q
ملفات - عاشوراء

المقاومة عاشورائيّاً

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّابِعة

مَن يظنُّ أَنَّ المُقاومة تعني القِتال فقط فهوَ واهِمٌ أَو مُضلَّلٌ أَو مِن تُجَّار الدَّم، وهوَ دليلُ جهلهِ بسيرةِ ومسيرةِ أَهلُ البيت إِنَّ المُقاومةَ في مفهومِ السَّماء هو الرَّفض للظُلمِ والعُدوانِ بكلِّ أَشكالهِ وواحدةٌ منها الرَّفض بالسَّيفِ بشرطهِ وشرُوطهِ قاومُوا الظُّلم والإِنحراف والتَّمييز والعبوديَّة والعُدوان على الحقُوق...

إِنَّ التطرُّف في فهمِ النَّهضة إِفراطٌ، أَمَّا التَّناقُض بينَ الذِّكرى وواقعِنا المرير فهوَ تفريطٌ.

تفريطٌ بالوعي وتفريطٌ بالولاءِ وتفريطٌ بالإِنتماءِ وتفريطٌ بالقِيَم والإِرادات والأَدوات.

أَمَّا الإِفراطُ، فمَن قالَ لكَ أَنَّ عاشوراء سيفٌ وحربٌ ومعركةٌ ودماءٌ فقط؟!.

مَن قالَ لكَ أَنَّ مُقاومةَ الحُسين السِّبط (ع) تحت ظِلال السُّيوف فقط؟!.

أَلم يَغمِد أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) سيفهُ [٢٥] عاماً؟! فهل كانَ مُستسلِماً مثلاً أَو لم يكُن مُقاوماً؟! وهو القائِل {لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّي أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِي، وَوَاللهِ لاَسْلِمَنَّ مَاسَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِا جَوْرٌ إِلاَّ عَلَيَّ خَاصَّةً، الْتمَاساً لاِجْرِ ذلِكَ وَفَضْلِهِ، وَزُهْداً فِيَما تَنافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وَزِبْرِجِهِ}؟!.

أَلم يغمِد الحسن السِّبط (ع) سيفهُ [١٠] أَعوام عندما [صالَح] الطَّاغية مُعاوِية؟! فهل تركَ المُقاومة وفضح ظُلم الطَّاغوت خلالَ هذهِ السِّنين؟! وهو القائِل {أَيُّها النَّاس إِنَّ مُعاوية زعمَ أَنِّي رأَيتهُ للخلافةِ أَهلاً ولم أرَ نفسي لها أهلاً وكَذبَ مُعاوية، أَنا أَولى النَّاس بالنَّاسِ في كتابِ الله وعلى لسانِ نبيِّ الله}.

أَلم يغمِد الحُسين السِّبط (ع) سيفهُ [١٠] أَعوام أُخرى وهي المُدَّة الزمنيَّة المُمتدَّة بين استشهادِ الحسن السِّبط ع [٥٠ للهجرةِ] وحتَّى قيامهِ في عاشوراء [٦١ للهجرةِ]؟! فهل كانَ مُستسلماً؟! أَم لم يكُن مُقاوماً؟! وهو الذي سجَّل أَوَّل مُقاومتهِ للظُّلم وعمرهُ [٨] سنوات فقط عندما خاطبَ الخليفة الثَّاني لمَّا رآهُ يخطُب على منبرِ جدِّهِ رسولُ الله (ص) {إِنزِل أَيُّها الكَذَّاب عَن مِنبرِ أَبي رسولَ الله لا مِنبرَ أَبيك}؟!.

إِنَّ مَن يظنُّ أَنَّ المُقاومة تعني القِتال فقط فهوَ واهِمٌ أَو مُضلَّلٌ أَو مِن تُجَّار الدَّم، وهوَ دليلُ جهلهِ بسيرةِ ومسيرةِ أَهلُ البيت (ع).

إِنَّ المُقاومةَ في مفهومِ السَّماء هو الرَّفض للظُلمِ والعُدوانِ بكلِّ أَشكالهِ وواحدةٌ منها الرَّفض بالسَّيفِ بشرطهِ وشرُوطهِ، قال تعالى {قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.

