من الجميل ان يبدا الشهر العربي بمناسبة سعيدة وعظيمة وما اعظمها من مناسبة انها زواج النور من النور، زواج الامام علي (عليه السلام) من السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وما احوجنا ان نعلم مراسيم الزواج بتأمل ودقه لعلنا نستفاد ولو قليل من هذا هذه المراسيم الملائكية التي رضا الله عنها وجعل زينة العرس في الجنة، وثوب العروس طرز بالحرير والسندس والاستبرق، بحضور الولدان المخلدون وحور العين، في جنة ازلفت للمتقين ليزف منها مولى المتقين على سيدة الحور والجنان.
الخطبة الميمونة
جاء الامام علي (عليه السلام) الى النبي(صلى الله عليه واله) وهو في منزل ام سلمة فسلم عليه وجلس امامه فقال النبي ((صلى الله عليه واله) (اتيت لحاجة) فقال الامام (عليه السلام) (نعم اتيت اخطب ابنتك فاطمة فهل انت مزوجني؟)
فتهلل وجه النبي(صلى الله عليه واله) فرحا وسرورا ثم ابتسم في وجه الامام عليه السلام ودخل على فاطمة (عليها السلام) وقال لها (ان علي قد ذكر عن امرك شيئا واني سئلت ربي ان يزوجك خير خلقه فما ترين؟ فسكتت فخرج النبي (صلى الله عليه واله) قائلا (الله اكبر سكوتها اقرارها) فاتاه جبرائيل (عليه السلام) فقال (يا محمد زوجها علي ابن ابي طالب فان الله قد رضيها له ورضيه لها).
اخبار الصحابة
فامر الرسول (صلى الله عليه واله) بان يجتمع الصحابة ليعلن النبأ المفرح فلما اجتمعوا قال (صلى الله عليه واله) (ان الله تعالى امرني ان ازوج فاطمة بنت خديجة من علي بن ابي طالب)
من خطبة النبي "صلى الله عليه واله" عند التزويج.. قال (الحمد لله المحمود بنعمته المعبود بقدرته ثم أن الله امرني أن ازوج فاطمة من علي واني اشهد اني قد زوجتها اياه على خمسمائة درهم من الفضة ارضيت، اختلفت الروايات في قدر مهر الزهراء (عليها السلام)، والمشهور أنّه كان خمسمائة درهم من الفضّة؛ لأنّه مهر السنّة، كما ثبت ذلك من طريق أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، والخمسمائة درهم تساوي 250 مثقال من الفضّة تقريباً.
جهاز الزهراء (عليها السلام)
جاء الإمام علي(عليه السلام) بالدراهم فوضعها بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأمر (صلى الله عليه وآله) أن يجعل ثلثها في الطيب، وثلثها في الثياب، وقبض قبضة كانت ثلاثة وستين لمتاع البيت، ودفع الباقي إلى أُمّ سلمة، فقال: «أبقيه عندك».
قال (عليه السلام) (قد رضيت يا رسول الله) فقال النبي (صلى الله عليه واله) بارك الله عليكما وبارك فيكما واسعد جدكما وجمع بينكما واخرج منكما الكثير الطيب)
من خطبة الامام عليه السلام قال (الحمد لله الذي قرب حامديه ودنا من سائليه ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغه وترضيه وان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه واله والنكاح مما امر الله به ويرضيه واجتماعنا مما قدره الله واذن فيه وهذا رسول الله صلى الله عليه واله زوجني ابنته فاطمة على خمسمائة مثقال وقد رضيت فسألوه واشهدوا).
الجهاز المبارك
وكان الامام علي (عليه السلام) قد باع درعه وجاء بثمنه وهو المهر فوضعه امام النبي (صلى الله عليه واله) فامر ان يجعل ثلثه في الطيب وثلثه في الثياب وقبض قبضة كانت ثلاثة وستين لمتاع البيت و دع الباقي الى ام سلمة فقال ابقيه عندك، وكان مما اشتروه قميصا وخمار وعباءة سوداء خيبرية وسريرا وفرشين من خيش مصر وسترا من صوف وحصيرا هجريا ورحى لليد وقربة للماء وقبعا للبن، وجرة خضراء وغيرها، فلما عرض المتاع على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) جعل يقلبه بيده باكيا ويقول (بارك الله لأهل البيت)، اما بيت الامام (عليه السلام) الذي زفت اليه الزهراء (عليها السلام) فكان بمنتهى البساطة والتواضع فقد روي انه مفروش برمل لبنَ، ومنصوب فيه خشبة بين حائطين للثياب.
