كان هناك بدون شك تقصير حكومي امريكي هائل في عدم اخذ تنظيم القاعدة على محمل الجد وفي عدم مشاركة المعلومات من قبل المخابرات المركزية مع مكتب التحقيقات الفدرالي وفي عدم ترجمة الرسائل المتنصت عليها بالعربية بسرعة وتفسير معانيها. وقد ادى كل ذلك الى الفشل في اعتقال المنفذين في الوقت المناسب...
حامت حول هجمات 11 ايلول 2001 ومنذ وقوعها وحتى اليوم العديد من نظريات المؤامرة والمعلومات المغلوطة. ولحسن الحظ فان الولايات المتحدة مجتمع يقدس البحث والحقيقة. وعليه فقد شكلت منذ الهجمات ولسنوات تلت عدد غير قليل من لجان التحقيق كان على رأسها اللجنة الوطنية للتحقيق التي قدمت تقريرا مفصلا طبع في كتاب ووزع منه ملايين النسخ وقرأه جزء كبير من الامريكيين وغير الامريكيين ومنهم انا.
والحقيقة ان رواية هذا الحدث الكبير اصبحت معروفة جدا. ومع ذلك فلابأس من التذكير بها. خطط ونفذ هجمات 11 سبتمبر 2001 تنظيم القاعدة وهو تنظيم سلفي متطرف يؤمن بالعنف سبيلا بما في ذلك قتل المدنيين.
وهذه الهجمات كان العقل المدبر لها مهندس باكستاني يدعى خالد الشيخ محمد. وقد فاتح هذا بن لادن بخصوصها في عام 1996 في افغانستان. ووافق بن لادن على تنفيذها في اواخر عام 1998. وبدأ التخطيط واختير المنفذون وكان اغلبهم سعوديون. وانتمى بعضهم لخلية سرية للقاعدة تمركزت في مدينة هامبورغ الالمانية وسميت بخلية هامبورغ.
وادخل المنفذون تباعا الى امريكا وتدرب بعضهم على الطيران في معاهد الطيران فيها، وفي يوم 11 سبتمبر اختطف المنفذون 4 طائرات ركاب وسيطروا عليها وضربت اثنتان منها برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وضربت اخرى احد اضلاع مبنى وزارة الدفاع الامريكية في ضواحي واشنطن العاصمة.
في حين تحطمت الطائرة الرابعة في ولاية بنسلفانيا بعد معركة مع الركاب، سرد المؤمنون بنظريات المؤامرة سلسلة طويلة من الخرافات عن هذه الهجمات.
منها مثلا ان اسرائيل نفذتها وان اليهود العاملين في البرجين لم يلتحقوا بالعمل في ذلك اليوم. والحقيقة ان ما لايقل عن 270 يهودي قتل في الهجمات وليس لاسرائيل اي علاقة بها ولم يتم تحذير اليهود.
كما قيل ان بن لادن كان عميلا امريكيا والحقيقة ان بن لادن - رغم كرهي له - لم يكن في يوم من الايام عميلا لاي احد. فهو رجل ثري واحد ورثة احد اغنى رجال الاعمال في السعودية. وقد شارك في الحرب الافغانية بدافع عقائدي صرف حيث شارك كمقاول بناء وكمحارب او زعيم. وحينها كانت الحكومتين الامريكية والسعودية تدعمان المقاتلين الافغان لانهم قاتلوا ضد الاتحاد السوفييتي. ولم يكن بن لادن باي حال من الاحوال على اي علاقة بالامريكيين.
اتهم البعض الحكومة الامريكية بتدبير الهجمات وظهر كتاب سخيف يزعم ان البنتاغون لم يضرب. والحقيقة ان زملائي في صحيفة النيويورك تايمز بما فيهم مديري السابق والصحفي الذي تعلمت منه الصحافة الاستقصائية كتب سلسلة تحقيقات عن الهجمات ورشح لارفع جائزة ادبية وصحفية في امريكا لتحقيقاته تلك. ولو كان هناك ادنى شك بوجود مؤامرة حكومية لاقام هذا الصحفي الدنيا.
كان هناك بدون شك تقصير حكومي امريكي هائل في عدم اخذ تنظيم القاعدة على محمل الجد وفي عدم مشاركة المعلومات من قبل المخابرات المركزية مع مكتب التحقيقات الفدرالي وفي عدم ترجمة الرسائل المتنصت عليها بالعربية بسرعة وتفسير معانيها. وقد ادى كل ذلك الى الفشل في اعتقال المنفذين في الوقت المناسب.
كما انه ثمة اعتقاد لدى البعض ان الحكومة السعودية متورطة بهذه الهجمات وهذا كلام غير دقيق. هناك تورط لموظفين حكوميين سعوديين في تسهيل منح جوازات لبعض منفذي الهجمات لكن هؤلاء الموظفين لم يكونوا على علم بخطة الهجمات كما انهم لم يتصرفوا بالنيابة وباوامر من الحكومة السعودية.
واخيرا يجب التذكير ايضا انه قتل في الهجمات ما لايقل عن 30 مسلم.
اضف تعليق