ملفات - عاشوراء

الحبُّ مُقاومةً

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّابِعة

فالحبُّ والبغضُ رفضٌ ومُمانعةٌ ومُقاومة فإِذا غمرَ الحبُّ قلبكَ لمُصلحٍ فأَنت من حزبهِ حتى إِذا لم تنتمِ إِليهِ رسميّاً، أَمَّا إِذا عبَّرتَ عن حُبِّكَ لفاسدٍ أَو [عِجلٍ سمينٍ] فأَنت ذيلهُ، وإِذا سكتَّ عن لصوصيَّةِ [قائدٍ ضَرورة] فأَنت بوقهُ حتى إِذا لم تنتمِ لحزبهِ أَو لتحالُفهِ...

تعالُوا نقرأ هذهِ الرِّواية التي تُلخِّص لنا معنى المُقاومة الحقيقيَّةِ في الوعي العاشورائي وليست المُزيَّفة كما يفهمها البعض؛

فبعد أَن جالَ الصَّحابي، أَحد حواريِّي رسول الله (ص) جابر بن عبد الله الأَنصاري ببصرهِ حولَ قبرِ الحُسين السِّبط (ع) في الأَربعين، قال؛ السَّلامُ عليكم أَيُّها الأَرواح التي حلَّت بفِناءِ الحُسين وأَناخت برحلهِ، أَشهدُ أَنَّكم أَقمتُم الصَّلاة وآتيتُم الزَّكاة وأَمرتُم بالمعرُوفِ ونهيتُم عنِ المُنكر وجاهدتُم المُلحدينَ وعبدتُم الله حتَّى أَتاكُم اليقين، والذي بعثَ مُحمَّداً بالحقِّ لقد شاركناكُم فيما دخلتُم فيهِ.

فقالَ لهُ عطيَّة العَوفي الذي كانَ برفقتهِ يقومُ على خدمتهِ؛ وكيفَ ولم نهبِط وادياً ولم نعلُ جبلاً ولم نضرب بسيفٍ، والقوم قد فُرِّقَ بينَ رؤُوسهم وأَبدانهم وأُوتِمت أَولادهم وأُرملت الأَزواج؟! فقالَ لهُ جابر؛ يا عطيَّة سمعتُ حبيبي رسول الله (ص) يَقول؛ مَن أَحبَّ قوماً حُشِرَ معهُم، ومَن أَحبَّ عملَ القومِ أُشرِكَ في عملهِم، والذي بعثَ مُحمَّداً بالحقِّ نبيّاً إِنَّ نيَّتي ونيَّة أَصحابي على ما مضى عليهِ الحُسين وأَصحابهُ.

لهذهِ الدَّرجة، فالحبُّ والبغضُ رفضٌ ومُمانعةٌ ومُقاومة!.

فإِذا غمرَ الحبُّ قلبكَ لمُصلحٍ فأَنت من حزبهِ حتى إِذا لم تنتمِ إِليهِ رسميّاً، أَمَّا إِذا عبَّرتَ عن حُبِّكَ لفاسدٍ أَو [عِجلٍ سمينٍ] فأَنت ذيلهُ، وإِذا سكتَّ عن لصوصيَّةِ [قائدٍ ضَرورة] فأَنت بوقهُ حتى إِذا لم تنتمِ لحزبهِ أَو لتحالُفهِ.

إِن لم تستطِع إِشهار رفضِكَ لفسادِ العصابةِ الحاكمةِ فوطِّن نيَّتك على الرَّفض وذلكَ أَضعفُ أَنواع المُقاومة.

وإِذا لم تقدر على مواجهةِ الذُّباب الأَليكتروني فعلى الأَقلِّ لا تتواصل معهم فيُضلُّوك، ولا تُبادر لنشرِ أَكاذيبهِم وافتراءاتهِم واتِّهاماتهِم فتُحشر معهُم، واسعَ لقطعِ الطَّريقِ عن منشوراتهِم الزَّائِفة المُضلِّلة، بصدِّها عن النَّشرِ وايقافِها عندك.

وإِذا كُنتَ عاجزاً عن الكِتابةِ ضد فاسدٍ او الحديثِ عن زعيمٍ لصٍّ، فعلى الأَقلِّ ساهِم في نشرِ مقالاتِ أَو تغريداتِ مَن تثقُ بهِ من الكُتَّاب الواعين الصَّادقين الوطنيِّين.

وإِذا لم تقدر على منعِ قاتلٍ من ارتكابِ جريمتهِ، فعلى الأَقل لا تُبرِّر لهُ ولا تشهد جريمتهُ بوجهٍ مُبتسِم.

تبرَّأ من الجريمةِ بقلبِك على الأَقلِّ، واستهجِنها بقسماتِ وجهِكَ، فعن الإِمام جعفر بن مُحمَّد الصَّادق (ع) في قولهِ تعالى {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} {أَما إِنَّهُم لم يكونُوا يدخلُونَ مداخِلهُم، ولا يجلسُونَ مجالسهُم، ولكن كانُوا إِذا لقُوهُم ضحِكُوا في وجوهِهِم وأَنسُوا بهِم}.

أَمَّا أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) فيقولُ {أَمرنا رسولُ الله (ص) أَن نلقى أَهل المعاصي بوجُوهٍ مُكفهِرَّةٍ}.

فما بالُك إِذا كانوا [ساسةَ البِلادِ] السُّرَّاق الذين أَفسدُوا في كُلِّ شبرٍ؟! كيفَ تُجيزُ لنفسِكَ أَن تتعاونَ معهُم وتُبرِّر لهُم وتُدافع عنهُم وتصفِّق لهُم وتحضرَ مجالسهُم وأَنت تدَّعي الإِنتماء لعاشوراء؟!.

وهكذا، فأَنت لم تحضر في كربلاء ولم تشترِك في عاشوراء، فوطِّن نفسكَ على الأَهدافِ التي ضحَّت مِن أَجلِها كربلاء وعاشوراء.

كم مرَّة وردت كلمة [أَبرأُ] في نصوصِ الزِّيارات الخاصَّة والعامَّة للحُسين السِّبط (ع)؟! لماذا كُلَّ هذا التِّكرار؟!.

هوَ لتوطينِ النَّفس على الرَّفض والمُقاومة، فما لا ترفضهُ بلسانِكَ يستسيغهُ قلبُكَ وقد تُساهمُ في إِنجازهِ بجوارحِكَ!.

أَمّا هذا التَّناقض بينَ الشِّعار والواقع، بينَ المبدأ والسُّلوك فسببهُ الجهل وعدم الوَعي، في أَحسن التَّفاسير، إِذ لا يُمكنُ أَن يجتمعَ الحُسين (ع) ويزيد في قلبِ رجُلٍ واحدٍ أَبداً، ومِن المُستحيل أَن تجتمعَ العِزَّة والذُّل في قلبِ امرءٍ واحدٍ أبداً، ولا يمكنُ أَن تجتمعَ الحُريَّة والعبوديَّة في قلبِ رجُلٍ واحدٍ.

nahaidar@hotmail.com

اضف تعليق