الحقيقية النفسية أنهم يريدون أن ينظمّوا الى الركب الذي مابرحت الأحاديث المتواترة عن ائمتهم الكرام حول اهمية ومكانة من يطلق عليه اسم (خادم الامام الحسين). إن سيكولوجية خادم الحسين تعني أنه الشخص الذي يرى أنه موفقا ومسددا لانّ يكون عضوا فعالا ولامعا ضمن مجموع الخادمين...
كتبت المواطنة السعودية (نداء آل سيف) عن ضرورة سحب لقب الكرم من حاتم الطائي الى خدمة زوار الحسين قائلة:
(لقد آن الأوان أن يسحب خَدَمَة زوار الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء البساط من تحت أقدام حاتم الطائي وغيره ممن اشتهروا بالكرم عبر التاريخ. فلطالما كان اسم حاتم الطائي مقرونا بالكرم والجود والعطاء بلا حدود. بيد أن بوصلة التاريخ لابد أن تتغير اليوم والأمثال لابد لها أن تتحول. فعطاء حاتم يتوارى أمام عطاء أهالي العراق لزوار الأربعين).
وإن (الخدمات المجانية التي يلقاها الزائر الماشي على قدميه بين النجف وكربلاء على مدى ثلاثة أيام أو أكثر والتي تبدأ من الغذاء والسكن والخدمات الصحية. ولا تنتهي بخدمة تدليك الأقدام وتلميع الأحذية).
نقول: إن السيد (نداء) صدقت في وصفها السلوكي الذي يجري كل عام في مثل هذه الشعائر الحسينية. وهو صحيح البتة. وقبل أن نبدي التحليل النفسي الإجتماعي لهذه الظاهرة الكرميّة.. لو أننا سألنا واحد فقط من هؤلاء الخدام: هل أنك وافيت بالخدمة الى حدّ كبير؟.. سيكون الجواب من غير أي شك.. إنه يشعر إنه لم يقدم شيئا بعد.
فمن حيث التحليل النفسي الإجتماعي: إن هؤلاء الخدام يسعون بطريقة شعورية (بوعي وإدراك) الى الوصول الى الرضا الحسيني.. فهم يحاولون بالغالي والنفيس في سبيل التحقق من محاولة استرضاء الحسين (عليه السلام) من خلال من ما يقدمونه الى من يقوم بالقدوم اليه راجلا ماشيا على الأقدام.. بغض النظر عن جنسيته ولونه واهتماماته وتطلعاته وتوجهاته.. فبمجرد أنه على هذا الطريق (طريق يا حسين).. يكون هو ضمن دائرة الاهتمام والرعاية. بلّ وأكثر من ذلك يسعون الى تشجيعه وبث فيه روح القوة الجسدية لان يكمل الطريق من خلال الالفاظ المدعمة التي من ورائها مصدر الثواب الحسيني.
الحقيقية النفسية أنهم يريدون أن ينظمّوا الى الركب الذي مابرحت الأحاديث المتواترة عن ائمتهم الكرام حول اهمية ومكانة من يطلق عليه اسم (خادم الامام الحسين).
إن سيكولوجية خادم الحسين تعني أنه الشخص الذي يرى أنه موفقا ومسددا لانّ يكون عضوا فعالا ولامعا ضمن مجموع الخادمين لزوار الامام الحسين (عليه السلام). ومن هذا نجد انهم يتمتعون بخصلتين سلوكيتين هما:
- الشعور بالعضوية الفعالة (The Sense of Active Membership): فهو يجهد نفسه وماله وصحته وما يملك من أجل تحقيق الفاعلية السلوكية في إطار الخدمة الحسينية. ليكسب بذلك صيغة العضوية. حتى وفي أبسط السلوكيات التي يقوم بها. كصبغ الأحذية والتدليك وتوزيع المناشف الورقية أو حتى تنظيف الطريق بالمكنسة. ناهيك على الافعال والسلوكيات الكبيرة الاخرى.
- الشعور بالعضوية اللامعة أو المشرقة (The Sense of Organic Bright): يسعى لان يكون متميزا وفريدا عن الاخرين فيما يقدمه لزائري الامام الحسين بشكل يختلف عن الاخرين. وهذا السلوك نجده يتنوع ويتغير في كل سنة من السنين التي نسميها بالهجرة النفسية الحسينية. ففيها يتضح التنافس السلوكي في أفضل الخدمات وأحسنها التي تسترضي زائري الإمام الحسين (عليه السلام).
لاشك إن التوارث بالأجيال للأعداد تحت مسمى المواكب الحسينية في خدمة الزائرين عاملا مهما في التنشئة الخدمية الدائمة. كما وإن عامل البركة والتوفيق عاملا أساسية في ذلك. حتى إن هؤلاء الخدمة لايشعرون بالارتياح النفسي وينتابهم ألم الضمير (the pain Conscience) حالما لم يشتركوا فيها. وهو بحد ذاته دافع أخلاقي ديني نفسي. يجعل هؤلاء الخدام يمارسون السلوك سواء بالعضوية الفاعلية أو بالعضوية المشرقة.
إن هذا السلوك الكرمي الناتج عن الرغبة في الانتماء بالعضوية للمقدس. لم يكن جديدا ولم يكن في العالم الإسلامي فحسب بلّ تعدى الأزمنة والديانات الأخرى المختلفة. غير أن الشعيرة الخدمية الحسينية. قد فاقتها وتميزت عليها بشكل ملحوظ وبالخارج عن العادة. بسبب التكرار الزمني الذي لم يتوقف. وبسبب عامل آخر أيضا يعود الى العمق في الكرم الممارس والخارج عن الحدود الطبيعية. وهذان السببان. جعل من هذه الشعيرة ترتقي الى المستوى الاول الذي بات يثير إستغراب الشعوب والافراد المختلفة.
اضف تعليق