التغيير والإصلاح الشامل للمساهمة في تشييد دولة القانون والمؤسسات وفصل السلطات، واحترام رأي الشعب عبر صناديق الانتخاب، هي أمنية كل مواطن، لينعم الجميع بالعدالة الإجتماعية والحرية والتعددية.
شعب البحرين الأصيل هو أكثر شعوب المنطقة حبا للسلام والتعايش السلمي ورفض العنف، لهذا نجد البحرين تتميز بالتنوع الديني والمذهبي والعرقي، واحترام التعددية بشكل حقيقي رغم ان أغلبية الشعب من العرب المسلمين الشيعة، وبفضل تميز شعبها بحب العلم والتعلم والمعرفة، فالبحرين أكثر بلاد الخليج إنفتاحا وتقدما و تحضرا، والبحرين هي الدولة الوحيدة الأقلية فيها تحكم الأكثرية من الشعب، ونتيجة سلمية الشعب استمر حكم الأقلية لأكثر من 200 عاما، ورغم كل المعاناة والمطالب والثورات الشعبية المتكررة فان الشعب طوال العقود الماضية يرفض العنف والسلاح والتدخل الخارجي، بل في عام 1969 قامت الأمم المتحدة بإجراء استفتاء للشعب البحريني حيث صوت الشعب على عدم الإنضمام إلى دولة إيران، للدلالة على العروبة والاستقلال.
عندما إندلعت شرارة الثورة أو الربيع العربي في تونس وقف الشعب البحريني مساندا وداعما للشعوب العربية الثائرة المتعطشة للتغيير والعدالة الإجتماعية والحرية والديمقراطية دون تمييز، وهذا ليس غريبا فالشعب البحريني دائما مع الحق العربي وبالخصوص القضية الفلسطينية ومع الحركات الثورية، وفي 14 فبراير 2011م. تم الاعلان الرسمي لثورة الشعب البحريني، ورفع الشعب راية الشعب يريد إسقاط النظام وهو نفس الشعار الذي رفع في معظم الدول العربية التي شهدت الثورات.
الثورة السلمية ودموية النظام
نجحت الأنظمة الحاكمة في أغلب الدول التي شهدت ثورات شعبية في تحويل مسار الثورات إلى العنف والدموية في سبيل القضاء على الثورة أو جعلها فوضى، الثورة التونسية هي الثورة الوحيدة التي استطاعت النجاح لغاية الآن في تحقيق تغيير حقيقي، واختيار الحكومة والنظام عبر صناديق الانتخاب ونقل السلطة بشكل سلمي.
البحرين هي الدولة العربية الوحيدة التي لم يستجب شعبها الثائر لعنف النظام الذي جلب قوات أمنية من الخارج لحماية نظامه أمام شعبه، واستخدم أبشع الأساليب لخنق الحراك، وفك الاعتصام الجماهيري من خلال هجوم القوات الأمنية فجر الخميس في 17/ فبراير/2011م على " دوار اللؤلؤة "، حيث سقط العديد من المواطنين بين قتيل وجريح، واعتقال الالاف، وبالخصوص زعماء الثورة والجمعيات والاحزاب السياسية، ولم يتوقف الأمر إلى هذا الحد بل قامت الحكومة بهدم مجسم اللؤلؤة الذي تحول إلى رمز الثورة البحرينية، ولم يتوقف النظام عند هذا الحد بل قام بمسح ميدان اللؤلؤة من الوجود وذلك في 18/ مارس/2011م،.. انه عمل عجيب وغريب!!.
غرائب وعجائب الثورة البحرينية
من غرائب الثورة البحرينية انها الثورة العربية الوحيدة التي لم تجد أي دعم من الإعلام العربي، بل تم تهميشها وتشويها وتزييف شعاراتها، وللأسف الشعوب العربية قد صدقت إعلام الأنظمة الرافضة للتغيير في التعامل مع ثورة الشعب البحرينية المسالمة، والأكثر غرابة؛ ان عاهل البحرين أنشأ لجنة تقصي الحقائق لانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين برئاسة القانوني الدولي محمد بسيوني، الذي أكد في تقريره المعروف بلجنة بسيوني: ان الحقائق تدين النظام لانتهاكاته الفظيعة للمحتجين السلميين من تاريخ 14 فبراير 2011. وتحمله المسؤولية، وقد اقترحت اللجنة مجموعة من التوصيات منها: إيقاف الأساليب القمعية من قبل النظام، القيام بحل سياسي بدلا من استخدام القبضة الأمنية التي ستساهم في قتل المزيد وهي غير مجدية، اطلاق سراح القيادات السياسية وكافة المعتقلين بسبب التعبير عن الرأي، واوضح التقرير؛ نداء اسقاط النظام يدخل ضمن حرية التعبير ولا يستوجب السجن عليه، كما اشار التقرير الى عدم وجود ما يؤكد التدخل الايراني في الثورة الشعبية البحرينية.
