائساً إخفاء شيء ما".
يقول صاحب الرأي في الواشنطن بوست يوجين روبنسون إن: "سبب إقالة كومي هو غضب ترامب من الحماسة التي يبديها الأول في التحقيق في كيفية وأسباب التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية".
ترامب لا يتصرف ببراءة
ويمضي روبنسون في تحليل النبأ الصادم بقوله: "إن ترامب يتصرف بطريقة لا يتصرف بها الشخص البريء، وما قام به من عزل للمسؤول عن التحقيق في مزاعم ضده لا يماثل إلا ما قام به الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون".
وتحدثت تقارير عن أن كومي كان يقود تحقيقاً نشطاً من المحتمل أن يطيح بترامب، وإن تصحيح المسار بعد الإقالة لن يكون إلا بتعيين محقق خاص في هذه القضية، خاصة بعد إقالة النائب العام بالإنابة سالي ييتس وعزل ترامب للنواب العامين في الولايات المتحدة بأكملها تقريبا.
روسيا ساخرة: إنكم تمزحون ولا علاقة لنا!
وفيما يحاول الأمريكيون ابتلاع وقع الصدمة الجديدة، يتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بسخرية من داخل البيت الأبيض سأله الصحفيون عن إمكانية تأثير إقالة كومي في المحادثات بين الطرفين بالقول: "وهل أُقيل؟ إنكم تمزحون".
بينما يقول الرئيس الروسي وعلامات الفرح واضحة على وجهه أثناء لعبه الهوكي على الجليد في سوتشي لصحفي أميركي سأله سؤالا مماثلا "سؤالك طريف، لا تغضب مني. لا علاقة لنا بهذه القضية".
ترامب يعيد مذبحة السبت
وأثارت خطوة أقالة جيمس كومي شكوك الديمقراطيين وآخرين في أن البيت الأبيض يحاول إضعاف التحقيق الذي يجريه (إف.بي.آي) بخصوص التدخل الروسي في الانتخابات.
وشبه بعض الديمقراطيين تحرك ترامب "بمذبحة ليل السبت" عام 1973 التي أقال فيها الرئيس ريتشارد نيكسون مدعيا خاصا مستقلا يحقق في فضيحة ووترجيت.
وخلصت وكالات المخابرات الأمريكية في تقرير لها في يناير كانون الثاني إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد أصدر توجيهات للتأثير على انتخابات 2016 لتصب في مصلحة ترامب.
ونفت روسيا مرارا أي تدخل لها في الانتخابات ونفت إدارة ترامب مزاعم التواطؤ مع روسيا.
جيمس كومي سياسي ماهر
وكان جيمس كومي (56 عاما) هدفا لانتقاد عدة دوائر بسبب طريقة تعامله مع تحقيق يشمل استخدام كلينتون بريدها الإلكتروني الخاص خلال عملها وزيرة للخارجية.
وقال كومي في يوليو تموز إن قضية البريد الإلكتروني الخاص بكلينتون يجب إغلاقها من دون ملاحقة قضائية لكنه أعلن قبل 11 يوما من انتخابات الثامن من نوفمبر تشرين الأول أنه أعاد فتح التحقيق لاكتشاف مجموعة جديدة من الرسائل الإلكترونية المتعلقة بها.
وتعبر كلينتون وديمقراطيون آخرون عن اعتقادهم بأن قرار كومي أسهم في خسارتها للانتخابات.
ويوصف جيمس كومي عادة بأنه مدير سياسي ذو مهارة فائقة، لكن سمعته تعرضت لهزات خطيرة في الفترة الأخيرة، مع ورود اسمه في إحدى القضايا المثيرة للجدل.
كومي يلاحق الأغنياء وذوي السلطة
كما يحظى بالاحترام الكبير لمؤهلاته وصفاته، فقد ظل منخرطا في الدوائر السياسية والقانونية، في ولاية نيويورك التي ينحدر منها، على أعلى مستوى لثلاثة عقود.
وقيل إنه اجتذب - حينما كان المدعي الأمريكي عن منطقة ساوث ديستريكت في نيويورك - متابعين له من بين الكثيرين من الأشخاص العاديين في نيويورك بسبب إصراره على الملاحقة القانونية للأغنياء وذوي السلطة.
وأصبح في عام 2003 نائبا لوزير العدل، وكان هو الذي رأس الادعاء في قضية مارثا ستيورات، سيدة الأعمال الشهيرة والمذيعة المعروفة التي ضللت المحققين في قضية بيع أسهم. كما رأس أيضا القضية التي نالت تغطية إعلامية كبيرة واتهم فيها المصرفي والمستثمر الأمريكي في وول ستريت، فرانك كواترون.
وتعرض كومي للأضواء أكثر في العام التالي عندما كشف عن مواجهة بينه وبين مسؤولين كبار في إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش خلال شغله منصب وزير العدل بالنيابة، عندما مرض وزير العدل جون أشكروفت، ونقل إلى المستشفى.
اضف تعليق