يظهر ان اية دولة في العالم لم تسلم من سرطان داعش.. والعدوى الفكرية التي بدأت تنتقل بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي انطلاقا من مساجد بنيت في اوربا، لا لكي يعبد فيها الله، بل للحث على العنف والقتل وكراهية الاخر.. فهم يسكنون بلاد النصارى، ويأكلون من خيرات ماتزرعه ايادي النصارى، ويتعلمون في دور علم النصارى، ثم يفتون بكفرهم ونجاستهم، وضرورة محاربتهم وقتلهم حتى لا تبقى منهم باقية.
دواعش اوربيون بدأوا يزحفون نحو الحدود السورية العراقية عبر الأراضي التركية ليلتحقوا بالمرتزقة الذين يقاتلون الان في كلا البلدين، ويستولون على الكثير من المدن.. وكالة الصحافة الفرنسية نشرت مؤخرا تقريرا صحفيا اشارت فيه الى أن الشاب الفرنسي الذي يدعى "أبو عبد الله" ظهر في شرائط فديو محاطا بأطفال يلعبون وهو يؤكد العمل على مساعدة العائلات الفقيرة.. هذه الصورة تتناقض تماما مع صورة قطع الرؤوس ورفعها على الحراب، او الرجال المصلوبين على أعمدة الكهرباء التي نشرت على موقع الفيسبوك اذا جمعت صفحة "أبو عبد الله" نحو أربعة آلاف صديق عند مقتله في تموز الماضي حسب الوكالة الفرنسية. حيث يعرض الناشطون الاوربيون في صفوف التنظيم صور قتالهم في العراق وسوريا على انها الجنة الموعودة في الأرض. وبذلك يستخدمون كل التقنيات المتقدمة لجذب مواطنيهم الى ساحات المعارك في هذين البلدين.
ويبدو ان هذا المشهد بات يقلق السلطات في الدول الاوربية حيث تصاعدت في الحقبة الأخيرة حالات تجنيد المسلمين الشباب المتواجدين في هذه الدول للانخراط في صفوف داعش. تقرير صحفي اخر نقلته وكالات الانباء من العاصمة الفنلندية هلسنكي، ينقل شهادة بعض الشباب واولياء الأمور من الذين لم ينجح عرابو داعش من التغرير بهم و اكدوا انهم تلقوا دعوات من قبل بعض من يسمون انفسهم المبشرين للخلافة الإسلامية، اذ يقول عبدالسلام وهو شاب صومالي (29) عاما انه اعتاد خلال شهر رمضان على التوجه الى المسجد لأداء فريضة الصلاة، وفي احدى المرات تلقى عرضا من شاب صومالي للانخراط في صفوف داعش لكنه رفض ذلك، وتوجه الى ابلاغ الشرطة الفنلندية التي اكدت انها سبق ان استلمت بلاغا من هذا النوع وانها تتخذ اللازم، حسب ما جاء في التقرير.
ويرى "اريك دافيس" وهو بروفيسور العلوم السياسية في جامعة روتجرز في نيوجرسي بالولايات المتحدة الامريكية، ومدير سابق لمركز دراسات الشرق الأوسط، ان عملية التجنيد التي تتبعها القاعدة ومنها داعش، مرت بعدة مراحل تمثلت : أولا في استغلال غضب مجتمع السنة في العراق بعد الغزو الأمريكي، ومارافقه من حل للجيش العراقي، وتطبيق قانون اجتثاث البعث، الذي سرعته سلطة الائتلاف المؤقتة في مايس عام 2003، وثانيا ان القبائل السنية في العراق كانت مصدرا للتجنيد حيث كانت هذه القبائل مستاءة من التغيير الذي حصل في عام 2003، ويمثل المصدر الثالث الأكثر حداثة للتجنيد في الشباب القادمين من الشيشان وتركيا والعالم العربي واوربا.
وتتغذى عملية التجنيد للدولة الإسلامية على عامل آخر هو الطبيعة المتطرفة للتنظيم وتغاضيه عن الاغتصاب وممارسة العبودية الجنسية وجهاد النكاح. وحسب مايبدو ان فنلندا هي الأكبر من بين (25) دولة على مستوى العالم في تجنيد الإرهابيين على أراضيها عن طريق تقديم الاغراءات المالية التي تقدر بـ(800-1300) دولار شهريا، وهذا مادفع الشرطة الفنلندية الى اصدار بيان أعده جهاز المخابرات جاء فيه تفاصيل عن اغواء الشباب الساكن في فنلندا للالتحاق بالتنظيم الإرهابي، وأوضح البيان ان هناك اكثر من (40) شخصا قد ذهبوا الى سوريا من رجال ونساء من (17) قومية مختلفة.
اذ يمتلك تنظيم داعش شبكة اتصالات إعلامية اجتماعية متطورة لإغراء الشباب للانضمام اليه، ففي بريطانيا مثلا دأب التنظيم على محاولة تجنيد الشباب بعمر (15) سنة منطلقا من فكرة "انك لم تعد صغيرا جدا لتموت". لذلك وعندما تم انشاء جهاز المديرية العامة للأمن الداخلي الجديد في فرنسا، كان الهدف منه توظيف مهندسي كومبيوتر قادرين على تحسين قدرات كشف المجندين المحتملين للقتال في العراق وسوريا على شبكة الانترنت، وفي هذا السياق اقرت المانيا قوانين جديدة تحظر نقل أي صورة او نصوص او تسجيلات صوتية، لها علاقة بالتنظيم الاجرامي، بينما يناقش حاليا في فرنسا قانون يبيح حجب أي موقع يمجد الإرهاب ويهدف الى الحد من تجنيد الاوربيين للقتال في مناطق الصراع.
وعودة الى تقرير وكالة الصحافة الفرنسية فان الشبان الاوربيين في تنظيم داعش يستخدمون كل وسائل الاتصال المتطورة عبر الانترنت لمخاطبة اقرانهم في الدول الاوربية خاصة، واستخدام لغاتهم يساعد كثيرا على الوصول الى اكبر عدد من المجندين المحتملين من الشباب الأوربي.. ولايختلف الامر في السويد او أي بلد اخر في حين وصل مرتزقة من استراليا وامريكا.. وان بين الذين اطلق سراحهم في تركيا مقابل الافراج عن الرهائن الاتراك الخمسين من جنسيات اوربية مختلفة دواعش مرتزقة، اضافة الى (300) مواطن صيني غادروا الاراضي الماليزية الى سوريا والعراق للانضمام الى تنظيمات داعش الاجرامية، وكانت معلومات صحفية اشارت الى ان عدد الشيشانيين المنظمين الى داعش بلغ (1200) مرتزق، وان هناك (335) مرتزقا بلجيكيا، و(800) مرتزقا روسيا، و(70) مرتزقا استراليا، و(1700) مرتزقا من المانيا، سوى مرتزقة الاشقاء، فالتقارير الامنية المتخصصة تشير الى وجود (2300) مرتزق اردني من اخوة "ابو مصعب الزرقاوي"، ويفوق هذا العدد من المرتزقة السعوديين حيث بلغ عدد الملتحقين بالقتال لتحرير العراق وسورية (2700) مرتزق، فيما تفوق دواعش الاتراك على جميع الارقام اذ بلغ عددهم (3000) داعشي، فهل من جهد لإيقاف هذا المد الخطير؟؟...
اضف تعليق