هل الوعي يمتلك خواص المادة مثل الحركة والامتداد والأبعاد الثلاثة الطول والعرض والارتفاع واضاف انشتاين البعد الرابع الزمن؟ وهل تمتلك المادة خاصية التفكير الواعي منفردة على خلاف خاصية تفكير الوعي في تعبير اللغة عن مدركات العقل المادية؟ هل المادة عقل مفكر ذاتيا يعي تفكيره؟ وهل الفكر جوهر مادي مستقل عن منظومة العقل...
هل الوعي يمتلك خواص المادة مثل الحركة والامتداد والأبعاد الثلاثة الطول والعرض والارتفاع واضاف انشتاين البعد الرابع الزمن؟ وهل تمتلك المادة خاصية التفكير الواعي منفردة على خلاف خاصية تفكير الوعي في تعبير اللغة عن مدركات العقل المادية؟ هل المادة عقل مفكر ذاتيا يعي تفكيره؟ وهل الفكر جوهر مادي مستقل عن منظومة العقل المتعالقة بإدراك الموجودات؟ وبأي وسيلة تعبير تمتلك المادة الإفصاح الإستدلالي عن وجودها الانطولوجي دونما إدراك الوعي العقلي لها في غير دلالة اللغة؟
نقصد بالمادة هنا كل موجود غير عاقل يمتلك صفات وماهية المادة كمتعّين أنطولوجي يدركه العقل الانساني ولا يدرك هو العقل ولا الطبيعة.
لقد "وضع هوبز النزعة الآلية في الامتداد, وأضاف جوهرا آخر للمادة هو التفكير لكي يفسح في المجال لوعي الانسان الذاتي, وجعل من هذين الجوهرين – يقصد المادة والوعي - يعتمدان على الله".
الوعي ليس مادة بالمعنى الحسّي المتعين أنطولوجيا بل هو ادراك تجريدي معبّر عن مدركات العقل المادية وغير المادية, وصفات الامتداد والحركة الآلية في المادة لا غبار عليها, والوعي لا يمتلك خواص المادة ولا صفاتها باستقلالية عن منظومة العقل الإدراكية من ضمنها تعبير اللغة عن موضوع الوعي, ولكي يكون الوعي متعّينا مدركا أنما يكون في امتلاكه قابلية التحول من موضوع لا فيزيائي الى لغة تعبير فيزيائي في التفكير بشيء مادي أو بموضوع خيالي. وإلا أصبح الوعي دلالة من إفصاحات النفس تجريدا التي هي ليست موضوعا مدركا باستقلالية عن العقل.
النفس مفهوم سلوكي بتعبير لغة العقل عنه. بمعنى لكي يكون الوعي موضوعا مدركا عقليا علينا ربطه باللغة في موضعتهما الاشياء التي يعبرّان عنها. وبغير تلازم الوعي مع لغة التعبير لا يبقى وجود له في عالم الموجودات الخارجية في التعبير اللغوي المتموضع معه الوعي في كل شيء يدركه العقل بوعيه له وتعبير اللغة عنه.
وبغير هذا التلازم بين الوعي واللغة وبين الوعي والعقل يكون الوعي صمتا تفكيريا بالذهن داخليا استبطانيا فقط. بعبارة ثانية الوعي هو تموضع لغوي صامت في التعبير خارجيا عن مدركات العقل, واللغة تموضع إفصاحي عن مواضيع إدراك الوعي للمدركات العقلية. الوعي حلقة ضرورية داخل منظومة الإدراك العقلي لا يمتاز بخصائص المادة ولا يمتلك خاصية أن يكون موضوعا تجريديا أو ماديا يدركه العقل كموضوع مستقل.
كيف يكون الربط بين علاقة تجريد كلا من الوعي واللغة ببايلوجيا العقل المادية؟ الوعي حلقة تجريد يمتاز بها العقل ويمارسها وسيلة تجريد معرفية شأنه شأن اللغة, وليس الوعي جوهرا ماديا مستقلا ذاتيا ايضا. فكلاهما الوعي واللغة حلقتان تجريديتان في منظومة العقل الإدراكية.
