تهدف القضية الحسينية إلى جعل عالمنا أفضل في المناحي الفكرية المبدئية النظرية، وفي مجالات التطبيق أيضا، لاسيما ما يخص الاستحقاقات الاجتماعية والأخلاقية وسواها، فحين تنتشر مبادئ وقفة الإمام الحسين عليه السلام على الصعيد العالمي، ومن أهم هذه المبادئ بسط العدالة وتقليص الظلم والقضاء عليه...
تهدف القضية الحسينية إلى جعل عالمنا أفضل في المناحي الفكرية المبدئية النظرية، وفي مجالات التطبيق أيضا، لاسيما ما يخص الاستحقاقات الاجتماعية والأخلاقية وسواها، فحين تنتشر مبادئ وقفة الإمام الحسين عليه السلام على الصعيد العالمي، ومن أهم هذه المبادئ بسط العدالة وتقليص الظلم والقضاء عليه، فإن عالمنا هذا سيكون أفضل بالطبع، وكم تحتاج البشرية اليوم إلى قوانين وتشريعات تخفف من التوتر الذي يرعب المعمورة وكائناتها ويجعل منها في حالة قلق وخوف وتطرف وعدم ثقة تهيمن على كل شيء.
وحتى يكون محبو الإمام الحسين لاسيما الشباب منهم قادرين على نشر الفكر الحسيني على مستوى عالمي، مطلوب منهم أن يستخدموا تكنولوجيا الإعلام والاتصال بأحدث ما توصل إليه هذا القطاع، فالمطلوب أن نستخدم التكنولوجيا بأفضل الطرق وأنسبها لنشر القضية الحسينية ليس بين المسلمين وحدهم، وإنما بين ربوع العالم كي نجعل من الأخير أرضا قابلة للعيش بما يحفظ كرامة الإنسان ويجعل الجميع في حالة تواؤم وانسجام ومحبة.
على أن يتحلى أتباع الإمام الحسينيون بالفضيلة والقيم الأخلاقية التي تحكم العلاقات الاجتماعية وكل أنشطة الحياة الأخرى، وحين تكون الأخلاق هي الحد الفاصل في علاقات الناس مع بعضهم، فإننا جميعا في هذه المعمورة سوف نكون في مأمن من الفتن والتطرف والاحتراب.
سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يقول عن هذا الموضوع في كتاب (من عبق المرجعية):
(على المؤمنين إتّباع الإمام الحسين سلام الله عليه في التحلّي بالفضيلة, والالتزام بها في كافّة ممارساتهم في الحياة الاجتماعية مع جميع الناس).
ولا يظن أحد أن التحلي بالأخلاق والفضيلة أمر سهل ومتاح، إنه من أصعب الأهداف التي ينبغي أن يسعى إليها الإنسان، فلكي يكون الأخير خلوقاً فاضلا في التفكير والسلوك، هذا يتطلب منه أن يربي نفسهُ بأخلاق أئمة أهل البيت عليهم السلام، وطالما أن مغريات الحياة لا حدود لها، وأن النفوس والغرائز تجري وراءها، فهذا يعني صعوبة تحقق هذا الهدف، لذلك فإن من يخطط أن يكون إنسانا مؤمنا ملتزما بأخلاق وأهداف سيد الشهداء عليه السلام، عليه أن ينهل من كنز الأخلاق الحسينية، وعليه أيضا أن يدعو ويتوسل الله تعالى وأئمة آل البيت كي يكون قادرا على اغتراف الخلق الرفيع والفضائل العظيمة من مصدرها الخالد، وهو فكر الحسين عليه السلام وأئمة أهل البيت صلوات الله عليهم.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(نحن أمام امتحان صعب, وهو امتحان إحياء القضية والشعائر الحسينية المقدّستين, فيجب أن نطلب العون والمدد من الله تبارك وتعالى ونتوسّل إليه بأهل البيت صلوات الله عليهم كي ندخل هذا الامتحان بعزم قوي وإرادة قوية, وننجح فيه).
المال والقلم واللسان
لكي يتمكن الحسينيون من مواصلة طريق الإمام الحسين عليه السلام، في المبادئ والسلوك، لابد أن يستعينوا بما يمتلكون من أموال، وأن لا يقصروا في هذا الجانب، وعلى القادرين منهم والمتخصصين باستخدام القلم والكتابة أن ينهضوا بالجانب الفكري بقوة، وأن يديموا هذا الشرط الذي كان ولا يزال وسيبقى عنصرا فاعلا في إدامة القضية الحسينية ونشرها وإيصالها إلى أبعد إنسان في المعمورة، كذلك على الخطباء الحسينيين أن ينهضوا بمهمتهم أفضل النهوض من حيث إلقاء المحاضرات والخطب والكلمات التي تفصِّل وتوضح ماهيّة وأهداف القضية الحسينية.