ولذلكَ فيومَ أَن قاتلَ رسولُ الله (ص) في بدرٍ وأَحُدٍ مثلاً كان يقاومُ، ويومَ أَن وقَّع وثيقة صُلح الحُديبيَّة مع كُفَّار قُريش كانَ يقاومُ كذلك!.

وهكذا هوَ الحالُ والموقفُ بالنِّسبةِ إِلى أَميرِ المُؤمنينَ (ع) والحَسنَين السِّبطَين (ع).

فما الذي قاومُوه؟!.

إِنَّهم قاومُوا الظُّلم والإِنحراف والتَّمييز والعبوديَّة والعُدوان على الحقُوق، فكانَ همُّهُم هو تمييز الحقِّ عن الباطل، كما في قولِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) {فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ، وَلَوْ أَنَّ الْحقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ البَاطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ، وَلكِن يُؤْخَذُ مِنْ هذَا ضِغْثٌ، وَمِنْ هذَا ضِغْثٌ، فَيُمْزَجَانِ! فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، وَيَنْجُو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْحُسْنَى}.

ومنَ المُقاومة أَنَّهم فضحُوا الظَّالم ولم يبرِّرُوا لفاسدٍ فسادهُ كائِناً مَن كان.

فعندما أَغمدَ الحُسينُ السِّبط (ع) سيفهُ واصلَ نهج المُقاومة بفضحهِ للطَّاغية الطَّليق مُعاوية، فضحهُ في حلِّهِ وترحالهِ حتَّى اظلمَّت الدُّنيا في عَينيهِ واسودَّ نهارها، ففضحَ جرائمهُ وفسادهُ في السُّلطة، كما فضحَ إِرهابهُ وانحرافهُ عن الدِّين، وفضحَ خُططهُ الخبيثة الرَّامية لتوليةِ إِبنهِ الرِّعديد يزيد [خِلافة المُسلمين].

فعندما حاولَ الطَّاغية مرَّة أَن يُسوِّق يزيد بحضُور الحُسين السِّبط (ع) قامَ الإِمامُ خطيباً فقال {أَمَّا بعدُ يا مُعاوية! فلن يؤُديِّ القائِل وإِن أَطنبَ في صفةِ الرَّسول (ص) من جميعٍ جُزءاً وقد فهمتُ ما لُبِّستَ بهِ الخلَف بعدَ رسولِ الله من إِيجاز الصِّفة والتنكُّب عن إِستبلاغ البَيعة، وهيهاتَ هيهاتَ يا مُعاوية! فضحَ الصُّبحُ فحمةَ الدُّجى وبهرَت الشَّمس أَنوار السُّرج، ولقد فضَّلتَ حتَّى أَفرطتَ واستأثرتَ حتَّى أَجحفتَ ومنعتَ حتَّى بخِلتَ وجِرتَ حتَّى جاوزتَ، ما بذلتَ لذِي حقٍّ مَن أَتمَّ حقَّهُ بنصيبٍ حتَّى أَخذ الشَّيطانُ حظَّهُ الأَوفر ونصيبهُ الأَكمل، وفهِمتُ ما ذكرتهُ عن يزيدٍ من اكتمالهِ وسياستهِ لأُمَّة مُحمَّد، تريدُ أَن توهِم النَّاسَ في يزيد، كأَنَّك تصفُ محجوباً أَو تنعتَ غائباً أَو تُخبر عمَّا كانَ ممَّا احتويتهُ بعلمٍ خاصٍّ وقد دلَّ يزيدُ من نفسهِ على موقعِ رأيهِ، فخُذ ليزيدَ فيما أَخذَ بهِ مِن استقرائهِ الكلابِ المهارِشة عند التَّحارُش والحمام السِّبق لأَترابهنَّ والقيناتِ ذواتِ المعازفِ وضرُوبِ الملاهي تجدهُ ناصراً، ودع عنكَ ما تحاولُ}.

هي قِمَّة الشَّجاعة في المُقاومة لمنعِ وفضحِ الإِنحرافِ مُبكِّراً.

[email protected]

اضف تعليق