وكما لا يستطيع العقل جعل اللغة موضوعا مستقلا في إدراكه لها دونما أن تكون اللغة تعبيرا عن موضوع مدرك, كذا يعجز العقل أن يجعل من الوعي موضوعا يدركه باستقلالية لوحده خارج منظومة الإدراك. الوعي أو اللغة تجريدان تعبيران يرتبطان بعملية الإدراك العقلي ولا قيمة لهما في إستقلاليتهما عن موضوع مدرك مشترك بينهما. بمعنى لا يمكن للعقل أن يدرك الوعي أو اللغة موضوعان تجريديان مستقلان من غير تعالقهما بمعنى قصدي يلازمهما.
ولا يكون الوعي موضوعا مستقلا لإدراك العقل له, فالوعي شأنه شأن الزمن ليس موضوعا لإدراك العقل بل وسيلة إدراكه لمواضيعه, كذلك اللغة هي تجريد تعبيري للعقل لكنها ليست موضوعا مستقلا في إمكانية إدراكها مجردة عن موضوع يلازمها, وعندما نفكر بشيء ما أو موضوع ما فنحن نفكر به لغويا تجريديا – وتموضعيا ماديا, أي بمقدار ما تكون اللغة تجريدا في تعبيرها الفكري عن الاشياء بمقدار ما تكون جزءا متموضعا ماديا في التعبير عن تلك الاشياء كموجودات تحمل لغة إفصاحاتها معها.
اللغة ليست خاصية الفكر التجريدي في التعبير فقط بل هي لغة تمثل جزءا متموضعا في كل شيء يدركه العقل. اللغة ليست إدراكا تجريديا فقط وإنما هي صفة ملازمة للأشياء التي يدركها العقل ليس بلغته بل في إكتشافه تموضع اللغة بها ويقرأها العقل وعيا تجريديا لغويا لانطولوجيا الموجودات المدركة.
وحينما يدرك الوعي العقلي المادة كتجريد لغوي فهو يكتسب خصائص الموضوع المادي المدرك المنفرد بلغة الذهن الصامت. بمعنى الوعي لا يكون ماديا حسّيا في تعبيره اللغوي عن الاشياء وانما يبقى الوعي تجسيدا لغويا تجريديا في التعبير عن مدركات العقل المادية والخيالية كمثل دور اللغة التي هي تجسيد لمحتوى علاقة الوعي بالأشياء.
الوعي أكثر تجريدا صامتا من تجريد اللغة الصامتة والإفصاحية معا, كون الوعي فهم معرفي صامت وليس تعبيرا إدراكيا تصوريا مثل اللغة يمكن معرفته من خلال تعبيره عن موضوعه الذي يجري التفكير فيه ويعيه العقل.. وفي كل هذه الخصائص التي نتصورها خطأ أنها مستقلة عن بعضها في الوعي واللغة إلا أن حقيقتهما جوهران متلازمان ينتظمهما الإدراك العقلي.
وحينما يعي الوعي ذاته بمعنى حينما يعي الانسان وعيه لذاته فهذا لا يخرج عن أصل التعبير في معنى مرادف هو إدراك العقل لذاته كموضوع الذي هو ماهية الانسان الفردية التي لا يدركها سوى صاحبها, في مطابقة الوعي المجرد مع كينونة العقل الفيزيائية التجريدية لغويا في تعبيره عن مدركاته وفي تعبيره الواعي عن كينونته الذاتية. وفي كلتا الحالتين لا يكون الوعي موضوعا منفصلا لإدراك العقل بل وسيلة استدلالية له في معرفته الاشياء. الوعي لغة عقلية صامتة واللغة وعي ناطق في تعبيرات العقل عن مدركاته.
هل نجد هناك موضعة تكوينية للوعي في المادة المدركة؟ ليس هناك من علاقة إدراكية حسّية ولا حتى علاقة تخييلية ميتافيزيقية, تربط بين (المادة والوعي) في امتلاكهما خاصية الحركة والامتداد والأبعاد الثلاثة لكل مادة . فالمادة والوعي جوهران متكاملان في وظيفة الإدراك العقلي لكنهما جوهرين منفصلين كموضوعين في إدراك العقل لهما كماهيتين منفصلتين.
ولا يمتلكان (المادة والوعي) الاستقلالية التأهيلية الإنفصالية أحدهما عن الآخر ليدخلا في علاقة معرفية وإدراكية مع الله كما ذهب له هوبز. اختلاف المادة عن الوعي أنها تمتلك صفاتها الانطولوجية كمتعيّن مادي يدركه العقل, وهذا ما لا ينطبق على الوعي كونه غير مادة لذا فهو ليس موضوعا مستقلا في إدراك العقل له.
