لا يُنظر إلى ظهور الإمام المهدي على أنه نهاية للتاريخ، بل بداية لمرحلة جديدة من التطور البشري. الإمام المهدي ليس مجرد شخص يظهر في نهاية الزمان، بل هو تجسيد لقوة تجديدية تعيد تصحيح مسار الإنسانية، وتؤدي إلى تحول كبير في العلاقات البشرية وتوجيهها نحو العدالة الشاملة، والتكامل الروحي والاجتماعي...

إن الحديث عن الإمام المهدي في الفكر الإسلامي يرتبط بمفهوم فريد يتجاوز التصورات التقليدية عن "آخر الزمان". فبينما يُعتقد في بعض السياقات أن الأحداث الكبرى في التاريخ تمثل نهايات لفصول معينة، فإن ظهور الإمام المهدي، وفقًا لهذه الرؤية، يمثل بداية جديدة لمرحلة ممتدة من التاريخ، لا تشكل فيها هذه اللحظة نقطة النهاية، بل هي بداية لحقبة جديدة تتحقق فيها العدالة والتكامل بين البشر والكون.

في هذه الرؤية، لا يُنظر إلى ظهور الإمام المهدي على أنه نهاية للتاريخ، بل بداية لمرحلة جديدة من التطور البشري. الإمام المهدي ليس مجرد شخص يظهر في نهاية الزمان، بل هو تجسيد لقوة تجديدية تعيد تصحيح مسار الإنسانية، وتؤدي إلى تحول كبير في العلاقات البشرية وتوجيهها نحو العدالة الشاملة، والتكامل الروحي والاجتماعي.

في الفكر الإسلامي، يُعتقد أن الإمام المهدي هو القائد الذي سيظهر ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلمًا وجورًا. وهذا الظهور لا يعبر عن "نهاية" التاريخ كما يعتقد البعض، بل هو بداية لمرحلة جديدة من التكامل البشري والتقدم الحضاري. إذ يؤمن المسلمون أن الإمام المهدي سيعمل على تحقيق العدالة وتوجيه البشرية إلى الطريق الصحيح، ما يعنى أن العالم سيدخل في مرحلة متجددة لا يشكل فيها التاريخ نقطة نهاية، بل نقطة تحول نحو الكمال.

هذه الفكرة تتناقض بشكل واضح مع الرؤية السائدة في الفلسفة الغربية، التي ترى أن التاريخ البشري يتحرك نحو نقطة نهاية حتمية. فقد صاغ الفيلسوف الأمريكي فرنسيس فوكوياما في عام 1992 مصطلح "نهاية التاريخ" في كتابه الشهير "نهاية التاريخ والإنسان الأخير"، الذي اعتبر فيه أن انهيار الشيوعية وصعود الديمقراطية الليبرالية في الغرب يمثلان نهاية الصراعات الكبرى في التاريخ، وهو ما يعني أن البشرية قد وصلت إلى أعلى مراحل تطورها السياسي والاجتماعي.

إن مصطلح "نهاية التاريخ" الذي صاغه فوكوياما يحمل في طياته رؤية محدودة لا تعكس الواقع المعقد والديناميكي للتاريخ. فمنذ فجر التاريخ البشري وحتى اليوم، لم يتوقف التاريخ عن التغير والتطور. لقد شهد البشر العديد من التحولات الكبرى في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، وهي تحولات لم تصل إلى نقطة "نهاية" حاسمة.

في المقابل، يقدم الفكر الإسلامي بديلاً لهذا المفهوم، حيث أن ظهور الإمام المهدي لا يعني نهاية التاريخ، بل يشير إلى مرحلة جديدة يتم فيها تجديد الأمل، وتحقيق العدالة الشاملة، واستكمال مسيرة الإنسانية نحو التكامل الروحي والاجتماعي. تلك المرحلة هي التي يتم خلالها العمل على إصلاح العالم، ومكافحة الظلم، وتطوير الفكر البشري ليواكب المبادئ الكونية السامية.

عندما نتحدث عن بداية جديدة في التاريخ بعد ظهور الإمام المهدي، فإننا لا نتحدث فقط عن تغيير في السياسات أو النظم الاقتصادية، بل عن تحول أعمق يشمل جميع جوانب الحياة. في هذه المرحلة، يسعى البشر إلى تكامل كامل مع الكون، حيث يتم تجسيد العدالة الإلهية والتعاون بين البشر بشكل كامل. هذا التكامل لا يقتصر فقط على علاقة البشر ببعضهم البعض، بل يمتد إلى علاقتهم بالطبيعة والبيئة، حيث يحقق الإنسان وعيًا أكبر بدوره في الكون.

إن ظهور الإمام المهدي ليس نهاية التاريخ، بل بداية لمرحلة جديدة في تاريخ البشرية. هذه المرحلة تتمثل في تحقيق العدالة الشاملة، والتكامل بين الإنسان والكون، وإعادة ترتيب القيم الإنسانية على أساس من الأخلاق والتعاون. في هذا السياق، يكون التاريخ دائمًا في حالة تطور ونمو، ولن تكون هناك نهاية حتمية له كما كان يعتقد فوكوياما في مصطلح "نهاية التاريخ". إن الرؤية الإسلامية تقدم للأمة الإنسانية فرصة جديدة لتحقيق الكمال والازدهار في جميع مجالات الحياة.

تبقى نقطة اخرى وهي ان الفترة ما بعد ظهور الامام المهدي ستكون اطول من الفترة التي سبقت ظهوره. ان الله خلق الجن والانس ليعبدون. والعبادة المقصودة ليس الشعائر والطقوس الدينية كالصلاة والصوم وغيرهما وانما المقصود هو هذا التكامل في مسيرة الانسانية قياسا الى كمال الله سبحانه وتعالى.

اضف تعليق