جين هارمان-رويترز
يسلط احتمال أن تكون قنبلة هي السبب في سقوط طائرة روسية مستأجرة في الرحلة متروجت 9268 بعد أن أقلعت من شرم الشيخ بمصر الضوء على الكثير من قصص الأمن الوطني التي تفوتنا - وهي قصص تمثل على الأقل خطرا على الولايات المتحدة يضارع تطوير سلاح نووي ايراني.
فكر فيما يلي: مازال تنظيم القاعدة عاقد العزم على نسف طائرات وهو حلم ربما تحقق مؤخرا في سيناء. لكن المخاطر الأخرى تشمل الأسلحة النووية الطليقة في باكستان والصواريخ ذات المراحل الثلاث في كوريا الشمالية التي يمكنها أن تصيب الولايات المتحدة والأسلحة الاشعاعية في السوق الروسية السوداء وإمكانية أن يستخدم إرهابيون لهم مصلحة واضحة في الحرب البيولوجية التفشي التالي الرئيسي لمرض معد لتحويل البشر إلى أسلحة.
كل هذه التهديدات تزداد سوءا. وكلها ربما تتسبب في ضرر في الأجل القريب أكبر من الضرر الذي يمكن أن تحدثه ايران.
ولنبدأ بتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية. فما زال أبرز صانعي القنابل في التنظيم ابراهيم حسن العسيري مطلق السراح ومازال يبتكر. قبل ست سنوات ابتكر العسيري زراعة الشحنة المتفجرة. فقد زرع أول قنبلة معروفة من نوعها في شقيقه الذي نسف نفسه أمام الأمير السعودي محمد بن نايف. وفي السنة نفسها كان للعسيري دور في مؤامرة أول مفجر في الملابس الداخلية.
بحلول 2010 كان قد انتقل إلى فكرة جديدة وهي إخفاء متفجرات بلاستيكية في محبرات الطابعات ثم وضعها على متن طائرات شحن. وبعد عامين كان يتعاون مع أطباء لتصميم أساليب جراحية جديدة لزراعة القنابل في الأجساد.
وكون أيا من هذه المؤامرات لم ينجح (حتى الآن) يعد نقطة لصالح مسؤولي مكافحة الارهاب في الولايات المتحدة والدول الحليفة. لكن يتعين أن نكون على حق كل مرة. فكل ما يحتاج إليه العسيري هو أن يكون محظوظا مرة واحدة.
من ناحية أخرى فإن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يعمل على اقتطاع ملاذ آمن له في اليمن الذي أصابه التداعي. وبينما تحاول الحملة الجوية السعودية التصدي لمتمردين في اليمن تدعمهم ايران فإنها مكنت المتطرفين السنة بما في ذلك القاعدة والدولة الاسلامية. وستتيح الفوضى للعسيري وتلاميذه مجالا أكبر لممارسة أعمالهم.
كما تباهت الدولة الاسلامية هذا الصيف بأن بوسعها شراء سلاح نووي من باكستان. وهذا التلميح مزعج في ضوء ما تملكه باكستان من مخزون متنام وتاريخها في الانتشار النووي. وحتى إذا تجاهلت خطر تعمد نقل السلاح -وكثير من المسؤولين الباكستانيين لهم سجل في التعامل المزدوج مع الجماعات الارهابية- فإن باكستان دولة مازالت تنقل الأسلحة النووية في سيارات فان على الطرق البرية.
كما أنها البلد صاحب أسرع ترسانات العالم النووية نموا. وعندما زار رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف واشنطن الشهر الماضي فشل في تبديد المخاوف الأمريكية بشأن قابلية سقوط برامج الأسلحة لدى بلاده في أيد أخرى. والزعماء في واشنطن ونيودلهي على حق في شعورهم بالانزعاج بشأن حديث باكستان عن تطوير أسلحة نووية تكتيكية للاستخدام في ساحات القتال. فلن تمثل هذه الأسلحة فقط مخاطرة بتصعيد الصراع بين الهند وباكستان بل إن الدولة الاسلامية وطالبان والقاعدة ستصبح مغرمة بها.
