شبكة النبأ: الامام الحسين، عليه السلام، شمس ساطعة، لها بزوغ جديد على كل يوم جديد، الجميع يحصل على بغيته منه، ما حوته افكاره وقضاياه، فالباحث عن الحرية يجده راية ضد الاستعباد والديكتاتورية، وبالباحث عن الكرامة، يجده عوناً ضد الظلم والطغيان، والباحث عن الحق والحقيقة يجده نوراً وفناراً للخلاص من أمواج التضليل والانحراف. هكذا عرّف المفكرون والعلماء النهضة الحسينية، مؤكدين أن دونها الزمان والمكان.
بمعنى أن المعادلة الصحيحة؛ العلاقة بين الارض والسماء... بين التربة الخصبة القابلة للنمو والتطور، وبين العوامل المساعدة القادمة من الاعلى؛ الشمس، الماء، الهواء. فمع وجود هذه المعادلة المنطقية والعقلية، هل بامكان شخص ما، قلب هذه المعادلة، او ان يكون هو الاعلى وهو المؤثر وليس المتأثر...؟!
لو اجرينا مسحاً تاريخياً على من خدموا النهضة الحسينية، بالقلم واللسان واليد والفكر وكل شيء، نجد ان الباقين في الاذهان والقلوب، أولئك الذين فكروا بدايةً؛ كيف يوسعوا من قدرتهم على استيعاب الشعاع الحسيني ويستفيدوا منه ما امكنهم، وفي مرحلة لاحقة ينقلوا هذه الفائدة الى عامة الناس. فهم لم يدخلوا المدرسة الحسينية على أنهم مفكرون وعلماء عظام لابد ان تُثنى لهم الوسادة ويقوم الناس أمامهم، ويعظموهم على أنهم أهل العلم والفكر والثقافة.
هكذا كان الخطيب الحسيني الشهيد الشيخ عبد الزهراء الكعبي – رحمه الله- كان عالم دين وخطيب بين عشرات الخطباء في كربلاء المقدسة في عقد الستينات، فاين هو اليوم، وأين أولئك الخطباء الآخرين؟ انه اليوم في قلوب الملايين من الشيعة عبر العالم، وربما حتى غير الشيعة، فهو قبل ان يبتكر ويبدع في المنبر الحسيني ويقدم نمط "المقتل" كأحد أطوار التعزية، كان قد جنّد نفسه لخدمة القضية الحسينية، فلم يكن يبحث عن جاه أو شهرة او سطوة على الآخرين، على الاقل من خلال الشهرة التي اكتسبها من وراء ابتكار "المقتل" وتكثير اشرطة الكاسيت بشكل هائل داخل وخارج العراق. مع كل ذلك لا نجد له صورة واحدة ترفع خلال شهري محرم وصفر، بينما لاحظنا إصرار وحرص واضح من قبل البعض على نشر ورفع صور عديدة، حتى رأيت من ينشر الصور اللاصقة على "السماور" الكبير لصنع الشاي في المواكب الخدمية، ربما لتكون محمية من التمزيق نظراً لانه يحوي على الماء الساخن لإعداد الشاي...!!
وهكذا كان ايضاً؛ سماحة الامام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي – رحمه الله- وكان آخرون من جنود وابطال النهضة الحسينية، بيد أني أجدني ملزماً بالاشارة الى هذا المرجع الراحل لما من الخدمات الكبيرة في المجال وما لحقه من المظلومية في هذا الطريق، وبموازاته كان شقيقه الشهيد المفكر آية الله السيد حسن الشيرازي، الذي يُنقل عن أحد المؤمنين أنه رآه في المنام، وهو واقف على أبواب الجنة دون ان يدخلها، لان الملك "رضوان" لا يجد اسمه في القائمة...! وبعد التدقيق ظهر أنه اسمه في القائمة ليس "حسن" إنما "صاحب الشعائر الحسينية"، نسبةً الى كتابه "الشعائر الحسينية"، ولما أداه من دور كبير في إحياء هذه الشعائر.
ان البعض يتصور واهماً أنه امكاناته وقدراته توازي قدرات النهضة الحسينية، او بامكانه تجيير الحدث وتوجيه الجموع والحشود الى حيث يريد، وذلك تحت شعارات هذه النهضة المباركة، بيد أن تجارب التاريخ تثبت خطأ ما يذهبون اليه، فهناك الكثير ممن ارادوا التقرّب الى الامام الحسين، عليه السلام، وقضيته ونهضته ومأساته، بيد أن المشكلة التي واجهتهم وأسقطت البعض منهم عن الطريق، هو أنهم فكروا بانفسهم أولاً قبل أي شيء آخر، وهذا هو الخطأ القاتل والخطير.
لنقرأ التاريخ القديم والحديث، ونلاحظ من حمل السيف للثأر، ثم من حمل مواد البناء لإعادة بناء المرقد الشريف، ومن بنى البيوت ومن ساهم وطوّر وعمل على تطوير المدينة وتزيين المشهد الشريف و.... خطوات كثيرة واعمال مختلفة في هذا المجال. نعم؛ ان اعمال هؤلاء باقية، لكن اين اصحابها؟ ولماذا لم يذكروا بشيء، او يترحم عليهم أحد؟
من الواضح أن كل من يقرّب نفسه من الامام ونهضته المباركة، يسعى للحظو بإشعاع او نور ينمو من خلاله ويبني ويستفيد، بيد ان سوء الاستفادة، يحول حركته الى معوّل للهدم، له ولما حوله، فعندما يفشل لن يتحمل النجاح للآخرين في هذا الطريق. وربما يكون هذا اختبار جديد وعصري للسائرين في طريق الحسين، لأن يتحملوا الصعاب والمشاق من اجل نشر القضية الحسينية مهما كلف الأمر.
اضف تعليق