وليمة العرس
قال الإمام علي (عليه السلام): «قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله): يا علي، اصنع لأهلك طعاماً فاضلاً، ثمّ قال: من عندنا اللحم والخبز، وعليك التمر والسمن. فاشتريت تمراً وسمناً، فحسر رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن ذراعه، وجعل يشدخ التمر في السمن حتّى اتّخذه خبيصاً، وبعث إلينا كبشاً سميناً فذُبح، وخبز لنا خبزاً كثيراً.
ثمّ قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): اُدع من أحببت. فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة، فاستحييت أن أشخص قوماً وأدع قوماً، ثمّ صعدت على ربوة هناك وناديت: أجيبوا إلى وليمة فاطمة، فأقبل الناس أرسالاً، فاستحييت من كثرة الناس وقلّة الطعام، فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما تداخلني، فقال: يا علي، إنّي سأدعو الله بالبركة» قال علي(عليه السلام): «وأكل القوم عن آخرهم طعامي، وشربوا شرابي، ودعوا لي بالبركة، وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل، ولم ينقص من الطعام شيء، ثمّ دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالصحاف فملئت، ووجّه بها إلى منازل أزواجه، ثمّ أخذ صحفة وجعل فيها طعاماً، وقال: هذا لفاطمة وبعلها»
الزفاف المبارك
لمّا كانت ليلة الزفاف، أتى(صلى الله عليه وآله) ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة وقال لفاطمة (عليها السلام): «اركبي»، فأركبها وأمر سلمان أن يقود بها إلى بيتها، وأمر بنات عبد المطّلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة، وأن يفرحن و يرزجن ويكبّرن ويحمدن، ولا يقلن ما لا يرضي الله تعالى.
ثمّ إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) أخذ علياً (عليه السلام) بيمينه وفاطمة (عليها السلام) بشماله، وضمّهما إلى صدره، فقبّل بين أعينهما، وأخذ بيد فاطمة فوضعها في يد علي، وقال: «بارك الله لكَ في ابنة رسول الله» وقال (صلى الله عليه وآله): «يا علي، نعم الزوجة زوجتك»، وقال: «يا فاطمة، نعم البعل بعلك»، ثمّ قال لهما: «اذهبا إلى بيتكما، جمع الله بينكما وأصلح بالكما»، وقام يمشي بينهما حتّى أدخلهما بيتهم)) ثمّ أمر(صلى الله عليه وآله) النساء بالخروج، فخرجن. تقول أسماء بنت عُميس: فبقيت في البيت، فلمّا أراد(صلى الله عليه وآله) الخروج رأى سوادي فقال: «من أنتِ»؟ فقلت: أسماء بنت عُميس، قال: «ألم آمرك أن تخرجي؟.
قلت: بلى يا رسول الله، وما قصدت خلافك، ولكن أعطيت خديجة عهداً. ثمّ حدّثته بما جرى عند وفاة السيّدة خديجة(عليها السلام)، فبكى(صلى الله عليه وآله) وأجاز لها البقاء قال الإمام الصادق (عليه السلام): «لولا أنّ الله خلق أمير المؤمنين لفاطمة ما كان لها كفؤ على الأرض».
إن من تجليات التكرمة الإلهية لعلي "عليه السلام" تزويج الله ورسوله إياه فاطمة الزهراء "عليها السلام".
ويدل على عظم مقامها، ومقام علي "عليه وعليها الصلاة والسلام" ما روي عن النبي "صلى الله عليه وآلة"، وعن الصادق "عليه السلام" عنه، أنه قال: (لولا أن الله تعالى خلق أمير المؤمنين "عليه السلام" لفاطمة ما كان لها كفؤ على ظهر الأرض، من آدم فمن دونه) فقد كان الهدف من الزواج هو جمع النور على النور لتنير بهم كواكب السماء والارض بضياء اقمارهم ليكونا معاً بمثابة نور واحد.
اضف تعليق