هل بدأت نهاية داعش الفعلية، وهل ستتضافر الجهود الدولية، لكبح جماح هذا التنظيم الاجرامي في العراق وسوريا وغيرها من بلدان المنطقة؟، أم أن تحفظ المجتمع الدولي إزاء التعاون مع سوريا وتناقض المواقف مع العراق هو الذي أدى إلى ديمومة هذا التنظيم في الشرق الاوسط؟، الاجابة على هذه التساؤلات الجوهرية تبزر من خلال التطورات الاخيرة على الصعيدين السياسي والامني في منطقة الشرق الاوسط، وذلك بدءً من مقتل فاضل أحمد الحيالي "الرجل الثاني" في تنظيم داعش، وسعي ايران إلى الانضمام إلى التحالف المواجه ضد داعش خصوصا بعد التوصل مع امريكا والقوى الكبرى إلى اتفاقية حول الملف النووي البالغ التعقيد، لذا يتساءل المراقبون لماذا لا يمكن التوصل إلى اتفاق بشأن محاربة ارهاب تنظيم داعش، ما دامت المصالح مشتركة بين جميع الاطراف الاقليمية والدولية.
الى جانب ذلك وفي تطور ملفت دعا تنظيم "داعش" الأتراك لإسقاط الرئيس أردوغان في "إعلان حرب" سيزيد من تعقيدات الوضع بتركيا، فهل يعني هذا التطور نهاية ما يمكن تسميته بـ "التحالف غير المعلن" القائم على غض الطرف بين أنقرة والتنظيم الإرهابي؟.
لكن في الوقت نفسه لايزال التصدي لداعش في ليبيا ليس بالمستوى المناسب، فضلا عن استمراره في جذب الارهابيين من مختلف دول العالم مع سلاح الاعلام والدعم الخفي من بعض الاطراف التي لها مصلحة في استمرار الفوضى في الشرق الاوسط.
لذا تضفي التساؤلات انفة الذكر بان الصراع مع تنظيم داعش الارهابي من أصبح الأولويات الأمنية للمجتمع الدولي ولأمريكا وايران على نحو الخصوص، وذلك أثر تهديدات المستمرة من قلب النزاعات في سوريا والعراق.
وعليه يرى الكثير من المحللين أن ما يجري في الحرب ضد داعش في العراق وسوريا هو ضربات تحت الحزام لداعش تنبأ بانتصارات عسكرية ميدانية من المرجح ان تغير في الموازين أمنيا وهذا يعني بداية نهاية داعش باتت وشيكة، مما سيدحض اهم اهداف مؤسسي داعش الساعين لإذكاء حرب استنزاف في الشرق الاوسط برمته من أجل استمرار العنف والاحتراب والاضطرابات على كل المستويات، لتحقيق أجندة بعض الدول الاقليمية والدولية الساعية لتغيير الشرق الاوسط من خلال داعش او بالأحرى اعادة تقسيمه على غرار التقسيم في سايكس بيكو بداية القرن الماضي، لكن الهدف الاول هو استنزاف هذه الشعوب وسلب ثرواتها ومحو تراثها الحضاري والديني وحماية اسرائيل، فالمنطقة اليوم هي منطقة ملتهبة متوترة ليس فيها حلول مطروحة ويبدو أن هذا الأمر سيستمر لعدة سنوات وهي معرضة أيضا لإمكانية التقسيم في بعض بلدانها إلى أن تتغير معادلات ميدانية وتتوقف بعض المواقف الخاطئة التي تعطي فرصة للإرهاب التكفيري ليستمر، وهذا يعني أن المعركة مفتوحة في الزمان والمكان والمراحل.
مقتل "الرجل الثاني" في تنظيم داعش
في سياق متصل أعلن البيت الأبيض أن الرجل الثاني في تنظيم "الدولة الإسلامية"، فاضل أحمد الحيالي، قُتل في غارة أمريكية شمالي العراق، وقال مسؤولون أمريكيون إن الحيالي قُتل في هجوم على سيارته في مدينة الموصل، وإن موته سيضر عمليات التنظيم، وخلال الأشهر القليلة الماضية، قُتل عدد من قادة التنظيم في غارات جوية شنها التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، في سوريا والعراق.
