شخصية إسلامية مركزية في معادلة الخلاص النبوية، حبها عظيم ونهج صعب لا ينهجه إلا من كان واعيا لمراكز الثقل في الإسلام، لابد من التفكر والتعلم والتدبر والتعبد والتقوى لاستيعاب قبس من نور علي بن أبي طالب عليه السلام، علي وما ادراك ما علي، علي وليد بيت الله...
كل الأمم الإنسانية تزخر بشخصيات فذة وذات عظمة واعتبار، إما لأنها لمعت في فن من فنون الحياة أو قدمت لأمتها فخرا وتضحية وخصوصية أو صعدت بأمتها درجة في مدارج الرقي والتحضر، والجامع بين هذه الشخصيات انها استطاعت أن تسطع لأن أممها قدرت تضحياتها وعبقرياتها حتى ولو بعد حين سواء أصحاب الفكر والعلوم أو السياسة والفنون والاقتصاد والدين والرياضة.
يعني كل الأمم الإنسانية الطامحة للنهوض تقدر وتبجل رجالها العظماء كل في ميدانه، ترى هل الأمة الإسلامية بما هي أمة واحدة يجمعها نسب الدين الخاتم والقرآن المحفوظ والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والدماء المختلطة والمصير الواحد وووو، تقدر عظماءها -طبعا بعد النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم- العظماء كما أكدت على ذلك المصادر الإسلامية الأصيلة وما تعارف على صحته من تاريخ المسلمين؟
الجواب على هذا السؤال ليس اعتباطيا أو بديهيا بل جواب يحتاج لروية وحكمة ومنهج من خلال الوقوف على أهم شخصية جامعة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اريد لها أن تكون جدلية إما جحودا أو حقدا أو تقصيرا أو تخلفا لغايات غير مبررة بل لغايات تتنافى وأخلاق الاسلام الأصيلة، هذه الشخصية لم تغب لحظة واحدة في جل مشاهد السيرة النبوية القرآنية أو الحديثية الصحيحة، كما لم تغب عن وعي المسلمين في منعرجات التاريخ وانحداراته لأنها تأبى البقاء فوق التلال أو مع المخلفين أو تركن للظالمين أو تساوم المبادئ والقيم الإسلامية العظيمة.
شخصية تربت في رحاب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ونوه الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم بإلتزام نهجها والبقاء على العهد معها مهما حصل، شخصية فاصلة في معادلة البرمجة الإسلامية للإنسان المؤمن السوي المتحضر الواعي المنفتح على الله والكون والحياة، شخصية يجهلها العديد من المسلمين إما تفريطا أو افراطا أو تضليلا أو تمويها أو تغافلا، يجهلون عنها أدق خصائص وجاهتها وعظمتها وعبقريتها، خصائص يعرفها ويا للعجب- أهل الأديان الأخرى إما دراسة لتاريخ ديننا ورجاله وعظمائه أو من صحائف كتبهم التي لم ينالها التحريف-، شخصية صيتها إنساني بإمتياز، شخصية تتمنى الأمم لو كانت لها ففيها كل خصال النبوة لكنها ليست بنبي، شخصية علمت الإنسان كيف يعبد الله بلا جهل ولا وهم ولا ظلم وكيف يقتدى بسيد المرسلين بلا تطرف ولا استكبار، وكيف يتدبر القرآن لتتلألأ الحياة ببصائره وحكمه، شخصية تخرجت من مدرسة عهد الله ورسوله، فكانت أس المدرسة وسنام المسيرة وتاج الولاية..
شخصية إسلامية مركزية في معادلة الخلاص النبوية، حبها عظيم ونهج صعب لا ينهجه إلا من كان واعيا لمراكز الثقل في الإسلام، لابد من التفكر والتعلم والتدبر والتعبد والتقوى لاستيعاب قبس من نور علي بن أبي طالب عليه السلام، علي وما ادراك ما علي، علي وليد بيت الله الحرام علي نفس رسول الله، علي حامي رسول الله، علي صنوأم أبيها وأب السبطين، علي باب مدينة العلم النبوي وما ادراك ما علم خاتم الأنبياء، علي حبيب المؤمنين، علي قسيم الجنة والنار يوم الدين، علي ما سالم يوما الا بسلام أمور المسلمين، علي مولى الموالين لرسول الله، علي إمام المتقين أمير المؤمنين يعسوب الدين، علي من عشقه عشق المخلصين عرف السلام في رحاب الإسلام، علي برنامج إسلامي أساسي لوعي حقيقة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وكنوز ومقامات الاسلام المحمدي الأصيل، علي أمير النبوة المحمدية، من تخلف عن مدرسته تخلف عن كنوز ثمينة في السير إلى الله الحق المبين، علي حقيقة الإنسان المحمدي بإختصار والسهل الممتنع الا لمن تواضع وتعلم...
علي معنى لا ينتهي لأنه نفس محمد رسول الله الخاتم الخالد، علي كلما اقتربت من رحابه أدركت إنسانيتك مع الله واستوعبت ماهية العبودية الإسلامية الناظمة للعقل والقلب والروح والهادية للعاطفة والكلمة والعمل، علي مقرر إسلامي تجاوزه تخلف ونكرانه تيه واستبداله غبن واحتياج له، علي عظمته محمدية ومن له من عظمة محمد نصيب كنصيب علي، كلما تفكرت قليلا بين مباحث القرآن وأحاديث النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الموثوقة وتواضعت بموضوعية العاقل الذي يهفو لسلام المتقين، أبصرت شعاع من أنوار علي عليه السلام..