وفي الشرق استأنفت كوريا الشمالية تشغيل مفاعلها في يونجبيون وأنتجت صاروخا جديدا طويل المدى ربما يكون قادرا على إصابة الولايات المتحدة. ولم تبد مملكة النساك هذه أي بادرة على الحد من عدوانها وربما كانت تستعد لاختبارها النووي الرابع. كما أنها مشهورة بتهريب السلاح والانتشار النووي. ففي عام 2007 دمرت اسرائيل مفاعلا نوويا سوريا كوريا شماليا في منطقة تسيطر عليها الآن الدولة الاسلامية. واذا حقق نظام كيم تقدما فيما يتعلق بأسلحته من برامج الدمار الشامل فإن هذا التقدم النووي والكيماوي والبيولوجي يمثل مخاطرة بوقوعه في أيد إرهابية في مختلف أنحاء العالم.
كذلك فإن تهريب السلاح النووي نشاط جيد في أوروبا الشرقية وخاصة في مولدوفا التي لم تفعل شيئا يذكر للسوق السوداء. ويتردد أن تجارا روسا مجرمين يسعون بهمة للوصول إلى مشترين من الجهاديين لاسيما من يتطلعون لإلحاق الأذى بالغرب. وفي سوريا حيث جمد التدخل الروسي الوضع القائم الكارثي لا تزال الحرب الكيماوية مستمرة. وتتيح الدوامة الطاحنة الآن للجماعات السنية المتطرفة معملا لأشد أحلامها سوادا.
كم من الوقت سيمر قبل أن تظهر قنابل الكلور في تركيا أو الأردن أو اسرائيل؟ كم من الوقت سيمر قبل أن تقوم الدولة الاسلامية بتجميع أسلحتها الإشعاعية متمثلة في قنبلة قذرة موجهة إلى أنقرة أو عمان أو تل أبيب؟
وفي تقرير جديد تحذر اللجنة الرفيعة الخاصة لدراسة الدفاع البيولوجي من أننا لا نولي اهتماما كافيا للمرحلة الثالثة من ثلاثي أسلحة الدمار الشامل أي الحرب الجرثومية. وهذا الأسبوع قال السناتور السابق جو ليبرمان الرئيس المشارك للجنة والرئيس السابق للجنة الأمن الداخلي في مجلس الشيوخ إنه مندهش لأنه لم تعلن أي جماعة جهادية أن الولايات المتحدة غير مستعدة وعلى نحو خطير لمواجهة مؤامرات أقل تعقيدا مما قد يظن أغلب الناس.
إن سعي الدولة الإسلامية لاظهار الوحشية -بحرق بعض الأسرى أحياء وقطع رؤوس آخرين وتعذيب غيرهم بل واستعبادهم- لا يدع مجالا للشك أن تلك الجماعة المتطرفة قد تكون على استعداد لاستخدام المواد السامة والجراثيم والمواد المشعة في مؤامرة دولية كبرى. كما أن سهولة وصولها إلى مراكز سكانية كبرى في الشرق الأوسط تشير إلى إمكانية إحداث ضرر كارثي.
وعلى صناع السياسات أن يفكروا أن الذئب المنفرد المسلح بسكين والذي تحول إلى التشدد في الدور السفلي ببيته قد لا يكون الخطر الوحيد لهذا العصر في الأجل القصير.
إن مكافحة الإرهاب علم من العلوم لأسوأ السيناريوهات. فخطر مؤامرة تحدث تحولا كبيرا دائما خطر محدود لكن نوع الأحداث الطارئة التي يمكن أن تعيد تشكيل المنطقة يبدو أكثر واقعية اليوم. ومن الأفضل أن نبالغ في تقدير الخطر الان على قراءته في صحف الغد.
اضف تعليق