في مجتمعاتٍ تعاني من الاضطهاد والقمع، نجد في الحسين (ع) منارة تُلهم الأحرار للثبات والمقاومة، كم نحتاج اليوم إلى استلهام ثورة الحسين (ع) في حياتنا الشخصية والاجتماعية، فنهضته لم تكن حكرًا على عصره، بل هي دعوة أبدية لكل الأجيال للتمسك بالحق، مهما كان الثمن...
في فجر الثالث من شعبان، أشرقت الأرض بنور لا يخبو، وتفتحت أبواب السماء فرحًا بولادة سبط النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، الإمام الحسين بن علي (عليه السلام). لم تكن هذه الولادة حدثًا عابرًا في تاريخ الإسلام، بل كانت وعدًا إلهيًا بأن الحق لن يموت، وأن العدل سيبقى حيًا ما دامت الحياة تنبض في قلوب الأحرار. جاءت ولادة الحسين (ع) في بيت النبوة، حيث اجتمعت أنوار الرسالة في كيان طفل سيحمل لاحقًا راية الإصلاح والتضحية في كربلاء، ليصبح رمزًا خالدًا للثورة على الظلم والاستبداد.
الإمام الحسين (ع) والرسالة الخالدة
عاش الحسين (ع) في ظل جده المصطفى (ص)، ونهل من معين أبيه أمير المؤمنين علي (ع) وأمه فاطمة الزهراء (ع). كان شعلة من الإيمان والطهر، تحلّت روحه بالقيم السامية، فكان نموذجًا للكرم، والرحمة، والشجاعة، والإيثار. لقد ورث عن النبي (ص) قلبه الحنون، وعن عليّ (ع) سيفه الذي لا ينكسر أمام الباطل، وعن فاطمة (ع) نقاءها وصفاءها.
حينما اشتد الظلم وتحوّل الحكم الإسلامي إلى ملك عضوض، لم يكن الحسين (ع) ليصمت أمام الانحراف والفساد. لم يكن رجلًا يسعى وراء دنيا زائلة، بل كان قائدًا استشعر مسؤوليته تجاه الأمة، فثار ليعيد الإسلام إلى مساره الصحيح. كلماته في وجه الطغيان لا تزال تتردد عبر الزمن: "إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي".
دروس الحسين (ع) في واقعنا اليوم
حينما نتأمل حياة الإمام الحسين (ع)، نجد أن رسالته لم تكن مجرد حدث تاريخي يُذكر في كل عام، بل هي نبض مستمر في قلوب الأحرار. في عالم اليوم، حيث تتزايد التحديات وتنتشر مظاهر الظلم، نجد أن قيم الحسين (ع) تمثل طوق النجاة لكل من يبحث عن العدل والكرامة.
في زمنٍ يُباع فيه الحق بأبخس الأثمان، نتعلم من الحسين (ع) أن نكون صادقين، شجعانًا، لا نخشى قول الحقيقة.
في عالمٍ تسوده المصالح، نتعلم من الحسين (ع) أن المبادئ لا تُشترى ولا تُباع، وأن الوقوف مع الحق يستحق كل تضحية.
في مجتمعاتٍ تعاني من الاضطهاد والقمع، نجد في الحسين (ع) منارة تُلهم الأحرار للثبات والمقاومة.
كم نحتاج اليوم إلى استلهام ثورة الحسين (ع) في حياتنا الشخصية والاجتماعية، فنهضته لم تكن حكرًا على عصره، بل هي دعوة أبدية لكل الأجيال للتمسك بالحق، مهما كان الثمن.
الإمام الحسين (ع) حيّ في وجدان الإنسانية
الإمام الحسين (ع) ليس مجرد ذكرى تُحيى كل عام، بل هو منهج حياة، مدرسة تُخرج أجيالًا تحمل قيم العدل والإصلاح. لم يكن استشهاده نهاية، بل بدايةً لثورة مستمرة في قلوب الأحرار. لهذا، كل من يسير في طريق الحسين (ع)، فإنه يسير في طريق الحق، طريق لا يعرف الهزيمة.
اليوم، ونحن نعيش في عالم تتصارع فيه المبادئ والمصالح، هل سنكون من الذين يقتبسون من نور الحسين (ع)، أم سنترك الظلام يبتلع أحلامنا؟ الخيار بأيدينا، والحسين (ع) ما زال ينادي: "هيهات منا الذلة".
اضف تعليق