فأينما وجدت المادة وجد الوعي الملازم لها في إمكانية إدراكها. وهناك فرق جوهري كبير بينهما سبق لي ذكره هو أن المادة تكون موضوعا للعقل بينما لا يكون الوعي موضوعا مستقلا مدركا للعقل, لذا فالحركة والامتداد والأبعاد الطول والعرض والارتفاع والزمن ألإدراكي لها هي صفات للمادة فقط ولا تكون صفات ماهوية أو خصائصية للوعي الذي هو تجريد لا مادي حاله حال اللغة والزمن كمفهوم مطلق في تعبيره عن الشيء وهو ليس جزءا مدركا يلازمه.
التفكير ليس آلية خاصية تمتلكها المادة أية مادة, فالمادة لا تفكر نتيجة الوعي الإدراكي العقلي لها الذي هو جوهر لغوي تجريدي لا مادي , بل الوعي ينوب عن لغة تفكير العقل في موضعته الاشياء المادية ويبقى إدراك اللغة المتموضعة بالشيء تجريدا تفكيريا للعقل وتبقى المادة وجودا أنطولوجيا في ذلك الإدراك مستقلة وجودا. بمعنى لا توجد خصائص معينة تجمع المادة بالوعي على أنهما جوهرين غير منفصلين وليسا جوهرين متداخلين داخل منظومة العقل الإدراكية الواحدة.
هل تنطبق صفات المادة التمدد والحركة والتقلص على الوعي ايضا مع فارق التجريد بينهما في تعبير اللغة عنهما؟
صفتا الحركة والامتداد اللتان تمتلكهما المادة كجوهر, لا يمتلكهما الوعي كتفكير مجرد في تعبير اللغة عن مدركات العقل إلا فقط بإرتباط الوعي بموضوعه المادي ويكتسب منه وعي الحركة والإمتداد بتجريد منفصل عنه..
وهنا يكون الوعي الملازم لإدراك الشيئ في مجمل تحولاته وتغييراته هو (زمن) إدراكي ملازم للشيء بفارق أن الوعي زمن مفارق لموضوعه بعد الإدراك العقلي له بخلاف الزمن الذي يلازم الموجودات ولا ينفصل عنها إلا بوسيلة واحدة حينما يكف العقل عن إدراك شيء يكون إستغنائه عن زمن إدراك ذلك الشيء قائما بالإنفصال عن العقل وليس بالإنفصال الزمني عن الموجودات المادية, الزمن ملازم دائم للأشياء فكل مدرك مكانا هو مدرك زمانا وبغير هذا التعالق الزمكاني لا يقوم العقل بوظيفة إدراكه الاشياء, ولا يكون الزمن ملازما العقل الا وقت حاجته إدراك الاشياء, لذا فالإنسان يكون متحررا من سطوة الزمن الإدراكي عليه في حالة اللاشعور وفي أثناء النوم.
وعندما نؤشر على وجود شيء أنما يكون تأشيرنا مرادفا متعالقا مع زمن إدراكنا له, في حضور الوعي معه زمنيا إدراكيا. الوعي بالشيء مرتهن بملازمة زمن الإدراك لذلك الشيء, والزمن يلازم العقل في حضوره الإدراكي فقط ويلازم الشيء مكانا في كل الحالات وجميع الإنتقالات والسيرورات والحركات.
وجود الشيء هو زمن وجوده الانطولوجي, بينما الوعي تعبير لغوي صامت لا علاقة مركزية دائمية تربطه بالتبعية بالشيء المدرك خارج تبعيته لمنظومة العقل الإدراكية.. أما أن يكون الوعي منفردا باستقلالية كجوهر مادي مستقل ميزته حركة امتدادية في الاشياء فهذا ما لا يقبله علم وظائف وفسلجة الاعضاء كون الوعي هو حلقة غير منظورة ولا محسوسة ولا تمتلك استقلالية تفكيرية دونما ارتباطها بمنظومة العقل الإدراكية في معرفة الاشياء والتعبير لغويا تجريديا عنها.. فالوعي يبقى حلقة تجريدية تفكيرية لا مادية يتوسط الحواس والذهن والدماغ ولا يمتلك الاستقلالية ولا قابلية أن يكون موضوعا مدركا انطولوجيا متعينا بأبعاد المادة مثل الحجم والكتلة والارتفاع والطول والعرض وحالات المادة الصلابة السيولة والغازية وغيرها من خصائص مادية ممكن إدراكها بالحواس.
اضف تعليق