المشكلة الحقيقة تكمن في ان الاتفاق السعودي الاماراتي والاختلاف كذلك اصبحا يشكلان مشكلة تنعكس بصورة سلبية على الاوضاع الداخلية في اليمن ونشوب اقتتال يمني يمني لا جدوى منه سوى تكبد الخسائر الفادحة وهدر المزيد من الدماء، الاوضاع الدائرة في اليمن خرجت عن سيطرة لعبة الأمم...
اليمن السعيد عبارة لطالما قرأنها في الصحف وعلى شاشات التلفاز في برامج مختلفة تستعرض الجمال اليمني وعلى مختلف الاصعدة، حيث تتمتع البلاد بحياة هادئة طيبة.
هذه السكينة لم تنعم بها البلاد طويلا فقد امتدت يد التغيير لتنال من استقرارها، حيث عصفت الخلافات وتجاذبت الحركات وانتفض المواطن الباحث عن وسيلة لاستعادة حقوقه.
السعادة الموصومة بها اليمن اخذت بالذوبان شيئأ فشيئ لاسيما في عام 2015 بعد قيام السعودية تشكيل التحالف العربي بحجة اعادة الشرعية في العلن ولكن في الحقيقة هو لابعاد النفوذ الايراني من المنطقة قدر الامكان.
تطورات في المواقف بعد سنوات من الحرب التي لم يتمخض عنها شيئ سوى الدمار والخراب، اذ تتمثل اهم تلك التغييرات هو انسحاب الامارات العربية من التحالف بعد تأكدها من عدم جدواه.
بعد ان كانوا شركاء اصبحوا اليوم اعداء هذا ما يمكن ان يطلق على طبيعة العلاقة بين السعودية والامارات الذين اختلفوا بشكل تدريجي وحل البرود محل التكاتف والقوة في بادئ الامر، وهذا نابع من تغير سياسات شركاء التحالف العربي، اذ من الواضح ان ثمة مسار في المملكة العربية السعودية اصبح مختلف عن المسار في دولة الامارات، وهذا ما يفسر دعم الامارات لقوى المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن الذي وصف ما قام به مؤخرا بالانقلاب على الشرعية.
المشكلة الحقيقة تكمن في ان الاتفاق السعودي الاماراتي والاختلاف كذلك اصبحا يشكلان مشكلة تنعكس بصورة سلبية على الاوضاع الداخلية في اليمن ونشوب اقتتال يمني يمني لا جدوى منه سوى تكبد الخسائر الفادحة وهدر المزيد من الدماء.
الاوضاع الدائرة في اليمن خرجت عن سيطرة لعبة الامم التي تريد من تدخلها الحصول على قوة معنوية وكيان دولي الى جانب القوى الدولية القائمة وهنا اعني السعودية بشكل مباشر.
اذا استطاع المجلس الانتقالي من تثبيت سيطرته في الجنوب اليمني فهو يعني الفشل السعودي الذريع في دعم الشرعية التي اطلقت تحالفها العربي من اجلها منذ عام 2015 ولغاية الآن وهو جل ما تخشى وقوعه في المرحلة الآنية.
في حال تم انفصال الجنوب اليمني عن شماله لا توجد ضمانات ومعطيات تدلل على الاستقرار الذي سيعم البلاد والامثلة على ذلك كثيرة فلو لاحظنا انعكاسات انفصال الجنوب السوداني عن شماله وكذلك اقليم كتلونيا وغيرها فلا نجد هنالك استقرار في المناطق المنفصلة وهو ما يجعل اغلب اليمنيين متخوفين من ان تعم الفوضى وعدم السيطرة على الامن في عموم البلاد.
الخلافات السعودية الاماراتية تعكس مدى الهوة الكبيرة بينهما وكذلك تعكس فشل حكومة هادي في السيطرة حتى على الاراضي التي كانت تحت تحكم قوات التحالف العربي كما ويشي بتغلب جماعة انصار الله في المعادلات الحسابية، فعدم النجاح ولو بشكل نسبي في اعادة الشرعية ستدفع دول التحالف الفاتورة باهضة لا على المستوى العسكري فقط وانما على المستوى المكانة الاقليمية للبلدين.
الرياض وابو ظبي قادرتان وبسهولة على احتواء الاوضاع ولملمة الامور، لاسيما وان المجلس الانتقالي الذي تدعمه الامارات لم يلبي طموحات الحركة الشعبية في الجنوب واصبح اداة تحركها القوى الخارجية، لو نتمعا قليلا في التصريحات التي خرجت من الامارات المؤكدة على ان الامور يجب ان تحل بالسياسية وهو ما يعني هنالك امكانية كبيرة لعودة الطرفين الى طاولة النقاشات والتفاهمات وحل الخلافات حول الطموحات السياسية في اليمن ليس اكثر، ومن اجل ذلك تم عقد اجتماعات حثيثة في السعودية بعد توجيه الحكومة اليمنية أصابع الاتهام إلى الإمارات لدعمها ما وصفته بالانقلاب على الشرعية من خلال المجلس الانتقالي في عدن.
ما يثير الاستغراب هو قيام انظمام الامارات في التحالف العربي الذي اكد هدفه هو اعادة الشرعية في اليمن بينما نرى اليوم احد اطراف التحالف واللاعبين الاساسين هو من يدعم بعض الجهات للقيام بأنقلاب على الحكومة الشرعية في عدن، وهذا ما يؤكد صراحة عمق الاختلاف في وجهات النظر بين الرياض وابو ظبي.
الخطوات الاماراتية المتسارعة هي من جعلت السعودية تطالب بتغليب لغة العقل والركون الى الحوارات التي تسهم في اعادة الشرعية الى اليمن بعيدا عن المناكفات.
الامارات عندما انفقت ملايين الدولارات وضحت ببعض عناصرها العسكرية فضلا عن مشاركة طيرانها الفاعلة في الغطاء الجوي، وهي ذاتها اليوم تقوم بدعم قوات لاسقاط حكومة عبد ربة منصور هادي هذا يفسر انها تريد ان تقول انتهى العمر الافتراضي لحكومة هادي الذي ليس لدية القدرة على عمل توازان في العلاقات مع التحالف والمجتمع الدولي بصورة عامة ما كبلها خسائر كبيرة مع غياب الانجاز بشكل واضح.
بقاء هادي يدير دفة الحكم وتحالفه مع جهات لا ترضى عنها الامارات جعلها تسير بطريق يوازي الطريق الذي سلكه الحوثي بهدف تحقيق المبتغى والاهداف المنشودة واولها اسقاط هادي والمجيئ ببديل يحضى بمقبولية من قبل اطراف التحالف ومن ثم سيحصل على الدعم الكافي للقضاء على الحركات المتمردة او الخارجة عن القانون من وجهة نظرهم.
ذهاب الشيخ محمد بن زايد ولقاءه بالملك سلمان بن عبد العزيز يعطي اشارة واضحة الى تخوف الطرفين من قوة الحوثي نتيجة هذا الخلاف الذي ظهر للعلن واتخاذه اللقاء نقطة للتحول الذي يتناسب والمرحلة الحالية وتوحيد المواقف ضد جماعة انصار الله.
من جهة اخرى هنالك تناغم كبير في المرحلة الراهنة بين المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه الامارات وجماعة الحوثي وربما تصل الامور الى تحقيق الرؤية الراغبة لاقامة اليمن الجنوبي بقيادة المجلس واليمن الشمالي تحت سيطرة الحوثي وشق الوحدة اليمينة والعودة الى يمن ما قبل عام 1990التي لا يريد التحالف العودة اليها.
اضف تعليق