علي للإسلام والمسلمين نبراس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كلما لاحت الفتن وصنوف المحن لابد لعلي وشيعة علي من كل المسلمين أن ينهضوا، هذا قانون إسلامي، كما براءة وخيبر وصفين ووو، فمن شاء ان يركب سفينة علي بلا حقد ولا حسد ولا كبر ولا حيلة ولا مكر، سيعرف كم شاطئ الاسلام المحمدي رحب وجميل وآمن، الاسلام بلا علي يرفض التقدم، لأن علي باب مدينة محمد العلمية وعلم محمد سر الحضارة الإسلامية، كيف يمكن أن نتحدث عن علي بعيدا عن أحاديث القرآن والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟
معرفة علي اسلاميا أساسا لا تتحقق خارج خطاب القرآن والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، كما أن قراءة علي عليه السلام قراءة ذاتية جدلية تعتبر جرأة على المسلمين كافة، فعلي كنفس النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو للمسلمين، لزاما معرفته ذاتيا وبحرية وبلا خلفيات وعلى ضوء الخطاب الاسلامي الأصيل كله، لان الجهل بعلي جهل بمنعطف مصيري في مشوار أسلمة الذات والأسرة والمجتمع والأمة والإنسانية، علي مسؤولية إسلامية لأن علي قائد عظيم مرتبته بمستوى هارون من موسى الا انه لا نبي بعد نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، علي أمة بعظمته الإسلامية الفريدة والوحيدة، علي عنوان إسلامي للنجاة دنيويا واخرويا، وهذا صريح مصادر الاسلام بلا مذهبية ولا استغراب علي قمة إسلامية بشهادات حتى من عظمهم من المسلمين وقدمهم على علي.
علي فوق الاعتبارات كلها لأنه منطق الاعتبارات، علي لابد لأمته ان تعتذر منه فردا فردا لأن علي عظمته تنطلق من السلم من أجل المسلمين، مع علي يستوعب كل مسلم ماذا تعني الأخوة والسلام والتعاون والتواضع والإيثار والعفو والقسط والصدق والحق والإمامة والشهادة، علي استشهد إماما مسالما من أجل كل مسلم وتبعه في ذلك كل الأئمة الأطهار عليهم السلام من بعده، علي عاش للحق في كل تفاصيله في الحياة، علي ليس مفخرة بالكلام فحسب للمسلمين، لابد أن يعلم كل مسلم أن علي إمام لم ينكر قدره وفضله وعظمته أحد من الأولين والآخرين من المسلمين الا من باع آخرته بدنياه، علي ذكر اسمه لوحده عند أولي النهى جامع لشتات أهل الإسلام بل الإنسانية جمعاء، علي الإمام رقم صعب تهميشه في حساب الاسلام لأنه رقم الإمامة والولاية في معادلة الاسلام الحضارية..
بعد كل ما تقدم، إلا أن الامام علي عليه السلام سيظل الشغل الشاغل والمطلب الرئيس في حاضر ومستقبل الأمة وتطهير الماضي من ثقوب الوعي وخنادق الفتن وتجارها، علي عليه السلام مدخل آمن نحو إحياء الأمة وتجديد نهضتها بما يغني واقعها ويرفع شأنها بين الأمم ويستدرك دورها ومسؤوليتها الحضارية العالمية، مهما اختلفت الأفهام وتنازعت الأفكار تعالوا إلى حب علي كمشترك وحاضن لكل طيف مسلم تعالوا نتعلم في رحاب علي كيف نبني أمة رائدة بالحق والصدق والعلم كله والسلام والقوة والعزة والاخوة والألفة والمحبة، تعالوا هذا علي يرتب كل ولاءاتنا بما يرضي الله ورسوله عنا، علي يربي فينا الصدق مع الله ومع النبي ومع الصحابة ومع المسلمين ومع الناس ومع الحياة كلها، علي نظم لإسلامنا حتى نستوعب النبوة والتوحيد والمعاد...
يبقى الجواب عند كل منا، علي استشهد وترك في كل عصر من يأخذ بأيدينا بالتي هي أحسن نحو وعي الصراط المستقيم، وحتى تنتبه الأمة لدورها تجاه عظمائها وقادتها الأفذاذ لابد من الجد والاجتهاد والتدبر بتحرر وأدب وتواضع، في وضع كل في موضعه وترتيب المقدسات وتقييم التراث بحذافيره تقييما على ضوء النهج الإسلامي الرصين...
ملاحظة أخيرة لنفسي ولكل مسلم غيور على هذه الامة ويسعى لأن تتحمل الأجيال القادمة مسؤولية الأمانة المحمدية كما تحملها علي عليه السلام والأئمة الأطهار عليهم السلام من بعده: علي لا يقرأ بعيدا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندها سندرك لماذا وعي الولاية جسر لوعي النبوة بكل سلام...؟!!
اضف تعليق