اللجنة أثبتت الحقائق لواقع الثورة الشعبية في البحرين، ولكن هذه النتائج جاءت بما لا يريده العاهل البحريني، الذي لم يأخذ بتوصيات اللجنة التي شكلها بنفسه، بل تملص منها، مما أدى إلى المزيد من التدهور في الساحة البحرينية.
ووصل الأمر إلى إعتقال ومحاكمة الأمين العام لجمعية الوفاق أكبر معارضة في البحرين الشيخ علي سلمان، بتهمة تغيير النظام بالقوة، رغم انه شخصية معروفة بتبني المنهج السلمي ورفض العنف، ونتيجة اصراره والقيادات الشعبية الأخرى على هذا المنهج حافظت الثورة البحرينية على الحراك السلمي، بالإضافة إلى محاكمة عدد من الشخصيات السياسية والحقوقية منها الناشط نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان الشخصية المعروفة بالمنهج السلمي.
تمسك الشعب البحريني بالحراك السلمي ورفض العنف لتحقيق مطالبه رغم سقوط العديد من الضحايا، ووصل الأمر إلى اعتقال عدد من النساء مع اطفالهن الرضع، موقف يستحق التقدير من قبل الشعوب العربية الحرة والشريفة، والتضامن والمساندة والدعم.
الحل باحترام الإرادة الشعبية
حل أزمة البحرين يكمن بالرجوع إلى الشعب الذي هو مصدر التشريع، وما دام الشعب هو المصدر فالحل في احترام إرادة الشعب وتحقيق مطالبه التي من اجلها خرج وتظاهر منذ عام 2011م. وإلى غاية اليوم يواصل الحراك بالشكل السلمي، وقدم مئات القتلى والمصابين وإعتقال الالاف.
لجوء النظام البحريني للمزيد من التشدد الأمني والاعتقالات والمحاكمات وسحب الجنسية من مئات السياسيين المعارضين - " البحارنة الأصل" حيث جذورهم في الوطن منذ مئات السنين أي قبل وصول العائلة الحاكمة الى جزيرة البحرين -، وتهميش مطالب الشعب، سيساهم في تصاعد التحدي من قبل الشعب المصر على الاستمرار في الاحتجاج والتظاهر السلمي لغاية تحقيق أهدافه،.. ومع سقوط المزيد من القتلى والمصابين تشتد عزيمة الشعب.
يكفي ما نزف من دم عربي في الدول العربية التي شهدت ثورات، ونتمنى ان تبادر الأنظمة العربية الحاكمة ومنها النظام البحريني لتفهم مطالب الشعب والاستجابة له، لبناء دولة حضارية تتناسب مع طموح وتطلعات المواطنين، الشعب البحريني البطل الثائر شعب معروف بالطيبة والتسامح ومحبته للسلام والعلم ويرفض العنف وسفك الدماء، وحتما نجاح عملية الإصلاح والتغيير بشكل سلمي دون عنف ودماء مرهون بطريقة وأسلوب السلطة الحاكمة، وتفهمها بحاجة الشعوب للمشاركة في بناء الوطن؛ الحل بيد الحكومة البحرينية، هي من تحدد طريقة التغيير القادم في البحرين سلمي أو دموي، تغيير بشكل سلمي عبر احترام الإرادة الشعبية، أو تغيير بلون الدم وسقوط المزيد من الضحايا عبر استخدامها للعنف. الأحرار والشرفاء العرب وفي العالم يقفون مع الشعب البحريني لتحقيق التغيير بشكل سلمي بعيدا عن العنف والدم، وان انتصار إرادة الشعب البحريني يمثل نصرا للشعوب العربية العاشقة للعدالة والحرية والسلام والسلمية.
اضف تعليق