وهذه الأعمال لا يمكن أن تفعل فعلها بالطريقة الفضلى إلا باستخدام الوسائل العصرية الصحيحة، بمعنى أن من يُسهم في نشر مبادئ الفكر الحسيني في العالم ويكون معنيا بهذا الانجاز، عليه أن يختار الوسيلة الأصحّ والأكثر قدرة على التوصيل، ونعني بذلك استخدام التكنولوجيا التوصيلية المعاصرة بأفضل صور وحالات الاستخدام، على أن تتم كل هذه الأعمال النظرية والتطبيقية والإعلامية بإخلاص لا محدود، لذلك يوصى سماحة المرجع الشيرازي بأن الإخلاص للإمام الحسين عليه السلام هو الذي يجعل من أصعب الأهداف قابلة للتحقق والانجاز.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(أوصي إخواني الذين يقيمون الشعائر الحسينية بأمرين: الأول: تعلّم الإخلاص في العمل من الإمام الحسين سلام الله عليه. والثاني: عدم التقصير بحقّ الإمام الحسين سلام الله عليه, سواء بالمال أو القلم أو اللسان, وغير ذلك).
وثمة تركيز كبير وتذكير دائم على هدف مستدام، لا يقبل السكون، إنه معني بإدامة زخم الفكر الحسيني، وإيضاح ما تهدف إليه القضية الحسينية، لهذا فإن جميع من ينتمي للقضية الحسينية في القول والنية والعمل والإيمان، عليه أن لا يقصّر أو يتردد للحظة واحدة عن مواصلة خدمة التفسير والتوضيح والنشر لكل ما يتعلق بالفكر الحسني وتعاليمه ومبادئه التي تتركز على بسط العدالة ورفض الظلم وإنصاف الناس ومقارعة الحكومات الظالمة.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(يجب علينا أن نقوم بخدمة القضية الحسينية وتعظيمها وإحيائها بكلّ ما نملك ونقدر عليه).
لا تؤذوا من يقيم الشعائر
ثمة ترابط بين الشعائر الحسينية وإدامتها من جهة وبين نشر الفكر الحسيني من جهة أخرى، صحيح هناك من يؤكد على تطبيق القيم الحسينية في واقع الناس وحركة الحكومة وشؤون الدولة، وهو أمر متّفق عليه، فمن يؤمن بمبادئ الإمام الحسين عليه السلام لا يكتمل إيمانه هذا إلا بالتطبيق العملي للمبادئ، لكن الشعائر الحسينية تبقى هي المرتكز الأساس لنشر القضية الحسينية، لهذا لا ينبغي التعرّض لها أو منعها أو الوقوف بالضد من يحييها ويقيمها.
فالشعائر (من تقوى القلوب) ومن يقف ضدها سيلقى الحساب الذي يستحقه في الدنيا والآخرة، ولنا في الشواهد الكثيرة التي قصمت ظهور الكثير من الطواغيت حينما وقفوا ضد الشعائر، لهذا هناك أصوات حق عالية تطالب الحكومات والحكام وكل من يقف بالضد من الشعائر أن يكفّوا عن مثل هذه المواقف غير الصحيحة ولا المبررة، وهذا عرف عالمي حتى في أكثر دول العالم حداثة، فالشعائر لديهم مكفولة، ومن المحال أن تتعرض إلى المعاداة أو الإيقاف أو حتى الكلام ضدها غير مسموح به كونها تمثل إرثا تاريخيا لا تخص فئة أو جهة أو طائفة بعينها.
لذلك يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(إنّ الذين يُلحقون الأذى بالمقيمين للشعائر الحسينية في الدنيا، سينالون وبال أذاهم في نار جهنم, كما ذكرت الروايات الشريفة, وكما صرّح القرآن الكريم بقوله عزّ من قائل: يأتيه الموت من كل جانب وما هو بميّت).
لذلك أهم ما مطلوب من الحسينيين، هو أن يردّوا على مثل هذه الأصوات أو المواقف أو الأفعال التي تسعى لتحديد الشعائر أو وقفها، أو التجاوز على من يقيمها، بالإصرار على نشر الفكر الحسيني والانتصار للقضية الحسينية، مع أهمية الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الحديثة في نشر الفكر الحسيني وإيصاله إلى أبعد نقطة من الأرض، على أن يكون خطابنا نوعيا واعيا مستمدا من فكر الإمام الحسين والقيم الحسينية، وأن يُنشَر بكل لغات العالم حتى يفهمه الجميع بلا استثناء، خصوصا أن النشر والتوصيل هو عمل إعلامي وأن الإعلام الصحيح والناجح يمثل نصف القضية الحسينية من حيث توصيلها والدفاع عنها.
لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) قائلا:
(علينا أن نستفيد من التكنولوجيا الجديدة، المتيسّرة اليوم للجميع، أحسن وأفضل استفادة، في إيصال ثقافة عاشوراء إلى البشرية كافة، بمختلف لغاتهم، وعلينا أن لا ننسى بأن العمل الإعلامي هو نصف القضية والنصف الآخر والمكمّل لها بل والأهم هو الدفاع والحماية).
اضف تعليق