أقول وبصراحة وبصدق وبعيدا عن الولاء، أو الدعم لطرف ما، إن الصراع في إقليم كوردستان هو صراع توازنات سياسية من أكثر من قطب سياسي فاعل ومؤثر، يبدأ بالحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة السيد البارزاني نجل أهم شخصية في تاريخ كردستان النضالي المرحوم الملا مصطفى، ولا ينتهي بحزب الإتحاد الوطني بزعامة رئيس العراق السابق السيد جلال الطالباني وحركة تغيير المنافسة في السليمانية، إضافة إلى عنصر فاعل وجديد دخل على خط الأزمة وهو حزب العمال الكردستاني التركي الذي يقاتل في سنجار غرب الموصل، ولديه إمتدادات في تركيا وسوريا، ولديه علاقات مع حزب الإتحاد الوطني في السليمانية، وكذلك بعض القوى والأحزاب الكردية في شمال غرب إيران، وهو أيضا يخوض معارك عنيفة منذ أيام مع قوات البيشمركة الكردية القريبة من السيد مسعود بارزاني رئيس الإقليم.
سبب النزاع المرشح لمزيد من الإشتعال يعود إلى أن السيد برزاني هو حليف الآن لحكومة تركيا، بينما حزب العمال الكردستاني يقاتل ضد حكومة تركيا، والحزب الديمقراطي في قطيعة مع حزب الإتحاد الوطني بزعامة الرئيس السابق لجمهورية العراق السيد جلال طالباني ومركزه في السليمانية، وكذلك مع حركة التغيير، وهذان الأخيران قريبان من حزب العمال الكردستاني، أي أن هناك بعض التناغم بين هذه القوى الثلاث ضد السيد مسعود البارزاني، وهذا ما يفسر قيام مجموعات من حزب الإتحاد الوطني الكردستاني بإقتحام مبنى شركة نفط الشمال في كركوك والسيطرة عليها، ثم اشتراطات من بعض القيادات الكردية في الإتحاد الوطني الكردستاني بإعطاء الحكومة المركزية في بغداد أسبوعا واحدا لكي تقوم بإحداث تغييرات شاملة في البنية التحتية النفطية في كركوك، وانشاء مصفى خاص هناك، والسيطرة على العائدات النفطية.
إذن هي رسالة من حزب الإتحاد الوطني إلى السيد البارزاني بأنك لست وحدك حاكما في الإقليم، وإن هناك قوى يجب مراعاتها من أجل شراكة سياسية. الخلافات بين الأخوة الأكراد تمتد الى فترة زمنية طويلة على خلفية سيطرة البارزاني على الحكم، ورفضه التنازل عن السلطة وخروجه من دائرة الشرعية بعد إنتهاء ولايته، وقيامه بتعطيل العمل البرلماني في الإقليم، وهذا برأي المعارضة في الإقليم الذي نتمنى له كل الخير والإزدهار خاصة وإنه كان نموذجا طيبا للتعايش والعمران، وهو مانتمنى دوامه في الفترة المقبلة بإذن الله.
واضح تماما أن الفترة المقبلة سوف يشهد خلالها الإقليم نوعا من التزاحم العسكري والسياسي والإقتصادي، وسوف تدخل قوى إقليمية كتركيا وإيران، وكذلك الحكومة العراقية على خط الأزمة لجهة الدفع باتجاه تصعيد الموقف من أجل تحقيق مكاسب على الأرض. فالإيرانيون سيدعمون حزب الإتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير وحتى حزب العمال، بينما سيتحرك الأتراك لضمان مصالح حيوية هناك يشعرون أنها مهددة من الإيرانيين وحلفائهم، وسيكون عليها التواصل أكثر مع جناح السيد مسعود برزاني، ويبقى على الأخوة الأكراد أن يدخلوا في حوار عميق، ومكاشفة سياسية لكي يبعدوا إقليم كردستان عن التدخلات الخارجية، ويحافظوا على النهضة التي حققوها خلال العقدين الأخيرين في مجالات عدة كانت نموذجا طيبا تكلم فيه الجميع وأثنوا عليه...
اضف تعليق