وكان الحيالي منسقا رئيسيا لعمليات نقل كميات ضخمة من الأسلحة والمتفجرات وأعداد كبيرة من المركبات والأشخاص بين العراق وسوريا، حسبما قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي في بيان، وأضاف المتحدث نيد برايس إن الحيالي لعب في العراق "دورا فعالا في تخطيط عمليات خلال العامين الماضيين، منها هجوم تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل في يونيو 2014"، ووُصف الحيالي بأنه "النائب الأبرز" لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، الذي أفادت تقارير بأنه أُصيب إصابة بالغة في غارة جوية أخرى نفذها التحالف في مارس/ آذار. بحسب البي بي سي.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي إن "موت الحيالي سيؤثر سلبا على عمليات داعش حيث أن نفوذه كان يمتد إلى التمويل والإعلام والعمليات واللوجستيات الخاصة بالدولة الإسلامية"، وفي الغارة نفسها، قُتل شخص آخر، يُدعى أبو عبد الله، كان مسؤولا عن تنسيق أنشطة الإعلام الخاصة بالتنظيم، بحسب البيت الأبيض.
ويأتي الإعلان الأمريكي بعد أشهر من إعلان مسؤولي وزارة الدفاع العراقية مقتل "الرجل الثاني" في التنظيم، عبد الرحمن مصطفى محمد، في غارة جوية شمالي العراق.
وكان محمد، المعروف كذلك باسم أبو علاء العفري، داخل مسجد تعرض لغارة جوية في تلعفر في مايو/ أيار، بحسب المسؤولين، وفي ذلك الحين، أفادت تقارير بأن العفري كان قد تولى مؤقتا عمليات تنظيم "الدولة الإسلامية" وسط أنباء عن أن البغدادي أصبح مُقعدا، وفي يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت الولايات المتحدة أن أكثر من 10 آلاف مقاتل تابع للتنظيم قتلوا منذ بدء التحالف الدولي حملته الصيف الماضي.
إيران بوسعها هزيمة داعش
على صعيد ذي صلة نشرت صحيفة الاندبندنت موضوعا يحمل عنوان ايران بوسعها هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية"، يقول كاتب الموضوع "كيم سنغوبتا" إن إيران تمارس ضغوطا على الدول المجاورة ليسمحوا لها بمساعدة التحالف الذي يواجه التنظيم المتطرف في العراق. بل ويحاولون – في تحول بالغ الدلالة في سياستهم الخارجية – الانضمام إلى التحالف الدولي الذي يواجه التنظيم. وهو ما قد يمثل تحولا كبيرا في مسار الحرب في سوريا، على حد قول كاتب المقال.
يذكر سنغوبتا أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ناقش خلال زيارته إلى موسكو، خلال الأسبوع الحالي، انضمام إيران إلى التحالف. كما قام ظريف بزيارات إلى لبنان والكويت وقطر، كما قام نائب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان بزيارة إلى السعودية لبحث موضوع تنظيم "الدولة الاسلامية". بحسب البي بي سي.
وتقوم إيران بدور في محاربة التنظيم في العراق بشكل من التنسيق – الذي يفرضه الأمر الواقع - مع واشنطن، وتصر الدولتان على أنه ليس ثمة تخطيط عسكري مشترك بينهما.
وينقل الكاتب قول وزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف الشهر الماضي إن توقيع الاتفاق النووي "أزال العقبة - المصطنعة إلى حد كبير – في سبيل تكوين تحالف أكبر لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية"، أما فدريكا موغريني، الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فقالت إن الاتفاق مع إيران "يفتح الطريق لمزيد من الثقة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية".
هل يتلكأ العالم في التصدي لداعش في ليبيا؟
من جهة أخرى حمل مندوب ليبيا الدائم في الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي المجتمع الدولي ومجلس الأمن مسؤولية "المذبحة" التي ارتُكبت في سرت خلال الأيام القليلة الماضية، ذلك لرفضهم تسليح الجيش الليبي بالقدر الذي يؤهله لصد مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" على حد قوله، وأضاف الدباشي في مقابلة أجراها مع صحيفة الشرق الأوسط بالقول إن "مجلس الأمن لن يوافق على تسليح الجيش الليبي قبل تشكيل حكومة وفاق وطني حتى لو احتل داعش كل ليبيا وقطع رؤوس كل الليبيين". بحسب البي بي سي.
ونظراً لتصاعد الاشتباكات في مدينة سرت الساحلية، وورود أنباء عن إعدامات وتمثيل بالجثث من قبل عناصر التنظيم، ناشد رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني المجتمع الدولي مجدداً مجلس الأمن بالتدخل الفوري لوقف "المجازر الوحشية" التي يرتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" بحق أهالي سرت.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جون كيربي، "كما قلنا في السابق، نحن نؤمن أن أفضل طريقة لهزيمة الإرهاب في ليبيا وتأسيس مناخ آمن لكل الليبيين هو عن طريق الشراكة مع حكومة ليبية ملتزمة وموحدة"، على صعيد آخر، حذر وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، من تحول ليبيا إلى صومال ثانية ما لم يتم التوصل خلال أسابيع إلى اتفاق بين الأطراف الليبية المتنازعة عبر محادثات السلام بإشراف أممي.
اضف تعليق