مدرسة كربلاء تعلمنا أن صون الكرامة الإنسانية بكل متطلباتها وآفاقها، بحاجة إلى الدفاع المستميت عنها، والجهاد الدائم من أجل صونها، وغرس الوعي اللازم لممارستها. فحاجتنا إلى عاشوراء الحسين (ع) تتجسد في حاجتنا إلى قيم الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان. فهي سبيلنا لتعليم هذه القيم، وغرسها في نفوس أبناء...
ثمة دروس أساسية تطلقها ثورة الإمام الحسين عليه السلام عبر الأجيال والتاريخ. ولعل من أهم هذه الدروس، هو ضرورة العمل على صيانة الكرامة الإنسانية، ورفض كل محاولات امتهانها ومسخها. فعاشوراء الحسين عليه السلام، تربطنا ارتباطا جوهريا بقيمة الكرامة. وتعلمنا أن الإنسان أو المجتمع الذي تمتهن كرامته وتهدر حقوقه الإنسانية، عليه العمل والسعي لإزالة الذل وصيانة الكرامة الإنسانية والمحافظة على حقوق الإنسان. لذلك نجد أن الأمام الحسين (ع) يخاطب أعداءه قائلا لهم [والله لأعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد].
فالإنسان المسلم ينبغي له أن لا يقف موقفا سلبيا لا أباليا تجاه أي طرف يمتهن كرامته ويدوس مقدساته وينتهك حقوقه، إنما عليه إتخاذ الموقف الإيجابي الذي يتجسد في صناعة الوعي الذي يدفع الجميع إلى المطالبة بكرامتهم المسلوبة، والعمل بكل الطاقات والإمكانيات لإعادة الحقوق المستلبة.
فعاشوراء الحسين (ع) ليست حبيسة الماضي، وإنما تطل على الإنسان المسلم بقيمها ومبادئها ومثلها وآفاقها ودروسها وجهادها ودمائها على حاضر الإنسان، لكي ترفع الراهن نحو التشبث بالكرامة الإنسانية حتى لو تطلب الأمر التضحية بالنفس في سبيل صون الكرامة الإنسانية.
وذلك لأن صون الكرامة الإنسانية من أهداف الدين وغاياته العليا، التي ينبغي المحافظة عليها، وخلق الوقائع المجتمعية التي تجمعها وتطور آفاقها في الواقع الاجتماعي.فقد قال الله تعالى {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} (الإسراء، 70).
كما أن مدرسة كربلاء تعلمنا أن صون الكرامة الإنسانية بكل متطلباتها وآفاقها، بحاجة إلى الدفاع المستميت عنها، والجهاد الدائم من أجل صونها، وغرس الوعي اللازم لممارستها.
فحاجتنا إلى عاشوراء الحسين (ع) تتجسد في حاجتنا إلى قيم الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان. فهي سبيلنا لتعليم هذه القيم، وغرسها في نفوس أبناء مجتمعنا، وعقد العزم على اعتبارها من أولويات وجودنا الإنساني، الذي ينبغي أن نعمل ونجاهد من أجل تحقيقها وصونها في واقعنا المعاصر.
لذلك نجد أن الإمام الحسين (ع) لم ترهبه الكثرة المدججة بالسلاح، ولم تهزمه الحشود البشرية التي تجمعت إلى قتاله، وإنما جميع هذه المظاهر زادته عزيمة على صون كرامته والدفاع عن مقدساته وقيمه العليا.
ما تعلمنا إياه مدرسة عاشوراء، أن صون الكرامة الإنسانية مطلب ديني وحضاري وإنساني، وينبغي أن ندافع عن هذه القيمة بكل ما نملك من إمكانات وطاقات. فالمطلوب دائما أن نشعر بعزتنا وكرامتنا، وندافع عنها بالكلمة والوعي وخلق الوقائع المعبرة عن هذه القيم، والاستعداد الدائم بكل مستوياته للدفاع عنهما. فعاشوراء تعلمنا ضرورة أن نكون أكثر شفافية تجاه كرامتنا الإنسانية وعزتنا الدينية، حتى لا نسمح لأي طرف أن ينقص من كرامتنا أو يذوب جزءا من عزتنا.
والكرامة الإنسانية هي بوابة الحرية، إذ لا حرية لمن لا كرامة له. أي أن الكرامة الإنسانية هي التي تدفع الإنسان إلى دفع ثمن الحرية، وهي التي تجعله يدافع عنها ويحميها من كل المخاطر والشرور. لذلك نجد أن الإمام الحسين (ع) يؤكد على قيمة الكرامة والعزة، ويحث القوم إلى استعادتهما و الانعتاق من ربقة الذل والمهانة. وذلك لأن الإنسان الذليل لا يستطيع أن يحافظ حتى على حقوقه الشخصية فضلا عن حقوق الأمة. وعاشوراء الحسين(ع) تغرس في نفوسنا جميعا الاستعداد التام للدفاع عن كرامتنا وعزتنا، وبهذه القيم تكون عاشوراء بحق ملحمة إنسانية وحضارية، تساهم بشكل دائم في تطوير الواقع الإنساني على مختلف الصعد والمستويات.
اضف تعليق